أغرب معركة في التاريخ| حرب دامية بين اليونان وبلغاريا.. والسبب «كلب»

 أغرب معركة تاريخية
أغرب معركة تاريخية

تتحرك جيوش ومعدات ويتم إعلان حالة الاستنفار العام وتتقدم دول للحرب وتكون النتيجة تدمير قرى وضحايا من الجانبين.. بالتأكيد سيناريو صعب ولكن عاشته الكثير من الدول، والتي غالبا ما يكون دافعها مصالح سياسية أو توسعة أراضي رغبة في السيطرة على موارد أو اقتصاد دولة أخرى أو حتى لمجرد اثبات قوة والدخول ضمن قائمة الكبار فالمنطق لا يتقبل أن يتحرك جيش للحرب سوى لهذه الأسباب.

ولكن هناك واحدة من أغرب حروب التاريخ والتي خرجت عن المنطق، حيث في عام 1925 اجتاحت الجيوش اليونانية الأراضي البلغارية وإعلان الحرب والسبب كلب ضل طريقه وعبر الحدود!.. صحيح أن سبب شرارة الحرب كلب ولكن تاريخ العداوة بين البلدين هو من دفعها للدخول في حرب كهذه استمرت 11 يوما.

 

وتأتي بداية القصة، بحسب موقع "war history"، أن بلغاريا واليونان كانتا ضمن الدول الواقعة تحت سيطرة الدولة العثمانية لتحصل اليونان على استقلالها عام 1832 وبلغاريا عام 1908 ومن هنا بدأت العداوة الحقيقية عندما حصلت دول البلقان على استقلالها تنازعت الدولتين على ضم أراضي مقدونيا وتراقيا الغربية لتكون النتيجة حرب البلقان الثانية عام 1913.

غير أنه بسبب قيام الحرب العالمية الأولى انتهت سريعا حرب البلقان وتقسمت الدول فانضمت بلغاريا إلى جانب ألمانيا والنمسا والمجر بينما انضمت اليونان إلى الطرف الرابح دول الحلفاء وكانت مكافأتها في معاهدة "نويي سور سين" بحصولها على الجزء الأكبر من أراضي مقدونيا والسيطرة على تراقيا الغربية لتخرج بلغاريا بلا أي نجاح.

ورفضت بلغاريا الاستسلام لتظل المناوشات بين الدولتين قائمة والغارات مستمرة والنوايا ليست حسنة فكانت دائما ما تشك اليونان أن بلغاريا لديها يد في الحركات الانفصالية التي تطالب باستقلال مقدونيا.

لتأتي لحظة انهيار التوترات ويعبر كل جانب عن غضبه والذي ظل في نفسه سنوات من المناوشات وتكون شرارة بدء الحرب.. كلب ضل طريقه، بحسب موقع "times of India".

ففي يوم 18 أكتوبر من عام 1925 وفي الساعات الأولى من صباح اليوم تبدو الأمور طبيعية ولم تنذر عن قيام أي حرب حتى رأى جندي يوناني متمركز على الحدود اليونانية البلغارية عند ممر "كيمير كابو" في "بلاتسيتسا" كلب يعبر الحدود نحو الجانب البلغاري فتحرك الجندي لمنع الكلب من العبور لأسباب غير مفهومة فهو ليس كلب الجندي والمنطق ينفي رغبة إنقاذه من الموت ففي النهاية المناوشات بين البلدين قد أسفرت عن عشرات الجرحى والضحايا ولكنه قرر التحرك خلف الكلب ولكنه لم يدرك أنه يركض وراء موته.

فبمجرد أن رأى جندي بلغاري على الحدود تحرك الجندي اليوناني والتوجه نحوه قتله على الفور لتبدأ حرب "الكلب الضال" كما ذكرها التاريخ فعلى الفور بدأ تبادل إطلاق النار بين الجانبين وفي فترة الهدوء تحرك قبطان يوناني ومعه ضابط في المنطقة المحرمة رافعين علامة بيضاء لتحقيق الهدوء ليقوم الجانب البلغاري بقتل القبطان وإصابة الضابط ولتقدم بلغاريا اعتذار رسمي وتذكر في بيانها أن إطلاق النار كان نتيجة لسوء فهم واضح وتشكيل لجنة من الضباط البلغاريين واليونانيين للتحقيق في الحادث.

كان من الممكن أن ينتهي الأمر بالتحقيق ويتوقف عند هذا الحد ولكن مع قائد مثل "ثيودوروس بانجالوس" والبالغ من العمر 47 عاما الملازم اليوناني العام والذي أطاح بملك اليونان قسطنطين الأول لإعلان الجمهورية لم ينته الأمر بهذه السهولة فقد قرر أن هذا الأمر هو دليل إضافي على خيانة بلغاريا التي أرادت أن تعبر عن قوتها.

أصدر القائد اليوناني إنذارا نهائيا لبلغاريا في خلال 48 ساعة تقوم بمعاقبة المسؤولين مع تقديم اعتذار رسمي و2 مليون فرنك فرنسي كتعويض لأسر الضحايا رافضا أي وساطة طالما بقيت القوات البلغارية على الأراضي اليونانية. 

وبعد رفض بلغاريا دفع التعويض بدأت الحرب بشكل رسمي فأصدر "ثيودورس" أوامره بتحرك الجيش اليوناني لاجتياح الأراضي البلغارية وقد كان عبر الجيش اليوناني دفاعات الجيش البلغاري وتوغل في أعماق قلب بلغاريا تاركا وراءه مدن مدمرة وفضل الجيش البلغاري عدم المخاطرة بإراقة مزيد من الدماء وقرروا الانسحاب والإخلاء على القتال.

اقرأ ايضا

في عيد ميلاده.. لعنة رقم 10 تلاحق زملاء «الخطيب»

وبعد 11 يوما من بقاء القوات اليونانية على الأراضي البلغارية ومع استمرار تقدمها طلبت بلغاريا من عصبة الأمم التدخل وبالفعل توسطت عصبة الأمم لإنهاء الحرب وأمرت العصبة بوقف فوري لإطلاق النار كما طلبوا من القوات اليونانية الانسحاب من بلغاريا مع دفع 45 ألف جنيه إسترليني تعويض لبلغاريا بعد أن قتلت القوات اليونانية ما يزيد على 50 مدنيا بلغاريا.

وعلى الرغم من اعتراض اليونان في البداية واحتجاجها على عدم المساواة بين معاملتها ومعاملة إيطاليا خلال حادثة "كورفو "عام 1923 م والذي احتلت فيه القوات الإيطالية الجزيرة اليونانية في السابق بشكل غير تكلفت اليونان بدفع تعويضات الحرب رغم أنها المعتدى عليها.

وفي نهاية الأمر قبلت اليونان قرار وقف إطلاق النار وأرسل مجلس عصبة الأمم ملحقين من إيطاليا وفرنسا وبريطانيا للتأكد من توقفت الأعمال العدائية وتسجيل انسحاب القوات اليونانية.