الاستراتيجية البريطانية

لمنع الفيضانات والحرائق.. هل يصل العالم إلى «صافي صفر» من الانبعاثات الضارة؟

خفض الانبعاثات
خفض الانبعاثات


ترددت جملة «خطة الصفر» مئات المرات فى كل ما يكتب ويذاع فى وسائل الإعلام البريطانية حول أزمة المناخ ومؤتمر المناخ الذى تستضيفه المملكة المتحدة، فى إشارة إلى خطة صافى الصفر من الانبعاثات الضارة، وهى الخطة التى تستهدف تخفيض انبعاث غاز الدفيئة Green House Gas أو الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحرارى Global Warming  حتى تصل هذه الانبعاثات إلى الصفر بقدوم عام 2050 ويتم التحول إلى اقتصاد خال من الكربون. ويعنى تحقيق صافى الصفر أن المملكة المتحدة لن تضيف بعد الآن إلى الكمية الإجمالية لغازات الدفيئة فى الغلاف الجوي.

قبل انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP26 فى مدينة جلاسكو بإسكتلندا، حرصت وسائل الإعلام البريطانية على إفراد مساحات واسعة للحديث عن هذا المؤتمر وعن أزمة المناخ فى العالم بشكل عام وفى المملكة المتحدة بشكل خاص، وتدور تساؤلات وانتقادات واسعة النطاق حول استراتيجية الحكومة البريطانية الخاصة بالمناخ، خاصة أنها الدولة التى تستضيف هذا المحفل الكبير الذى يحضره ما يقرب من 200 دولة من دول العالم، وفى ظل عدم اتفاق واضح بين الدول الكبرى حول التعاون فى مواجهة ظاهرة الاحتباس الحرارى وما ينتج عنها من كوارث وما يتوقعه العلماء حول مستقبل العالم فى ظل تفاقم هذه الظاهرة.

وتشتمل تلك الإستراتيجية البريطانية الجديدة على خطط فرعية وإجراءات كثيرة من بينها التحول إلى السيارات الكهربائية وتغيير أنظمة التدفئة بالمنازل.
وقد أعلنت المملكة المتحدة عن هذه الاستراتيجية يوم 19 أكتوبر الجارى قبل 12 يوما من انعقاد مؤتمر المناخ فى اسكتلندا.

كما أعلن بوريس جونسون والشريك المؤسس لشركة مايكروسوفت بيل جيتس عن شراكة بقيمة 400 مليون جنيه استرلينى لتعزيز الاستثمار الأخضر. ونقلت وسائل الاعلام قول جيتس إن هذه الأموال ستخصص لتمويل التقنيات النظيفة وخفض تكاليفها «حتى يتمكنوا من التنافس مع المنتجات عالية الانبعاثات التى يتم استخدامها اليوم واستبدالها».

وأوردت الصحف ان المملكة المتحدة قد أحرزت تقدمًا فعليا فى خفض الانبعاثات مقارنة بالمستويات التى كانت موجودة عام 1990 حيث انخفضت بنسبة 40 فى المائة عام 2019

ومن خلال الاستراتيجية الجديدة ستقوم الحكومة البريطانية بالدفع بشدة فى اتجاه استخدام السيارات الكهربائية لإجراء تحول كبير نحو اقتصاد خالٍ من الكربون،وسوف تستثمر 620 مليون جنيه إسترلينى فى منح خاصة بالسيارات الكهربائية ونقاط الشحن فى الشوارع وسوف تقوم بتكليف صانعى السيارات ببيع نسبة من السيارات النظيفة كل عام، كما ستقدم 350 مليون جنيه إسترلينى إضافى لمساعدة سلسلة التوريد الخاصة بالسيارات للتحول إلى الكهرباء.


وفى الوثيقة المؤلفة من 368 صفحة، يقول بوريس جونسون إن الهدف منها هو «مواجهة حالة الطوارئ المناخية العالمية، ليس بإجراءات مذعورة أو قصيرة المدى أو مدمرة للذات ولكن بخطط طويلة الأجل تعود بالنفع على بريطانيا وعلى العالم.

ورغم أن الاستراتيجية البريطانية الجديدة تواجه بالكثير من التشكيك والتهكم وعدم الثقة، ورغم أن مجموعة أصدقاء الأرض تنتقد الاستراتيجية الجديدة وتقول إنها مليئة بالثغرات، إلا أن الجميع يتفق على خطورة أزمة المناخ وضرورة تحرك دول العالم لمواجهة المخاطر المستقبلية التى ستنتج عن ظاهرة الاحتباس الحرارى خاصة فى ظل وقوع العديد من الكوارث الأشهر الماضية مثل الفيضانات وحرائق الغابات. وتقول الصحف إنه بدون اتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ، سيواجه العالم كوكبًا أكثر سخونة ويواجه ارتفاعًا فى مستوى سطح البحر وطقسًا شديدًا يهدد العديد من أشكال الحياة.

وفى توضيحها لأهمية استراتيجية الصفر التى وضعتها، تقول الحكومة البريطانية إن المملكة المتحدة تشهد آثار الغازات التى تزيد من الاحتباس الحرارى الناتجة عن تدفئة المنازل وحرق الوقود الأحفورى ومن بين هذه الآثار فى المملكة المتحدة الفيضانات المدمرة التى وقعت فى الغرب فى يناير والأمطار الغزيرة التى غمرت محطات المترو فى وقت سابق من هذا الصيف.

وقالت إن البروتوكول العالمى الخاص بالتغير المناخى IPCC الصادر مؤخرا أكد أنه إذا فشلنا فى الحد من الاحترار العالمى إلى 1.5 درجة مئوية فوق ما قبل العصر الصناعي، فسوف نشهد فيضانات وحرائق أكثر شراسة وتدميرا من التى شهدناها حول العالم هذا العام. وإن الخبر السار هو أن الفرصة لا تزال موجودة أمام العالم للحد من الانبعاثات إلى أقرب نقطة من الصفر من خلال سحب محركات البنزين من السيارات ووقف قطع الغابات واستخدام تكنولوجيا احتجاز الكربون.

وقال رئيس الوزراء بوريس جونسون فى مقدمة هذه الاستراتيجية إن استراتيجية المملكة المتحدة لصافى الصفر هى قيادة العالم نحو وقف التسبب فى تغير المناخ وتحويل هذه المهمة إلى أعظم فرصة للحصول على وظائف وتحقيق الازدهار لدينا من خلال إزالة الوقود الأحفورى القذر من العالم وإنشاء صناعات عالمية جديدة تعتمد على الرياح البحرية واستخدام السيارات واحتجاز الكربون.

وأضاف جونسون أن المملكة المتحدة قد نجحت بالفعل على مدى العقود الثلاثة الماضية فى خفض انبعاثاتها بنسبة 44 فى المائة وان الاستراتيجية البريطانية الجديدة تهدف إلى التعامل مع حالة الطوارئ العالمية من خلال إطلاق العنان لقوة الرأسمالية الخلاقة للتقليل من تكاليف التحول إلى الاقتصاد الأخضر.


وتشتمل الاستراتيجية على أشياء كثيرة فى مجالات الطاقة والصناعة والزراعة والمواصلات وتدفئة المبانى تصب جميعها فى خانة توفير الطاقة النظيفة وتقليل الانبعاثات تدريجيا وهذا سيلتزم ميزانية كبيرة لمعاجة كل جانب من الجوانب.