فرفش كده | «ريش» نعام

 «ريش» نعام
«ريش» نعام

ثم تمدد صاحب العيون التى لم تستو بعد على شيزلونج منحوت من خشب ورد ومبطن بريش النعام، وزم شفتيه وامتعض واطرق: ما كل هذا يا ربى، أكل ذلك يحدث فى وطنى، والله هذا كلام لايليق ومايصحش، لوس انجلوس ليست على هذه الصورة البائسة، معقول كل دول «هوم لس»، لا لا لوس انجلوس مليانة حاجات أهم بكتير خد عندك بفيرلى هليز سكن أغنى وأرقى نجوم العالم، ويونيفرسال ستوديوز، وأجمل شواطئ الدنيا فى سان ديجو، وأهم البنوك ومراكز الأعمال، وتستطيع من سواحلها متابعة أسراب كلب البحر بينما يتزحلق ويغطس ويطفو فى مشهد بديع يتكرر كل عام مرة، وأضاف: ده كفاية بيت مارلين مونرو. 


ثم انتفض فجأة وقال: أنا لا أقبل أن تظهر أمريكا هكذا فلو أننا نتعمد اهانة العلم الأمريكى والرأسمالية العالمية والمحلية والملوخية والله ما كنا سنبرز هذه الحالة، فيكفى مثلا اذا اراد مخرج تجسيد حالة بائسة وألحت عليه الحبكة أن يعطى ظهره للمحيط ويركز على أصحاب الوشوش البائسة الذين لا يملكون ثمن الكاتشاب ويأكلون الهامبورغر حاف ياعينى بدون الصلصة اللذيذة أو تتبيلة «لونج ايلاند» الشهية أو حتى صوص الخردل الأصفر الشقى، واذا أراد بؤسا أكثر فليلقى الضوء على هؤلاء الذين يأكلون الهوت دوج فى عيش أملس بدون سمسم، اللعنة هكذا يكون تقطيع القلب.


أما مناظر الـ«هوم لس» فهى مصطنعة ومفتعلة ولاوجود لها مطلقا، هذه صور يراد بها النيل من البراجماتية والعلمانية والديكتاتورية والمهلبية، خطة.. خطة استعمارية مدبرة تريد الانقضاض على الهيمنة والسيطرة والتوسع وتأتى على الأخضر واليابس، وتمحو آثار نهضتنا وتفتح أبواب الاستعمار من جديد، ثم صرخ: لااا الا لوس انجلوس، وانتفض من على الشيزلونج القلاب فجأة فارتد القلاب فى ظهره بنفس قوة انتفاضته فانكفأ على وجهه.


اعتدل بسرعة ووقف على مشاية من ريش ديك رومى صحته كويسة  وصرخ: مهما تعملوا فيا أنا زى وهتف: «الشمس والتان.. والحب والحنان».


ثم هرع من منزله أعلى التبة المواجهة ونفض ملابسه جيدا وراح يخطب: أيها الناس أفيقوا ما كل هذا التراب لوس أنجلوس بيضاء وهوائها نقى وطقسها حار نار صيفا وسقيع ممطر شتاءً، أنتم فى نعمة يكفى أنكم لاتزالون على قيد الحياة، يكفى أننا نتحملكم حولنا وأنتم لا تدرون كم يزعجنا هذا الأمر، هذه والله تضحية وهذا يكفى، ولا ينبغى أن نُعفر أعيننا بغباركم، أما قصصكم فلا داعى لها، عايزين نفرفش، والله هذه المشاهد أفقدتنا البصر.


وقف المناضل يصرخ بأعلى حس ويزعق جامد فى كل العابرين، وبعدما سبب صداعا للجميع أنهى ضجيجه فجأة بعدما عاد اليه بصره اكتشف انه وحده بلا مشجع وحيد، ولا مصفق يتيم، ولا حتى سميعة.


ورأى ستارا تفتح على صورة أم ماريو.