كنوز | 112 شمعة لذكرى ميلاد الكابتن الذى قال: « الكورة أجوان »

الكابتن لطيف يتوسط الأسطورة « بيليه » والمايسترو صالح سليم
الكابتن لطيف يتوسط الأسطورة « بيليه » والمايسترو صالح سليم

سمعنا وقرأنا عنه كلاعب له صولات وجولات فى البساط الأخضر مع نجوم كبار حققوا إنجازات كروية مازالت تحمل أسماءهم، وعلى صوته الذى كان سيصلنا عبر الراديو وشاشات التلفاز تربينا واستمتعنا وتفاعلنا مع تعليقاته ووصفه للمباريات دون غيره من المعلقين الرياضيين، وممن عاصروه ينسى له عبارته الشهيرة «الكورة اجوان»، وهى حقيقة تعنى أن المباريات تحسب بنتائجها، لأن الكرة عندما تسكن الشباك ترتفع الآهات وترتسم الفرحة على الوجوه وتنتعش الأجساد عندما تقفز فرحا فى الهواء وتلتهب الأكف بالتصفيق والتشجيع. 


عن شيخ المعلقين الكابتن محمد لطيف نتحدث فى ذكرى ميلاده الـ 112، فهو من مواليد 23 أكتوبر 1909 بقرية الزيتون بمحافظة بنى سويف، ونشأ فى حى القلعة بقلب القاهرة، هاويا لكرة القدم منذ نعومة أظافره، ومارس اللعبة فى الحى ثم فى نادى الخليفة قبل التحاقه بالمدرسة الابتدائية، وبرزت موهبته فى لعبة كرة القدم وهو فى سن صغيرة، وكانت أمنيته أن يلعب فى دورى المدارس الذى سمع عنه، فالتحق بمدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية بدرب الجماميز التى يلتصق سورها بالمدرسة الخديوية التى كانت مصنعا لتخريج المواهب فى جميع الألعاب الرياضية والفنون بكل أشكالها أيضا، ولهذا ترك محمد لطيف مدرسة الجمعية الخيرية والتحق بالمدرسة الخديوية، التى كان يلعب فيها مثله الأعلى النجم الكروى حسين حجازى. 


لعب الكابتن لطيف أول مباراة مع المدرسة الخديوية أمام المدرسة السعيدية عام 1927، وبعد هذه المباراة اختاره حسين سليمان مشرف التربية البدنية للعب مع الفريق الأول للمدرسة ضد مختار التتش وعبد الرحمن فوزى ورشاد مراد وجميل رفعت، وقع اختيار حسين حجازى رئيس فريق نادى «المختلط» الزمالك حاليا على محمد لطيف ليلعب معه مقابل ثلاثة قروش هى تكاليف تسجيل خطابين، الأول لاتحاد الكرة، والآخر لنادى «المختلط».


وبعد انضمام محمد لطيف إلى نادى «المختلط»، كان على موعد مع الحظ الذى ابتسم له، فقد كانت أول مباراة له مع ناديه فى مواجهة النادى «الأهلى»، وفى هذه المباراة التى انتهت 1/ صفر لصالح نادى المختلط، سجل محمد لطيف هدف الفوز الوحيد، وعقب هذه المباراة اختاره محمد حيدر باشا وكيل اتحاد الكرة ورئيس نادى « المختلط » ضمن صفوف منتخب مصر.


وإذا كان محمد لطيف قد طاف دول العالم لاعبا ومدربا ومعلقا، فإن أول رحلة له خارج حدود الوطن كانت فى عام 1929 إلى فلسطين، واستغرقت 20 يوما مع منتخب مصر، وأول رحلة له إلى أوروبا كانت مع النادى « الأوليمبى » كضيف شرف، واستغرقت الرحلة شهرا ونصف الشهر قضاها الفريق فى اليونان ويوغوسلافيا وإيطاليا وألمانيا وسويسرا.


ووقع اختيار «مستر ساميسون» مراقب التربية الرياضية بوزارة المعارف على محمد لطيف للسفر إلى انجلترا فى بعثة علمية لدراسة التربية الرياضية والحصول على درجة البكالوريوس من كلية «جوردون هيل» بوصفه أحسن رياضى، واتفق «مستر ساميسون» مع الانجليزى «ماكراى» مدرب منتخب مصر على أن يلعب محمد لطيف فى أكبر أندية اسكتلندا، وهو نادى «الرينجرز» طوال ثلاث سنوات مدة بعثته الرسمية، وأثناء رحلته إلى «جلاسجو» حدث معه موقف طريف حرص كابتن لطيف على تسجيله فى كتابه «الكرة حياتى»، عندما فوجئ بأعداد كبيرة من الصحفيين والمصورين ينتظرونه على محطة القطار الذى كان يقله إلى «جلاسجو»، وظن فى البداية أنهم فى انتظاره لكنه اكتشف أنهم كانوا فى انتظار «هيلا سلاسى» أمبراطور إثيوبيا الذى كان يركب نفس القطار.


استمر الكابتن محمد لطيف فى تجربته مع النادى الاسكتلندى إلى جانب دراسته فى كلية «جوردون هيل»، وحصل على جميع الدراسات التدريبية فى كرة القدم فى انجلترا، وقبل العودة من انجلترا شارك الكابتن محمد لطيف مع منتخب مصر فى « أوليمبياد برلين » التى لعب بها المنتخب أمام النمسا وخسر 1/ 2 وخرج من الدورة، وأثناء وجوده فى انجلترا توطدت علاقته مع الصحفى الانجليزى « ركس » الذى كان يعمل فى جريدة « الصنداى اكسبريس »، وكان أول من أعطاه درسا فى التعليق على مباريات كرة القدم حين طلب منه مشاهدة مباراة لفريق «الرينجرز» والتى لم يلعب فيها للإصابة وحضر هذه المباراة 24 مكفوفا، وجلس « ركس » بينهم فى المدرجات ليذيع المباراة ويصفها للمكفوفين الذين انفعلوا بالوصف، وجعلته هذه المباراة يفكر فى التعليق على المباريات بعد اعتزال كرة القدم فى عام 1945، رغم ممارسته للتحكيم بعد الاعتزال إلى جانب عمله فى مجال التدريب، وفى عام 1937 عاد الكابتن محمد لطيف من بعثته العلمية لمصر وتم تعيينه بإدارة التربية الرياضية بوزارة المعارف، فشارك فى تأسيس معهد التربية الرياضية الذى عمل به محاضرا، وتخرجت منه الدفعة الأولى عام 1940، وعمل كحكم حتى حصل على الشارة الدولية وأدار العديد من المباريات الدولية، وزادت شهرته عندما اتجه عام 1948 إلى مجال التعليق على المباريات من خلال الراديو وظل مرافقا للميكرفون حتى نال لقب «شيخ المعلقين» لما كان يتمتع به من أسلوب مميز خاص به فى التعليق على المباريات وكانت له مفردات كروية خاصة به، وهو أول من أدخل التعليق على كرة القدم بالتليفزيون وكان مراقب عام البرامج الرياضية بالتليفزيون على مدى 16 عاما، وعلق على مباريات كأس العالم منذ عام 1964، وكان تعليقه من الأهمية بمكان خاصة فى مباريات فريقى الزمالك والأهلى، وقد انفرد محمد لطيف بحوار نادر مع ساحر الكرة الأسطورى النجم البرازيلى «بيليه» الملقب بالجوهرة السوداء عندما جاء لمصر عام 1973 للعب مع فريق « سانتوس » البرازيلى أمام النادى الأهلى فى مباراة ودية انتهت بخماسية نظيفة لصالح الفريق البرازيلى، وسجل « بيليه » فى المباراة هدفين كما وعد الصحفيين فى المطار، وحضر الحوار النادر الذى أجراه كابتن لطيف مع « بيليه » المايسترو صالح سليم، وقد بلغ الكابتن لطيف من الشهرة ما جعل السينما تستعين به كمعلق رياضى فى الأفلام التى تم تصويرها ومنها فيلم «غريب فى بيتى» الذى جمع بين نور الشريف وسعاد حسنى، وفيلم « فى الصيف لازم نحب» بطولة صلاح ذو الفقار وسمير غانم، وأفلام أخرى. 


من كتاب «الكرة حياتى»