تقرير خاص| ما مدلول أول طرح استيطاني إسرائيلي بالضفة في عهد «بايدن»؟

جو بايدن
جو بايدن

طرحت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، يوم الأحد الماضي 24 أكتوبر، مناقصات لبناء نحو 1355 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية.

هذا الطرح هو الأول من نوعه منذ تولي جو بايدن مقاليد الحكم في البيت الأبيض، والذي جاء بأجندة مغايرة لسلفه دونالد ترامب، ومضى في تقرير استئناف مباحثات السلام على أمل الوصول إلى "حل الدولتين" بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

لكن قرار مضي إسرائيل قدمًا في مشاريعها الاستيطانية، التي تم الإجماع على أنها غير مشروعة وغير قانونية، كانت بمثابة ضربة موجعة لمخططات الإدارة الأمريكية الرامية إلى حل الدولتين، حسب تصريحاتها منذ قدوم بايدن للحكم.

ومباشرة بعد إعلان إسرائيل طرح المناقصات لتوسع استيطاني جديد، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيانٍ لها، إن "طرح هذه المناقصات هو صفعة إسرائيلية جديدة للإدارة الأمريكية وسياستها الشرق أوسطية، واستهتار صارخ بالمناشدات والمطالبات الأمريكية لدولة الاحتلال بوقف الإجراءات أحادية الجانب بما فيها العمليات الاستيطانية".

واليوم الأربعاء، صادق المجلس الأعلى للتخطيط والبناء في الإدارة المدنية بإسرائيل على بناء 3144 وحدة استيطانية في الضفة الغربية، في خطوةٍ تعتبر بمثابة تحدٍ للإدارة الأمريكية، التي أعلنت رفضها المشاريع الاستيطانية الإسرائيلية الجديدة في الضفة الغربية.

مخطط إسرائيل

وفي غضون ذلك، يقول عبيد المهدي مطاوع، المحلل السياسي الفلسطيني، "إن طرح الحكومة الإسرائيلية مناقصة للبناء الاستيطاني يؤكد أن رئيس الحكومة الإسرائيلي اليميني المتطرف (نفتالي بينيت) يمارس أيديولوجيته ويحاول الخفاظ على ناخبيه اليمينيين، كما أن هذا الإعلان يتزامن مع الحديث المتواتر من الدبلوماسية الأمريكية عن فتح القنصلية في القدس الشرقية والذي يعني ضمنيًا إلغاء القدس كعاصمة موحدة، وفيه إشارة إلى أن تكون القدس مقسمة كعاصمة للدولتين".

ويضيف مطاوع، في تصريحاتٍ لـ"بوابة أخبار اليوم"، أن "هذا يوحي أن الحكومة الإسرائيلية بدأت تخلق الأزمات حتى تضغط لمنع اتخاذ مثل هذه الخطوة من قبل الإدارة الأمريكية".

ويشير مطاوع إلى أن هذا القرار لاقى شجب من كل المجتمع الدولي بما في ذلك الولايات المتحدة، مما أعطى إشارة قوية إلى أنه لم يعد مقبولًا أن تقوم إسرائيل بأفعال تضر بحل الدولتين المتفق عليها دوليًا، حيث لاقت الخطوة شجبًا غير مسبوق منذ عهد إدارة دونالد ترامب.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني أن التنافس الداخلي بين مكونات الحكومة الإسرائيلية هو أحد الأسباب، لافتًا إلى تصريح وزير الخارجية يائير لابيد عن حل الدولتين، الذي رفضه بينيت، معتبرًا أن طرح هذه المناقصة يأتي في إطار الرفض لهذه التصريحات.

ويؤكد مطاوع أنه ما زال اليمين الإسرائيلي هو صاحب اليد العليا ويحاول الضغط بالاستمرار في نفس سياسة بنيامين نتنياهو السابقة.

إمكانية تراجع إسرائيل

وحول احتمالية تراجع إسرائيل عن هذا الطرح في الوقت الراهن، يقول مطاوع: "أعتقد أن تجميد هذه المناقصة للبناء ستأتي في إطار ضغط أمريكي وأوروبي نظرًا لرغبتهما في التمهيد لعودة المحادثات مع الطرف الفلسطيني بما يحقق هدوءًا واستقرارًا في الفترة المقبلة".

ومن جهته، يتوقع أيمن الرقب، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن تتراجع حكومة الاحتلال عن هذه العطاءات حتى لا تُغضب البيت الأبيض، والذي سيكون له موقف رافض بشكل كلي لهذه الخطوة.

ويقول الرقب، لـ"بوابة أخبار اليوم"، "تأجيل العطاء قد يكون الحل الأفضل بالنسبة لحكومة بينيت التي أعلن رئيسها أكثر من مرة أنه لن يعادي البيت الأبيض كما فعل نتنياهو مع إدارة باراك أوباما".

البيت الأبيض وحل الدولتين

وتمثل المشاريع الاستيطانية الجديدة لإسرائيل خطوة للوراء نحو مسعى حل الدولتين، الذي تسعى إليه إدارة بايدن، كما أنها قد تًصنف بمثابة تحدٍ إسرائيليٍ لإدراة الرئيس الأمريكي.

وفي هذا الصدد، يقول أيمن الرقب، إن "البيت الأبيض أصبح على يقين أن حل الدولتين بات بعيدًا في ظل حكومة نفتالي بينيت التي تؤكد يوميًا أنها ضد حد الدولتين وضد عملية السلام من الأصل، وأنها حكومة مهامها الشأن الداخلي".

ويضيف الرقب أن "الإعلان عن عطاءات استيطانية جديدة في الضفة الغربية هو تحدٍ لإدارة بايدن، والتي لن تفعل شيء".

ويلفت الرقب الانتباه إلى أن جو بايدن عندما كان نائبًا لباراك أوباما رفض بشكل مطلق بناء أي وحدة استيطانية، مستطردًا بالقول: "ولكنه عندما أصبح رئيسًا يعجز عن وقف هذا الإجراء الإسرائيلي".

ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة تطورات في هذه القضية في ظل اصطفافٍ وإجماعٍ عربي على التنديد بالمشاريع الاستيطانية الإسرائيلية، كما أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تحدثا بشكلٍ علنيٍ عن رفض الخطوة، ما يجعل تل أبيب تقف في حجر الزاوية منفردة دون ظهيرٍ في هذه القضية، ولو على الصعيد الرسمي والعلني، دون ما يدور وراء الكواليس.

اقرأ أيضًا: خاص| رغم الضغط الأمريكي.. إسرائيل تصادق على بناء 3144 وحدة استيطانية بالضفة