صدى الصوت

عين الضوء!

عمرو الديب
عمرو الديب

لملامحه المليحة الوضيئة، وعينيه النجلاوين المشعتين بريق أخاذ نفوذ على النفوس لا يغلب أبدا، يشق طريقه ممهداً إلى المهج والأرواح، ويأسر القلوب فتنصت إلى منطقه العذب، وتزداد تعلقا به، ولكن الأكثر نفوذاً وتأثيرا على نفوس الأسوياء الذين يلقونه وليس فى قلوبهم مرض، هو تلك السجايا الكريمة التى انفرد بها كيانه الضوئى «المتأنسن»، أى الضوء حين يتشكل إنساناً، وخلقه الرفيع العظيم الذى لم يعرف شبيها ولا نظيرا على مدى الأزمان والعصور، وهذه القدرة العجيبة على الصفح والتجاوز عمن ظلمه، فقد حاز خصيصة تفوق طاقة معظم البشر فى العفو عن المسيئين إليه فى أحلك لحظات حياته الحافلة بالانتصارات والنجاحات، والمليئة بالأوجاع والجراح، عن محمد صلى الله عليه وسلم، رسول الله أتحدث، على مشارف ذكراه العطرة التى تحل غدا متجددة فى قلوب المخلصين، تذكرهم بعطائه ورقته وحنانه، ألم يكن رحمة للعالمين، فما بال هؤلاء الخوارج الأفظاظ القساة يرددون اسمه كثيرا، ولكنهم ـ للأسف- لا يعرفونه، ولا يدركون أنه شقيق الضوء، أو هو الضوء بعينه، فهل يمكن تصور أن الضوء  غليظ كقلوبهم؟ أم حاقد كنفوسهم؟ فالضوء الذى هو حقيقة المبعوث رحمة للعالمين، شفيف، شريف، لطيف، رقيق ولكنه ليس ضعيفا، نفاذ وحانٍ فى ذات اللحظة، يربت على أكتاف المنكسرين، إنه أفق الرحمات التى تتنزل كالغيوث فى أوقات الشدائد والمحن، بساماً كان محمد صلى الله عليه وسلم، وليس مثلهم عبوسا مقطباً منفرا، تتدلى قطوف الوداعة والسماحة على كتفيه، كخصلات الشعر المنسابة تنثر شذاها، ذلكم محمد صلى الله عليه وسلم.. رسول الله وخاتم النبيين الذى نحتفل بذكرى ميلاده الكريم بعد ساعات، وهو الذى ظلمه أعداؤه الموتورون، وأساء إليه كثير من الأدعياء المحسوبين من أتباعه، فزيفوا طرحه، وشوهوا عطاءه، وتقولوا عليه الكذب، ولم يفهموا مراده، واتخذوا دينه سلما للوصول إلى أطماعهم المنحطة، على الرغم من أنه أعلنها مدوية يتردد صداها إلى اليوم بين جنبات الأجيال المتعاقبة، أن جوهر رسالته الإلهية، ومحور بعثته الربانية، هو إتمام مكارم الأخلاق، إلا أن الخوارج من الأدعياء العالة على الدين القويم، طمسوا هذه الحقيقة، «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» هكذا قالها صريحة، فصلاة وسلاما عليك يا سيدي، كلما هب نسيم، أو سرى شعاع، أو تردد صوت، عليك وعلى كل الهداة المختارين.