يحدث فى مصر الآن

محمد صلاح وبيج رامى

يوسف القعيد
يوسف القعيد

من عيوبى التى أعترف بها أننى لست من المتابعين للرياضة ولا أمارسها.

وهذا خطأ ارتكبته وأعترف به.

واستمر معى طوال السنوات الكثيرة لسبب بسيط أننى فى ستينيات القرن الماضى كنت أنظر للرياضة على أنها مضيعة للوقت.

وأننى خلقت من أجل أمرين فقط لا ثالث لهما: القراءة والكتابة.
وأى وقت أضيعه بعيداً عنهما عبث.

فهما الغاية الكبرى فى الحياة. أقضى وقتى كله ما بين القراءة والكتابة. وإن مارست الرياضة على مضض فهى لا تخرج عن المشى.

وهذا من أخطاء العمر الكبرى التى لا أستطيع الآن إصلاحها.


لكنى فى الأيام الأخيرة ضبطت نفسى متلبساً بما كنت أعتبره جريمة فى سنوات عمرى الأولى، ألا وهو متابعة الرياضة والرياضيين.

حرصت على مشاهدة المباريات التى يشترك فيها محمد صلاح.

ورأيت بطل كمال الأجسام بيج رامى. وكل هذا فى قنوات التليفزيون أو الصحف.

لا أقول إننى ندمت على ما فات. فالندم لا يقدم ولا يؤخر خاصة إذا جاء بعد فوات الأوان.


خصوصاً أننى أعرف بعض الأدباء حريصين على ممارسة الرياضة. ونجيب محفوظ عمنا ورايتنا الكبرى اعترف فى شيخوخته أنه فى طفولته كان يلعب الكرة فى شوارع سيدنا الحسين والعباسية.

أما لماذا انصرف عنها ولم يكملها فلم أسمعه يتكلم فى هذا.


بعد الاهتمام المتأخر جداً جداً بالرياضة. خصوصاً أن جماهير المصريين يعتبرونها ملاذهم.

وقد رأيت المقاهى لحظات عرض ماتش الكرة هنا أو هناك تمتلئ بالرواد والزبائن الذين ينزلون إلى المقهى لمتابعة هذا الماتش أو ذاك مع الآخرين.

ليس معنى نزولهم أنهم لا يمتلكون التليفزيونات فى بيوتهم.

ولكنها متعة المشاهدة الجماعية فى وسط الناس.

وتبادل التعليقات اللاذعة بعد كل لعبة.


توقفت أمام محمد صلاح، لدرجة أننى أثناء جولاتى فى مكتبات وسط البلد فوجئت بكتاب عنه. كتبه العالم النفسى الدكتور محمد المهدى، عنوانه: صلاح الذى لا تعرفه، سيرة نفسية.

ودهشت من نفسى عندما وجدتنى أسارع لاقتنائه، وأستعد لقراءته.

وتساءلت: هل هى علامات نهايات العمر أن يمارس الإنسان فى شيخوخته ما لم يقدم على فعله فى شبابه؟ ربما.


عرفت بعد ذلك الاهتمام المتأخر أن محمد صلاح ينتمى لقرية نجريج التابعة لمركز بسيون فى محافظة الغربية.

وهى المحافظة الملاصقة للمحافظة التى أنتمى إليها البحيرة. وهذا يثبت ما أؤمن به أن الريف المصرى قادر على أن يمدنا بكل ما يبهرنا، ويستثير كوامننا، ويحرك إعجابنا. ليس فى هذا أى ذنب للمدينة التى هاجرت إليها واستقرت أحوالى بها معظم سنوات عمرى.


فللمدينة أيضاً جمالياتها التى ربما لا تقل عن القرية.

لكن الحنين للقرية يبقى حالة نوستالجيا أعانى منها تقريباً فى معظم الأوقات.

فبالنسبة لى بأن الضهرية مركز إيتاى البارود محافظة البحيرة هى جمهوريتى الفاضلة التى أحن إليها كلما ولت السنوات هاربة بعيداً بعد أن تركتنى أعانى من وحدة الشيخوخة.


أما بيج رامى، فاسمه ممدوح محمد حسن السبيعى. ينتمى إلى بلطيم بكفر الشيخ.

ومن أقواله التى توقفت أمامها: هدفى دائماً هو أن أكون قادراً على هزيمة نفسى. وأن أسعد الجماهير.

وتصبح بلدى فخورة بى.