كنوز| حكاية «الطويل» مع «ثومة» ومقالب «العندليب»

 كمال الطويل مع الست أم كلثوم   --  عبد الحليم مع كمال الطويل فى البدايات
كمال الطويل مع الست أم كلثوم -- عبد الحليم مع كمال الطويل فى البدايات

الموسيقار كمال الطويل قيمة وقامة كبيرة فى تاريخ الأغنية، وكان فى طليعة الملحنين الذين خدموا على ثورة 23 يوليو 1952 بالرغم من أنه ينتمى لعائلة وفدية عريقة، لكنه آمن بالثورة ومبادئها وإن كان قد اصطدم بها لتصرفات سياسية لم تعجبه فى عهد عبد الناصر. 


ونحن نحتفى اليوم بالشمعة الـ 98 لميلاد كمال الطويل الغائب بالجسد الحاضر بألحانه، المولود فى ١١ أكتوبر 1923، نتوقف مع حكاياته مع أم كلثوم وعبد الحليم الذى وصفه فى حديث له بأنه «كان مياس قوى»، وعندما كان يسأل من الصحفيين فى ذكرى ميلاد أو رحيل العندليب كان يقول «بدأنا مولد سيدى عبد الحليم»، والعلاقة بين الطويل والعندليب كانت معقدة بعض الشيء، ولا أحد ينكر مساندة الطويل لعبد الحليم فى بداياته بلحن «لقاء» و«على قد الشوق» التى ارتفعت بحليم لعنان السماء..

 

لكن كمال الطويل لم ينس لعبد الحليم أنه استخدم نفوذه لمنعه من السفر باستغلال علاقته بشخصيات نافذة فى السلطة، وروى كمال الطويل فى حديث له كيف أنه قرر أن يبتعد عن التلحين لبعض التجاوزات التى حدثت فى عهد عبد الناصر، وعندما علم صلاح جاهين بهذا اتصل به ليقرأ عليه مقطع من أغنية «صورة»، وأثنى الطويل على الكلمات لكنه أكد لجاهين أنه لن يلحنها، وفى لقاء له بعبد الحليم كررعليه العندليب الكلمات، وكرر الطويل اعتذاره، وكان فى اللقاء ضيف على عبد الحليم بمنزله قال للطويل: «حتى الأغنية اللى الرئيس بيستناها كل سنة مش عاوز تلحنها ؟» فأصر كمال الطويل على موقفه وأكد رفضه قائلاً: «نعم، وحسافر كمان من البلد» !

لم يكن الطويل يعرف من هو هذا الشخص، وعندما روى الحكاية لصديقه أمير الصحافة محمد التابعى أبلغه أن الضيف هو شمس بدران، ونصح الطويل بأن يسرع فى السفر، وفوجئ الطويل فى اليوم التالى أنه ممنوع من السفر، وسأل هنا وهناك لمعرفة من وراء منعه ولم يلق إجابة إلا عند عبد الحليم الذى قال له إنه أبلغ شمس بدران بأنه لن يغنى الأغنية فى احتفال عيد الثورة إلا إذا لحنها كمال الطويل..

فطلب الطويل الكلمات ولحنها على مضض لكى يسمح له بالسفر، وهو يشعر بمرارة لأنه أجبر على التلحين بنفوذ عبد الحليم!! 

وفى حوار لكمال الطويل كشف عن غصة أخرى تسبب فيها مجدى العمروسى شريك عبد الحليم فى «صوت الفن» بإفساد علاقته مع أم كلثوم التى لحن لها عام 1955 «لغيرك ما مددت يدا» و«غريب على باب الرجاء» لمسلسل «رابعة العدوية» الإذاعى الذى تحول لفيلم سينمائى بعد ذلك، ثم لحن لها أثناء العدوان الثلاثى عام 1956 نشيد «والله زمان يا سلاحى» الذى أصبح النشيد الوطنى قبل أن يتم استبداله بنشيد «بلادى بلادى»، وبقى السؤال: لماذا لم يلحن كمال الطويل لأم كلثوم أغانى عاطفية؟ 

يجيب الطويل على السؤال مستشهدا بالكاتب الكبير مصطفى أمين، الذى كان يسهر كل أسبوع فى بيته ويلتقى بكامل الشناوى وأحمد رجب، وأنيس منصور، وأم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، ومجدى العمروسى، وأحمد بهاء الدين وفتحى غانم، وفى واحدة من تلك السهرات أعطته أم كلثوم كلمات «لسه فاكر قلبى يدى لك أمان»، وأغنية دينية لبيرم التونسى، وأخذ الطويل الكلمات وسافر إلى أوروبا دون أن يخبر أم كلثوم، وعند عودته أبلغه مجدى العمروسى أنه كان فى سهرة ببيت مصطفى أمين وسمع أم كلثوم تقول: «نفسى أعرف كمال الطويل بيسافر هو وزوجته إزاى فى الوقت اللى الناس عندها ظروف ملخبطة».

ورد مجدى عليها - حسب روايته للطويل - قائلا «كمال سافر يا ست زى ما بتسافرى أنت وزوجك»، ويقول الطويل إنه غضب جدا من أم كلثوم وأعطى تعليمات فى بيته بأنه غير موجود عندما تتصل به، وتجاهلها تماما، إلى أن اتصل به مصطفى أمين ليعرف سر عدم رده على اتصالاتها، ولماذا لم يلحن الأغانى التى أخذ كلماتها فكان يرد بعبارة «مزاجى مش حلو»، وظلت القطيعة ممتدة بين الطويل وأم كلثوم التى اعطت الكلمات للسنباطى ليلحنها، وبعد خروج مصطفى أمين من السجن عام 1974 سأل الطويل من جديد عن سبب زعله من أم كلثوم فروى له القصة التى رواها له مجدى العمروسى، وصرخ مصطفى أمين فى وجهه قائلا «ضحكوا عليك.. إزاى ماقدرتش تفهم إن ده ملعوب بيتعمل عشان يبعدوك عن الست.. السهرة كانت عندى فى بيتى والموضوع محصلش»، وفهم الطويل المقلب الذى دبره عبد الحليم ونفذه العمروسى لإبعاده عن أم كلثوم.. لكن للأسف كانت أم كلثوم قد غادرت الحياة عندما علم بتلك الحقيقة !!

«كنوز»