بدون تردد

روح أكتوبر (١/٣)

محمد بركات
محمد بركات

فى مثل هذه الأيام منذ ثمانية وأربعين عاما، وطوال الفترة التى استغرقتها معارك العبور والنصر، منذ لحظة ميلادها فى الساعة الثانية من بعد ظهر السادس من أكتوبر مع انطلاق نسور الجو عابرين بطائراتهم القناة للقيام بالضربة الجوية الأولى، إيذانا بنهوض المارد المصرى لتحرير الأرض واسترداد الكرامة،...، كانت أنظار العالم كله شرقه وغربه مركزة على مصر ترصد وتحلل.
ورغم المفاجأة التى أذهلت الكل، نظرا لعدم التوقع بإمكانية نهوض مصر من عثرتها ونكستها قبل أعوام عديدة،..، إلا أن جميع أجهزة الرصد العالمية سجلت باندهاش كبير القدرة المتعاظمة للجيش المصرى، وتطوره الواضح تخطيطا وأداء،...، الذى ظهر جليا من خلال دقة التخطيط وكفاءة التنفيذ، منذ اللحظة الأولى للحرب، والاقتحام السريع والناجح للمانع المائى والاستيلاء على خط بارليف المنيع، وتدمير مواقع العدو الحصينة شرق القناة.
وفى ذات الوقت الذى سجلت فيه مراكز الرصد العالمية دقة وكفاءة العمليات العسكرية المصرية على جبهة القتال منذ اللحظات الأولى للحرب، والتى مكنت الجيش المصرى من تحقيق أهدافه فى العبور والنصر وتلقين الجيش الإسرائيلى درسا لا ينسى،...، كانت أيضا ترصد وتحلل مجريات الأمور وتطور الأوضاع فى الداخل المصرى «على الجبهة الداخلية» فى القاهرة والمدن الأخرى بجميع المحافظات.
وكان لافتا للانتباه ذلك الهدوء المسيطر على سير الحياة فى مصر كلها دون استثناء، سواء فى أكبر وأضخم المدن وهى القاهرة والإسكندرية أو فى أصغر قرى مصر ونجوعها فى الصعيد أو الدلتا،...، حيث كانت جميع الأمور تسير بسلاسة غير عادية، مع حرص واضح من كل المواطنين على التعاون ومساعدة بعضهم البعض.
كان لافتا ومثيرا للاهتمام والانتباه عدم حدوث أزمة واحدة، واختفاء كل صور التناحر والقلاقل واختفاء كل صور العنف الاجتماعى، وأيضا عدم حدوث الجرائم العادية طوال ايام الحرب بطول البلاد وعرضها.
وكان التفسير الوحيد الذى أجمع عليه الكل لهذا الذى يحدث فى مصر على خط القنال وفى سيناء وأيضا فى الداخل هو.. «روح أكتوبر» التى تملكت كل المصريين وجعلتهم يعملون جميعا لهدفهم الواحد.. إنها روح الإصرار على النصر وتحرير الأرض واستعادة الكرامة.
«وللحديث بقية»