مؤمن حيدة
أصبح اليوتيوب أحد المنصات المهمة ليس فقط لصناع المحتوى «الهواة»، ولكن اتجه له أيضاً خلال الفترة الأخيرة عدد من المشاهير والإعلاميين المعروفين الذين حققوا نجومية كبيرة على شاشة التلفزيون التقليدى، مما أصبح اليوتيوب عاملا أساسيا لأغلبهم حتى وإن كانوا لديهم برامجهم على الشاشة.
هذا الاهتمام لم يأت من فراغ ولكن لأن اليوتيوب والسوشيال ميديا بشكل عام لديها جمهورها الخاص والذى ابتعد عن متابعة التلفزيون لأسباب مختلفة ومتنوعة أبرزها بسبب كثرة الفواصل الإعلانية والتى تجعل المشاهد يشعر بالممل وعدم التركيز فى أى مادة مقدمة، من ناحية أخرى اليوتيوب وسيلة أسهل وأيسر بالنسبة للمشاهد حيث إنه ليس مرتبطا بشاشة التلفزيون بل يمكن مشاهدته فى أى مكان من خلال الهواتف المحمولة.
أول الإعلاميين الذين ظهورا على اليوتيوب وحققوا تفاعلا كبيرا كان الإعلامى أسامة كمال الذى قدم برنامج على قناته الرسمية على اليوتيوب فى بداية انتشار فيروس كورونا والتى خصص محتواها للتوعية من الإصابة بالمرض وكيفية الوقاية منه،واستمر بعد ذلك فى تقديم عدد من البرامج المتنوعة، ومن قبلها كان الإعلامى محمد علي خير متواجد على اليوتيوب حيث يقدم من خلال قناته برنامج بعنوان «قهوة خير» وهذا منذ ثلاثة سنوات تقريباً، بعدها بفترة ظهر الإعلامى محمود سعد عبر برنامج ثابت له من خلال قناة أنشأها خصيصاً لهذا الهدف.
جاء أيضاً الإعلامى جابر القرموطى فى نفس الاتجاة بعدما أنشأ قناة له بعد ابتعاده عن تقديم برامج تلفزيونية، وبدأ بنشر عدد من الفيديوهات التى يقوم بالغناء فيها، وأيضاً الإعلامى نشأت الديهى لديه قناة تحمل اسمه ويضع فيها مقاطع من حلقات برنامجه على التلفزيون وهو «بالورقة والقلم»، كما يقدم فيها برنامج آخر بعنوان «قهوة الصباح» والذى يعرض خلاله مقالاته بالصحف اليومية بطريقة العرض الصوتى.
وعن تجارب الإعلاميين على اليوتوب وأسباب اتجاههم له، تحدثنا معهم لمعرفة كيف كانت البداية وهل أرباح اليوتيوب كانت السبب وراء تقديمهم برامج خاصة على تلك المنصة؟.
الإعلامى محمود سعد،بعد انتهاء تجربته فى برنامج «باب الخلق» الذى كان يعرض على قناة النهار، وأصبحت قناته على اليوتيوب هى البديل الوحيد للتواصل مع جمهوره العريض، يقول عن تلك التجربة: المسألة لم يكن مرتبا لها بل إنها جاءت عن طريق الصدفة، وكانت اقتراح من الفريق المقرب منى على المستوى الشخصى وعلى رأسهم الصحفية هبة شلبى رئيس تحرير برامجى التلفزيونية، وفى البداية قلت لنفسى ما المانع من التجربة وبالفعل بدأنا فى تصوير بعض الحلقات وبمجرد طرحها وجدت تفاعلا كبيرا من الجمهور، وما جعلنى أشعر بحالة من السعادة هى التعليقات التى أتت على الحلقات، والحقيقة أننى أتمنى دائماً قراءة كل التعليقات التى تصلنى ولكن من كثرتها لا أستطيع فعل ذلك للأسف، وإنما وجدتها تجربة مثمرة وقادرة على وصولى للجمهور بشكل سريع ومميز، ولذلك قررت دخول عالم اليوتيوب».
ويضيف: «قناتى على اليوتيوب أصبحت مثل الخيط الموصول بينى وبين جمهورى فى كافة أنحاء الوطن العربى، لا يمكن أن أقطعه أبداً لأن كل منا أصبح ينتظر الآخر، وحريص على الحديث فى حلقاتى على اليوتيوب بموضوعات مختلفة ومتنوعة وهو حديث من القلب عن الذكريات والخبرات والمواقف المختلفة التى مررت بها فى حياتى، ودائماً ما أسأل الجمهور عن الموضوعات التى يحبوا أن أتحدث فيها، فأنا أعمل من أجلهم ولأصبح معهم فقط».
ويعلق الإعلامى جابر القرموطى على اتجاهه لليوتيوب قائلاً: «التلفزيون أصبح غير متاح بالصورة الكافية التى كانت فى السابق، والمعروض علي من خلال البرامج التلفزيونية في الوقت الحالى غير مناسب بالنسبة لي ومنتظر أن يأتى لى عرض يحقق ما أتمناه للعودة مرة أخرى للشاشة الصغيرة، والآن تواجدى على اليوتيوب أو السوشيال ميديا بشكل عام هو تفريغ لشحنة مهنية لأن اليوتيوب أصبح هو البديل للإعلام التقليدى لكنه يحتاج إلى صبر وتمويل جيد حتى يحقق الانتشار الذى تنتظره منه».
ويضيف: العيب الوحيد في اليوتيوب أنك لا تستطيع الوصول إلى القاعدة العريضة مثل التلفزيون، بمعنى أنك لو نزلت إلى النجوع والأرياف لن تجد شهرة هناك بحكم أن الإنترنت لم يكن من الأشياء الأساسية فى تلك المناطق، ولكن اليوتيوب معروف بالنسبة للنخبة، وعن نفسى لا أخجل من أن أكون يوتيوبر صحفى أو يوتيوبر مهنى أو اجتماعى، وليس معنى كلامى أنها يمكن أن تغنى عن التلفزيون لأنه سيبقى هو الأهم».
وعن أرباح اليوتيوب وتعويضها عن الأجر الذى كان يتحصل عليه من برامجه التلفزيونية يقول: «لم أدخل تلك المنطقة من أجل الربح المادى ولا أنتظر العائد السريع، فمثلا قناتى بها 2500 مشترك فقط لا غير وذلك لأننى لا أريد أن أشترى اشتراكات وهمية مثلما يفعل معظم مستخدمى اليوتيوب، ورغم أننى أقدم فيديوهات على قناتى فى الوقت الحالى ولكننى لازلت لم أقرر الاتجاه إليه بنسبة مائة بالمائة، ولكن لو حددت هدفى بشكل نهائى سأعمل على اختيار فريق من السوشيال ميديا لمساعدتى، كما أننى سأقرر الاتجاه الذى سأعمل عليه لأننى حالياً أعمل على أكثر من اتجاه منها الغناء ومنها التقارير الصحفية ومنها مناقشة موضوعات عامة».
أما الإعلامية منى عراقى فتقول: «الجمهور حالياً يشاهد اليوتيوب وليس التلفزيون التقليدى وهناك احصائيات تؤكد أن من عمر الخمسة عشر إلى سن الأربعين انقطعوا عن مشاهدة التلفزيون تماما، وحتى المقاطع التى تجد انتشارا واسعا من البرامج التلفزيونية تأتى من اليوتيوب والسوشيال ميديا ولولا ذلك لكانت لم تحظ باهتمام الملايين، ولهذا فمن لا يهتم بتلك الوسائل التكنولوجية الحديثة من الإعلاميين أصبح خاسرا لقطاع كبير من الجمهور، بل أن القنوات التلفزيونية أصبحت تتعاقد مع المذيعين أصحاب القاعدة الجماهيرية الكبيرة على السوشيال ميديا حتى يأتواإليهم بجمهورهم».
وتضيف: «فى الفترة السابقة كان الفيسبوك هو المنصة الرئيسية لى لأننى متخصصة لمناقشة الموضوعات الاجتماعية وهو المنصة المسئولة عن هذا الأمر عالمياً، لذلك كنت أقدم من خلاله العديد من الفيديوهات الميدانية، وأحياناً بث مباشر، ولكننى حالياً فى مرحلة التجهيز للانطلاق على اليوتيوب، وأحضر لبرنامج ثابت لى على قناتى سينطلق شهر نوفمبر القادم بإذن الله، وسيكون بعنوان «مع منى عراقى».
وتستكمل حديثها: «لا أفكر فى العودة مرة أخرى إلى التلفزيون التقليدى لأننى أصبحت لست بحاجة له لأن القنوات تأخذ حقوق الديجيتال بالنسبة للمذيع، وفى بداياتى كنت مضطرة أن أضحى بتلك الحقوق من أجل صنع اسمى، وحالياً أصبحت لدى شهرة وجماهيرية تسمح لى أن أصنع المحتوى الخاص بى وأستفيد منه على السوشيال ميديا، لأن أرباح اليوتيوب والسوشيال ميديا أعلى من المرتب الذى اتقاضاه فى أى قناة تلفزيونية، بالإضافة إلى أنك تبنى فى أرضك وليس فى أرض غيرك وهذا فى حد ذاته مكسب كبير على المستويين المهنى والشخصى».
وإلى جانب هذه التجارب هناك العديد من المذيعين الذين يمتلكون قنوات على اليوتيوب تحمل أسمائهم، وأن لم تكن تقدم محتوى خاص إلا أنهم يستغلونها لعرض مقاطع من حلقات برامجهم التى يقدمونها على شاشات الفضائيات، ومنهم عمرو الليثى وبسمة وهبة ومعتز الدمرداش والإعلامى ووائل الإبراشى.