3 سنوات سجنًا للأب المتهم بختان ابنته بالقوة

جريمة ختان
جريمة ختان

كتبت: منى ربيع 

حكم تاريخي يحارب الجهل والعادات السيئة؛ أصدرته محكمة جنايات شبرا الخيمة برئاسة المستشار سامح عبد الحكم، في قضية ختان طفلة صغيرة لم يتجاوز عمرها 8 سنوات، ولأن الجريمة وقعت قبل صدور التعديل الأخير بالعقوبة الخاصة بجريمة الختان، لم يكن أمام المحكمة إلا تطبيق أقصى عقوبة في ضوء القانون قبل التعديل، جراء ما ارتكبه الأب في حق ابنته كجنحة وليس جناية حتى يكون الحكم عبرة لغيره.

وحثت المحكمة في حكمها الفتيات اللائى تعرضن لتلك الجريمة البشعة ان يتمسكن بحقهن الذى اعطاهن القانون إياه وهو حق الإبلاغ عن تلك الجريمة البشعة حتى بعد مرور 10 سنوات على ارتكابها، تفاصيل المحاكمة ترويه السطور التالية.

ترجع وقائع القضية إلى أكثر من عام عندما قرر الاب ان يقوم بختان صغيرته وفقًا للأعراف والتقاليد والجهل الذى يتمسك به البعض من الأسر، باعتبار الختان شيء أساسي يجب أن يحدث للفتاة وهو يقنع نفسه بأن مايفعله هو الحفاظ على ابنته وانتصار للقيم والعادات والتقاليد، غير عابئ بالأضرار النفسية والجسدية التى قد تحدث لصغيرته من جراء إحداث عاهة مستديمة بها، اتخذ الأب القرار على الرغم من معارضة الأم لذلك القرار إلا انه أصر على إجراء الختان لابنته؛ اتفق مع ممرض ببلدته التالبعة لشبرا الخيمة أن يجري تلك العملية.

اصطحب الأب ابنته الصغيرة وهي غير مدركة بما سيحدث لها أو حتى تفكر أن تسأل أبيها إلى أين هما ذاهبين، بأقدام مرتعشة دخلت الصغيرة المركز الطبي ظنت بخيالها الصغير أن الطبيب سيعطيها حقنة وهي تخاف منها لكن ما حدث كان أفظع مما تتخيله طفلة في مثل سنها؛ بلا سابق إنذار اجرى لها الممرض عملية الختان، ليصطحب الاب صغيرته بعدها إلى المنزل وهي في حالة إعياء، وعندما سأل الأب الممرض عن حالة ابنته التي تسوء ساعة بعد أخرى، اخبره بأن ما يحدث لها هو شيء طبيعى بعد عملية الختان وسرعان ما سوف تتحسن.

حمل الأب صغيرته وعاد بها إلى المنزل، لتأخذها الام في أحضانها وهي تبكى ماحدث لها من انتهاك نفسي وجسدى، وضعتها على فراشها، بعدها فوجئت بالصغيرة تنزف بكثرة وهي لاتعرف ماذا تفعل؛ نادت على والدها ليجد الصغيرة غارقة في دمائها ومن كثرة النزيف كاد ان يغشى عليه وهو يشعر بالذنب تجاه صغيرته، ولكن ماذا يفيد الندم الآن؟!

حملها واسرع بها إلى المستشفى، وهناك تبين أن الممرض اصاب الصغيرة بعاهة مستديمة، لتخطر المستشفى الشرطة ويتم تحرير محضر بالواقعة والقبض على الاب والممرض وإحالتهما إلى النيابة العامة التى قررت حبسهما، إلا أنه تم اخلاء سبيلهما فيما بعد على ذمة القضية لتحيل بعدها النيابة القضية لمحكمة جنايات شبرا الخيمة.

وأمام المستشار سامح عبد الحكم رئيس المحكمة، وعضوية  كل من المستشارين، عبدالرحمن صفوت الحسيني، ومحمود خليل، وبحضور عبد الرحمن الدش وكيل نيابة قسم أول شبرا الخيمة، وأمانة سر أشرف حسن تم محاكمة الأب والممرض غيابيًا.

بعد الإطلاع على الأوراق والمستندات وتقرير الطب الشرعى أصدرت المحكمة حكمها بمعاقبة الأب بالسجن ثلاث سنوات والممرض بالسجن المشدد عشر سنوات مع الشغل؛ وذلك لقيامهما بختان المجني عليها ابنة المتهم الأول بالمخالفة للقانون، وتسبب الثاني في احداث عاهة مستديمة للمجني عليها يستحيل برؤها.

أشارت المحكمة؛ أن إحالة الواقعة إلى المحكمة قد تمت باعتبارها جناية عاهة مستديمة وفقا لما هو ثابت بالأوراق، إذ أن ارتكاب الواقعة قد تم قبل صدور القانون بالتعديل الأخير، ومن ثم فإن المحكمة تنظر للواقعة المطروحة وفقا لأمر الإحالة الصادر من النيابة العامة كواقعة ختان ترتب عليها عاهة مستديمة بالنسبة للمتهم الثاني، وكجنحة بالنسبة للأب.

وأشارت المحكمة في حيثياتها؛ أن هذا الحكم بمثابة جرس إنذار لكل أب أو ولي أمر ولكل من ينتسب زورًا لمهنة التمريض ويسيئ إليها.

كما نوهت المحكمة؛ بأن تغليظ عقوبة الختان بالقانون الأخير واعتبارها جناية في حق كل من طلب إجراء جريمة الختان تنظر أمام محاكم الجنايات يعني بكل وضوح مد حق الإبلاغ عن جرائم الختان وتعقب مرتكبيها من ثلاث سنوات كجنحة إلى عشر سنوات كجناية وفقًا لنص المادة (١٥) من قانون الإجراءات الجنائية.

مما قد يعطي الفرصة للمجني عليهن من الفتيات للإبلاغ بأنفسهن بعد وقوع الجريمة وإدراك الواقع المأسوف، عندما يصبحن أكثر وعيًا بما مررن به من ألم وقسوة وانتهاك لحرمة الجسد المصون شرعًا وقانونًا.

تغليظ العقوبة 

وعن تغليظ عقوبة من ارتكب جريمة الختان وذلك وفقا للقانون رقم (١٠) لسنة ٢٠٢١ والذي اعتبرها جناية إذ نص التعديل على المادتين (٢٤٢مكرر) و (٢٤٢ مكرر/ أ) من قانون العقوبات حيث، يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل من أجرى ختانًا لأنثى بإزالة أى جزء من أعضائها التناسلية الخارجية بشكل جزئى أو تام أو ألحق إصابات بتـلك الأعضاء، فإذا نشأ عن ذلك الفعل عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن عشر سنوات..وتكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمس سنوات إذا كان من أجرى الختان المشار إليه بالفقرة السابقة طبيبًا أو مزاولاً لمهنة التمريض، فإذا نشأ عن جريمته عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن عشر سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمس عشرة سنة ولا تزيد على عشرين سنة.. وتقضى المحكمة فضلاً عن العقوبات المتقدمة بحرمان مرتكبها من الأطباء أو  التمريض، من ممارسة المهنة مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على خمس سنوات تبدأ بعد انتهاء مدة تنفيذ العقوبة، وغلق المنشأة الخاصة التى أجرى فيها الختان، وإذا كانت مرخصة تكون مدة الغلق مساوية لمدة المنع من ممارسة المهنة مع نزع لوحاتها ولافتاتها، سواء أكانت مملوكة للطبيب مرتكب الجريمة، أم كان مديرها الفعلى عالمًا بارتكابها، وذلك بما لا يخل بحقوق الغير حسن النية، ونشر الحكم فى جريدتين يوميتين واسعتى الانتشار وبالمواقع الإلكترونية التى يُعينها الحكم عل نفقة المحكوم عليه.

 وتقول المـادة ٢٤٢ مكررًا/أ؛ انه يُعاقب بالسجن كل من طلب ختان أنثى وتم ختانها بناءً على طلبه على النحو المنصوص عليه بالمادة (٢٤٢) مكررًا من هذا القانون، كما يُعاقب بالحبس كل من روج، أو شجع، أو دعا بإحدى الطرق المبينة بالمادة (١٧١) من هذا القانون لارتكاب جريمة ختان أنثى ولو لم يترتب على فعله أثر.