التجربة أكدت أنه لا عهد ولا ميثاق لهم

السادات الذي غدر به الإخوان

أحمد‭ ‬عطية صالح‭
أحمد‭ ‬عطية صالح‭

أحمد‭ ‬عطية صالح‭  ‬يكتب‭ : ‬

 

ماذا‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬شكل‭ ‬الحياة‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يتخذ‭ ‬الرئيس‭ ‬السادات‭ ‬قراره‭ ‬بإعادة‭ ‬احياء‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭.‬

ولا‭ ‬أحد‭ ‬يعرف‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬سر‭ ‬عجلة‭ ‬السادات‭ ‬ورغبته‭ ‬فى‭ ‬إعادتهم‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬للمشهد‭ ‬السياسى‭! ‬وهل‭ ‬كان‭ ‬غائباً‭ ‬عن‭ ‬عقله‭ ‬وهو‭ ‬السياسى‭ ‬الداهية‭ ‬الذى‭ ‬لقب‭ ‬ببطل‭ ‬الحرب‭ ‬والسلام‭.‬

البعض‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬السبب‭ ‬هو‭ ‬رغبته‭ ‬فى‭ ‬اقصاء‭ ‬التيار‭ ‬الناصرى‭ ‬والشيوعى‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭. ‬ولكن‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬السادات‭ ‬بدأ‭ ‬الاتصال‭ ‬بهم‭ ‬والتواصل‭ ‬معهم‭ ‬قبل‭ ‬وفاة‭ ‬عبدالناصر‭! ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬نائباً‭ ‬لرئيس‭ ‬الجمهورية‭.‬فى‭ ‬مذكراته‭ ‬عن‭ ‬الإخوان‭..  ‬يقول‭ ‬اللواء‭ ‬فؤاد‭ ‬علام‭: ‬الاتصالات‭ ‬بدأت‭ ‬بينهم‭ ‬وبين‭ ‬السادات‭ ‬بعقد‭ ‬لقاءات‭ ‬سرية‭ ‬معهم‭ ‬قبل‭ ‬وفاة‭ ‬عبدالناصر‭ ‬بأسابيع‭. ‬هذه‭ ‬الاتصالات‭ ‬مازالت‭ ‬لغزاً‭ ‬غامضاً‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬شهودها‭ ‬ومن‭ ‬شاركوا‭ ‬فى‭ ‬صنعها‭ ‬مازالوا‭ ‬بعضهم‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭.. ‬لكنهم‭ ‬يرفضون‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭ ‬أو‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬أسرارها‭ ‬ويؤثرون‭ ‬السلامة‭.‬

أمسكت‭ ‬مباحث‭ ‬أمن‭ ‬الدولة‭ ‬بداية‭ ‬الخيط‭ ‬عندما‭ ‬رصدنا‭ ‬اتصالات‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬القطب‭ ‬الإخوانى‭ ‬محمود‭ ‬جامع‭ ‬مع‭ ‬قيادات‭ ‬الإخوان‭ ‬خارج‭ ‬السجن‭.‬

وبدأنا‭ ‬نتتبع‭ ‬هذه‭ ‬الاتصالات‭ ‬باهتمام‭ ‬شديد‭ ‬خوفاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬محاولة‭ ‬لإحياء‭ ‬الخلايا‭ ‬السرية‭ ‬للإخوان‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٦٥‬‭.‬وهيئنا‭ ‬أنفسنا‭ ‬لخبطة‭.. ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬فى‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٧٠‬‭.. ‬وأثناء‭ ‬المتابعة‭ ‬الدقيقة‭ ‬والقلقة‭ ‬لمنزل‭ ‬محمود‭ ‬جامع‭ ‬حضرت‭ ‬سيارة‭ ‬ملاكى‭ ‬سوداء‭ ‬يقودها‭ ‬سائق‭ ‬وشخص‭ ‬يجلس‭ ‬فى‭ ‬المقعد‭ ‬الخلفى‭ ‬ونزل‭ ‬ودخل‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭. ‬وكانت‭ ‬المفاجأة‭ ‬مذهلة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنا‭ .. ‬إنه‭ ‬محمد‭ ‬أنور‭ ‬السادات‭ ‬النائب‭  ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬الجمهورية‭ . ‬

 

ويضيف‭ ‬اللواء‭ ‬فؤاد‭ ‬علام‭ : ‬الغريب‭ ‬أن‭ ‬اللقاءات‭ ‬السرية‭ ‬تكررت‭ ‬بنفس‭ ‬الأشخاص‭ ‬ونفس‭ ‬السيناريو‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬فى‭ ‬غضون‭ ‬أسبوعين‭ ‬ثم‭ ‬مرة‭ ‬رابعة‭ ‬فى‭ ‬منزل‭ ‬السادات‭ ‬بميت‭ ‬أبوالكوم‭.‬

وشرعنا‭ ‬فى‭ ‬اختراق‭ ‬هذه‭ ‬التجمعات‭ ‬وتسجيل‭ ‬اللقاءات‭ ‬ولكن‭ ‬كان‭ ‬قرار‭ ‬شعراوى‭ ‬جمعة‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نتابع‭ ‬ونرصد‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬ونحدد‭ ‬أسماء‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬التى‭ ‬تحضر‭ ‬الاجتماعات‭.. ‬وشدد‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬اختراق‭ ‬هذه‭ ‬الاجتماعات‭ ‬إلا‭ ‬بتعليمات‭ ‬مباشرة‭ ‬منه‭.‬

وكانت‭ ‬المفاجأة‭ ‬أن‭ ‬الاجتماعات‭ ‬توقفت‭ ‬بعد‭ ‬اخطار‭ ‬شعراوى‭ ‬جمعة‭ ‬ولم‭ ‬نرصد‭ ‬أية‭ ‬اتصالات‭ ‬أخرى‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬أو‭ ‬بينهم‭ ‬وبين‭ ‬السادات‭.‬

والتقيت‭ ‬بالدكتور‭ ‬محمود‭ ‬جامع‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بسنوات‭ ‬وسألته‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬اللقاءات‭ ‬وعلمت‭ ‬منه‭ ‬أنه‭ ‬تقرر‭ ‬إيقافها‭ ‬فوراً‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وصلته‭ ‬رسالة‭ ‬من‭ ‬شعراوى‭ ‬جمعة‭ ‬بإيقافها‭.. ‬وإلا‭ ‬سيعرض‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭.‬

وفهمت‭ ‬منه‭ ‬ـ‭ ‬وهم‭ ‬الأهم‭ ‬−‭ ‬ان‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الاجتماعات‭ ‬هو‭ ‬محاولة‭ ‬السادات‭ ‬استقطاب‭ ‬الإخوان‭ ‬وربطهم‭ ‬به‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭.‬

ويتابع‭ ‬اللواء‭ ‬علام‭: ‬الذين‭ ‬مهدوا‭ ‬الطريق‭ ‬للائتلاف‭ ‬بين‭ ‬السادات‭ ‬والإخوان‭ ‬بعد‭ ‬توليه‭ ‬السلطة‭ ‬هم‭: ‬عثمان‭ ‬أحمد‭ ‬عثمان‭ ‬وسيد‭ ‬مرعى‭ ‬ومحمد‭ ‬عثمان‭ ‬إسماعيل‭ ‬ود‭. ‬مصطفى‭ ‬أبوزيد‭ ‬فهمى‭.. ‬بجانب‭ ‬أن‭ ‬السادات‭ ‬كان‭ ‬فى‭ ‬نيته‭ ‬أن‭ ‬يستعين‭ ‬بالتيار‭ ‬الإسلامى‭ ‬وبالذات‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬وكان‭ ‬يتصور‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬فى‭ ‬إمكانهم‭ ‬التصدى‭ ‬للتنظيمات‭ ‬الناصرية‭ ‬والشيوعية‭ ‬والوطنية‭ ‬التى‭ ‬تعارضه‭.‬

ووصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المهندس‭ ‬سيد‭ ‬مرعى‭ ‬ومصطفى‭ ‬أبوزيد‭ ‬فهمى‭ ‬اقنعاه‭ ‬أن‭ ‬الإخوان‭ ‬يدعمون‭ ‬حكمه‭.‬

وأصابت‭ ‬أجهزة‭ ‬الأمن‭ ‬المواطنين‭ ‬بخيبة‭ ‬أمل‭ ‬شديدة‭ ‬بوجود‭ ‬صعوبات‭ ‬كثيرة‭ ‬فى‭ ‬تعقب‭ ‬نشاط‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭.. ‬ورفعنا‭ ‬تقارير‭ ‬كثيرة‭ ‬حول‭ ‬المؤتمرات‭ ‬الشعبية‭ ‬التى‭ ‬يحضرها‭ ‬قيادات‭ ‬الإخوان‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬عمر‭ ‬التلمسانى‭ ‬والتى‭ ‬كانت‭ ‬تحرض‭ ‬الشباب‭ ‬وتدعوهم‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬السلطة‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬يستجب‭ ‬أحد‭.. ‬وكانت‭ ‬التعليمات‭ ‬الصادرة‭ ‬لنا‭ ‬تقضى‭ ‬بعدم‭ ‬اتخاذ‭ ‬اجراءات‭ ‬أمنية‭ ‬لإحباط‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المخططات‭.‬

‭ ‬أما‭ ‬كيف‭ ‬عاد‭ ‬الإخوان‭ ‬لصدارة‭ ‬المشهد‭ ‬السياسى؟

فيقول‭ ‬علام‭: ‬إن‭ ‬محمود‭ ‬جامع‭ ‬وعثمان‭ ‬أحمد‭ ‬عثمان‭ ‬كلفهما‭ ‬السادات‭ ‬بتشكيل‭ ‬تنظيمات‭ ‬دينية‭ ‬فى‭ ‬الجامعة‭ ‬لقمع‭ ‬الحركة‭ ‬الطلابية‭ ‬وشكلا‭ ‬ما‭ ‬أسماه‭ ‬الأسر‭ ‬الإخوانية‭.. ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الاثنين‭ ‬كان‭ ‬يعرفان‭ ‬العائلات‭ ‬الإخوانية‭ ‬مثل‭ ‬عائلة‭ ‬هلال‭ ‬فى‭ ‬الدقهلية‭ ‬فكلفا‭ ‬شباب‭ ‬العائلة‭ ‬الذين‭ ‬يدرسون‭ ‬فى‭ ‬الجامعات‭ ‬بتكوين‭ ‬هذه‭ ‬التنظيمات‭.‬

كان‭ ‬دور‭ ‬الأمن‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬خطيراً‭ ‬وحساساً‭ ‬جداً‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬يرى‭ ‬بداية‭ ‬شبح‭ ‬التطرف‭ ‬والإرهاب‭ ‬ينتشر‭ ‬بصورة‭ ‬لم‭ ‬تحدث‭.. ‬وحساساً‭ ‬لان‭ ‬رغبة‭ ‬الأمن‭ ‬فى‭ ‬وقف‭ ‬هذه‭ ‬التحركات‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬رغبة‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭.‬

ويختم‭ ‬اللواء‭ ‬علام‭ ‬حديثه‭ ‬ويقول‭: ‬كانت‭ ‬كل‭ ‬الطرق‭ ‬تؤدى‭ ‬لسيطرة‭ ‬الإخوان‭ ‬على‭ ‬الجامعات‭.. ‬والأمر‭ ‬الخطير‭ ‬أن‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬بدأت‭ ‬تدفع‭ ‬الإخوان‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭.. ‬لانها‭ ‬كانت‭ ‬رعية‭ ‬الرئيس‭.‬

وبهذا‭ ‬الأسلوب‭ ‬بدأ‭ ‬الإخوان‭ ‬فى‭ ‬فتح‭ ‬الأبواب‭ ‬الخلفية‭ ‬إلى‭ ‬المنصة‭.‬

ويروى‭ ‬أحد‭ ‬قادة‭ ‬الإخوان‭ ‬عبدالمنعم‭ ‬أبوالفتوح‭ ‬فى‭ ‬كتاب‭ ‬شاهد‭ ‬على‭ ‬تاريخ‭ ‬الحركة‭ ‬الإسلامية‭:‬

الحق‭ ‬يقال‭ ‬إن‭ ‬السادات‭ ‬قد‭ ‬أزال‭ ‬العوائق‭ ‬أمام‭ ‬الحركة‭ ‬الإسلامية‭.. ‬كانت‭ ‬الدنيا‭ ‬مفتوحة‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬عقبات‭ ‬وكانت‭ ‬وقتها‭ ‬قيادة‭ ‬طلابية‭ ‬استطيع‭ ‬مقابلة‭ ‬رئيس‭ ‬الجامعة‭ ‬صوفى‭ ‬أبوطالب‭ ‬رئيس‭ ‬البرلمان‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬أو‭ ‬حافظ‭ ‬غانم‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬أو‭ ‬وزير‭ ‬التعليم‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬حدثت‭ ‬أية‭ ‬مشكلة‭ ‬مع‭ ‬الحركة‭ ‬الطلابية‭ ‬أو‭ ‬الجماعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬جامعة‭ ‬من‭ ‬الجامعات‭.‬

كان‭ ‬هناك‭ ‬أيضاً‭ ‬تسامح‭ ‬أو‭ ‬تساهل‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬مع‭ ‬الإخوان‭ ‬بعد‭ ‬خروجهم‭ ‬حيث‭ ‬سمح‭ ‬لهم‭ ‬بالتواجد‭ ‬والنشاط‭ ‬مثل‭ ‬إقامة‭ ‬الاحتفالات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالمولد‭ ‬النبوى‭ ‬فى‭ ‬الميادين‭ ‬العامة‭.. ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬الجهاز‭ ‬الأمنى‭ ‬يتدخل‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬نشاط‭ ‬لنا‭.‬

ويضيف‭:  ‬لم‭ ‬نسمع‭ ‬أبداً‭ ‬فى‭ ‬عهد‭ ‬السادات‭ ‬أن‭ ‬أحداً‭ ‬اعتقل‭ ‬منا‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬الإخوان‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تم‭ ‬استدعاؤه‭ ‬أمنياً،‭ ‬ولم‭ ‬يمنعنا‭ ‬من‭ ‬توزيع‭ ‬كتاب‭ ‬أو‭ ‬مطبوعات‭ ‬من‭ ‬أى‭ ‬نوع‭.. ‬ولم‭ ‬نر‭ ‬ضابط‭ ‬أمن‭ ‬دولة‭ ‬يدخل‭ ‬الجماعة‭ ‬ويعترض‭ ‬على‭ ‬أى‭ ‬عمل‭ ‬من‭ ‬أعمالنا‭.‬

كنا‭ ‬نقيم‭ ‬المعسكرات‭.. ‬ونخيم‭ ‬ألفى‭ ‬طالب‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬العين‭ ‬السخنة‭ ‬دون‭ ‬تدخل‭ ‬من‭ ‬الجهاز‭ ‬الأمنى‭ ‬بأى‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬الأشكال‭.. ‬وكان‭ ‬جميع‭ ‬الطلاب‭ ‬فى‭ ‬المعسكر‭ ‬ملتحين‭ ‬ويواظبون‭ ‬على‭ ‬الصلاة‭.. ‬كنا‭ ‬ندعو‭ ‬العلماء‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الاتجاهات‭ ‬الإسلامية‭ ‬لإلقاء‭ ‬المحاضرات‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يسألنى‭ ‬أحد‭ ‬لماذا‭ ‬أتيتم‭ ‬بهذا‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬ممنوع‭.‬

وفى‭ ‬محافظة‭ ‬المنيا‭ ‬كانت‭ ‬الجماعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬تقيم‭ ‬معسكراتها‭ ‬فى‭ ‬المدينة‭ ‬الجامعية‭ ‬لجامعة‭ ‬المنيا،‭ ‬وبحضور‭ ‬مئات‭ ‬الطلاب‭ ‬يبدأون‭ ‬يومها‭ ‬بطابور‭ ‬رياضى‭ ‬يقطع‭ ‬المدنية‭ ‬من‭ ‬أقصى‭ ‬الشمال‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬الجنوب‭ ‬تصاحبه‭ ‬الهتافات‭ ‬الإسلامية‭ ‬المدوية‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتعرض‭ ‬لنا‭ ‬أحد‭.‬

ويختتم‭ ‬أبو‭ ‬الفتوح‭ ‬حديثه‭: ‬كانت‭ ‬حياتنا‭ ‬عادية‭ ‬ومستقرة‭ ‬حتى‭ ‬ونحن‭ ‬نقيم‭ ‬الدنيا‭ ‬ولا‭ ‬نقعدها،‭ ‬مظاهرات‭ ‬واضطرابات‭ ‬واحتجاجات‭.. ‬ولا‭ ‬أتذكر‭ ‬أننى‭ ‬كنت‭ ‬هدفاً‭ ‬للتطبيق‭ ‬أو‭ ‬المنع‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدولة‭ ‬إلا‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭.. ‬وبعد‭ ‬تخرجى‭.‬

‭‬وماذا‭ ‬فعل‭ ‬الإخوان‭ ‬بعد‭ ‬هذه‭ ‬الحرية‭ ‬الواسعة‭ ‬التى‭ ‬منحها‭ ‬لهم‭ ‬السادات؟

يقول‭ ‬أبو‭ ‬الفتوح‭: ‬بدأ‭ ‬تنظيم‭ ‬الإخوان‭ ‬يتجدد‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬مصر‭ ‬وبدأت‭ ‬قيادات‭ ‬الإخوان‭ ‬تصعد‭ ‬إلى‭ ‬قمته‭ ‬وتسيطر‭ ‬عليه‭.. ‬وكان‭ ‬معظم‭ ‬هذه‭ ‬القيادات‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬تربوا‭ ‬فى‭ ‬النظام‭ ‬الخاص‭ ‬أو‭ ‬التنظيم‭ ‬السرى‭ ‬المسلح‭ ‬ـ‭ ‬وكانوا‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يتصلون‭ ‬بالخريجين‭ ‬الجدد‭ ‬من‭ ‬الشباب‭.. ‬وكان‭ ‬أعضاء‭ ‬هذا‭ ‬التنظيم‭ ‬السرى‭ ‬الخاص‭ ‬مما‭ ‬تمثله‭ ‬مجموعة‭ ‬النظام‭ ‬الخاص‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٦٥‬‭ ‬والذى‭ ‬ارتبط‭ ‬بسيد‭ ‬قطب‭.‬

هكذا‭ ‬سيطر‭ ‬القضبيون‭ ‬على‭ ‬الجامعات‭ ‬والحركة‭ ‬الإسلامية‭.‬

وانتهت‭ ‬فترة‭ ‬السادات‭ ‬باغتياله؟‭ ‬فماذا‭ ‬فعل‭ ‬الإخوان؟

يقول‭ ‬أبو‭ ‬الفتوح‭: ‬استقبل‭ ‬اغتيال‭ ‬السادات‭ ‬استقبالاً‭ ‬حافلاً‭.. ‬بل‭ ‬وخر‭ ‬الشيخ‭ ‬حافظ‭ ‬ساجداً‭ ‬فور‭ ‬سماع‭ ‬النبأ،‭ ‬وحدثت‭ ‬حالة‭ ‬هرج‭ ‬ومرج‭ ‬فى‭ ‬السجن،‭ ‬وحاول‭ ‬بعض‭ ‬المتحفظ‭ ‬عليهم‭ ‬كسر‭ ‬باب‭ ‬السجن‭ ‬والخروج‭ ‬منه‭ ‬وكان‭ ‬مأمور‭ ‬السجن‭ ‬يناشدهم‭ ‬بالهدوء‭.‬

 

هكذا‭ ‬هم‭ ‬الإخوان‭:‬

ويقول‭ ‬جيل‭ ‬كيبل‭: ‬إن‭ ‬السادات‭ ‬دخل‭ ‬فى‭ ‬صفقة‭ ‬مع‭ ‬الإسلاميين‭ ‬وكانت‭ ‬الخدعة‭ ‬أن‭ ‬الأكبر‭ ‬سنا‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬ساوموه‭ ‬بينما‭ ‬اختار‭ ‬شباب‭ ‬الإخوان‭ ‬طريق‭ ‬العنف‭ ‬وأرادوه‭ ‬شهيداً‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭!!‬

 

ولكن‭ ‬يظل‭ ‬السؤال‭.‬

كيف‭ ‬للرئيس‭ ‬السادات‭.. ‬وهو‭ ‬السياسى‭ ‬الكبير‭ ‬أن‭ ‬يعجز‭ ‬عن‭ ‬فهم‭ ‬الإخوان‭ ‬وطبيعتهم‭.. ‬وانه‭ ‬لا‭ ‬آمان‭ ‬لهم‭ ‬وأنهم‭ ‬منذ‭ ‬ظهورهم‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٢٨‬‭.. ‬لم‭ ‬يتفقوا‭ ‬مع‭ ‬زعيم‭ ‬وطنى‭.. ‬من‭ ‬مصطفى‭ ‬النحاس‭ ‬لعبدالناصر؟‭.‬

لم‭ ‬يتركوا‭ ‬زعيماً‭ ‬واحداً‭ ‬إلا‭ ‬وتآمروا‭ ‬عليه‭.. ‬بالتأكيد‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬السادات‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬للنهاية‭ ‬التى‭ ‬وصل‭ ‬إليها‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬ولا‭ ‬كان‭ ‬يتخيل‭ ‬ذلك‭ ‬ولكن‭ ‬كان‭ ‬بداخله‭ ‬شخص‭ ‬محافظ‭ ‬دفعه‭ ‬للطريق‭ ‬الذى‭ ‬أخذ‭ ‬مصر‭ ‬إليه‭!‬