فيض الخاطر

تبرع إلهام شاهين !

حمدي رزق
حمدي رزق

وقالت الفنانة إلهام شاهين: «أنا بعلن إنه إذا كان منى أى حاجة تصلح للتبرع، فأنا بتبرع به، وأنا بعلن دا على الملأ كله».
 إعلان إلهام شاهين التبرع بأعضاء جسدها بعد الوفاة، مبادرة محترمة من فنانة كبيرة متفاعلة مع آلام مجتمعها بحس إنسانى راقٍ.
 وسيتبعها كثيرون، إذا استبطنّا المعنى الكامن فى التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، أعضاء المتوفى تكتب الحياة لسبعة (أحياء أموات)، سبعة أعضاء صالحة للنقل، تدفن ويأكلها الدود بدلا من أن تحيى إنسانًا يترجى الله فى الحياة.

مثل هذه المبادرات الطيبة التى تصدر بين الحين والآخر، ومضات إنسانية، تذكر المجتمع بـ «الفريضة الغائبة»، التبرع بأعضاء جسد المتوفى واجب إنسانى مستوجب على أصحاب القلوب الرحيمة.

ستقابل بالرفض، وبالسخرية تنطعًا، دعهم فى ظلمات أنفسهم يعمهون، لو يعلمون ما طفقوا يهرفون بلغو الكلام ويسخرون ويتمسخرون.
 للأسف لاتزال قضية التبرع بأعضاء الموتى محل رفض مجتمعى، فى مساحة الحرام، تأسيسًا على أفكار دينية عتيقة ترسخت فى الأذهان، لم تقلقها اجتهادات فقهية معتبرة من مراجع دينية مقدرة فى الأزهر والكنيسة ودار الإفتاء.

 إلهام شاهين ضربت مثلًا، وكذا مقدرون، السيدة فريدة الشوباشى نموذجًا، وطيب الذكر الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوى فتح الباب بتبرع كريم بأعضائه، بوصية واجبة، ولكن مثل هذه الأصوات الكريمة تضيع فى مجتمع استنام على فتاوى تحريمية، وصم أذنيه عن عذابات المرضى فى طوابير الانتظار.. ينتظرون بصيص حياة  فى لجة الموت.
 إعلان إلهام شاهين مضافًا إلى إعلان الدكتور عوض عباس (من جامعة القاهرة) يفتح المجال مجددًا للإلحاح المجتمعى على التبرع بالأعضاء من الموتى للأحياء، فرصة وسنحت للمراجع الطبية لإيقاظ الضمير المجتمعى الغائب عن هذه القضية الإنسانية الملحة، قوائم الانتظار للأعضاء طالت واستطالت، والآلام غير محتملة، وشبح الموت يهدد حيوات تترجى الله فى متبرع كريم.

أخشى بح صوتنا فى الدعوة للتبرع بالأعضاء من الموتى للأحياء، وجل عمليات زراعة الأعضاء فى مصر، تقوم على التبرع من أحياء إلى أحياء، والمعاناة رهيبة لندرة المتبرعين فى ظل منظومة قانونية صارمة تقصرها على ذوى القربى إلا باستثناءات نادرة، رغم وجود مورد لا ينضب من أعضاء الموتى فى حالة «الوصية» طوعًا واختيارًا..
 مطلوب البناء على إعلان إلهام شاهين والشوباشى والدكتور عباس، وإعادة فتح هذا الملف بإنسانية وإيثار وباعتبار لقيمة الحياة، مثل هذه الفرائض المجتمعية الغائبة يستوجب ألا تغيب عن ناظرينا.