«حلة لحمة» تجمع قادة قوات الاحتياط في إسرائيل

ديان
ديان

 

حقائق كثيرة عن عمليات العبور التي قامت بها القوات المسلحة وحقائق أخرى لم يعرف الكثير عنها وهو كيف تقبلت اسرائيل أنباء الهزيمة التي لحقت بجيشها في الأيام الاولى لحرب أكتوبر وكيف تصرفت القيادة العسكرية الاسرائيلية وكيف فقد الجنود ثقتهم في قيادتهم وتضاءلت شخصية كبار قواد اسرائيل أمام الرأي العام الاسرائيلي الذي حدث في 6 أكتوبر 1973 .

وما لا يريد الإسرائيليون أن ينسوه أبدا أنهم يعتقدون أن شيئا خطيرا جدا أخطر من الحرب نفسها قد لحق بهم في هذا اليوم . من المسئول عن هذا الشيء ؟ 


أصابع الاتهام وجهت الى جهاز المخابرات العسكرية الاسرائيلية فأين كان قادة الجهاز وعلى رأسهم الجنرال أيلي زيرا ، عندما وصلتهم تقارير كثيرة ابتداء من أول أكتوبر حول ما يجري على الجبهة المصرية والجبهة السورية، بحسب  ما نشرته جريدة أخبار اليوم 10 / 11 / 1973.


 التقارير الكثيرة والبرقيات والمعلومات تجمع على أن القوات المصرية والسورية قد وضعت في حالة تعبئة قصوى وأن المسؤولين المصريين والسوريين قد أمروا باستدعاء قوات الاحتياطي وحشدهم على طول خطوط وقف إطلاق النار .


 ونفس هذه المعلومات عرفتها أجهزة المخابرات الامريكية وأسرعت هذه الاجهزة تقدمها الى المسئولين الإسرائيليين ووضع تفسيرا لها .وضحك قادة إسرائيلي بسبب قلق الولايات المتحدة ! 


هز الجنرال موشى ديان كتفيه ساخرا وقال ضاحكا « .. لا تقلقوا ! هذه هي خامس مرة تعلن حالة الطوارئ في الجيش المصري خلال السنتين الماضيتين» وفي يوم 4 أكتوبر عاودت الولايات المتحدة الاتصال باسرائيل لتعبر لها عن شدة قلقها بسبب ما يحدث على الجبهة المصرية والسورية وفي هذه المرة كان الجنرال ديفيد اليعازر رئيس هيئة اركان الجيش الاسرائيلي الذي سخر أيضا من قلق الامريكيين وأرسل اليهم يقول «لا تقلقوا ! إن ما يجري عند العرب لا يزيد كونه على حركة استعراض العضلات موجهة للاستهلاك المحلي»


لم تهدأ الولايات المتحدة ولم تخف حدة قلقها لكنها اضطرت الى تصديق اسرائيل .

وفي يوم 5 أكتوبر تضاعفت التقارير فوق مكتب الجنرال أيلي زيرا- رئيس المخابرات العسكرية وتشير إلى أن هجوما متوقعا ووشيكا للقوات المصرية والسورية سيقع . 


ورغم ذلك لم يتحرك قادة اسرائيل او على الأصح تحركوا كما لا يجب ان يفعلوه واكتفوا بإعلان حالة الطوارئ رقم « 3 » وهي أخف حالة طوارئ للجيش الاسرائيلي .. مجرد استدعاء عدد من الطيارين ورجال المدرعات من قوة الاحتياط . لم تعلن حالة التعبئة العامة وبالتالي لم يعرف الشعب الاسرائيلي بما يحدث ولا بما حدث . 


وجمع ديان قادته وقال لهم « لا شك عندي أن هذه مناورة جديدة يقوم بها العرب لا أكثر ولا أقل ومن غير المعقول ان نستدعي قوات الاحتياط ونعلن حالة الطوارئ العامة في البلاد في ليلة أكبر الأعياد اليهودية : يوم كيبور  .. عيد التكفير. فقد أصيب قادة اسرائيل بعقدة التفوق ولم تخفف امنيتهم أن يقدم الجيش المصري على عبور قناة السويس حتى سيتم سحقه سحقا كما قال ديان في أكثر من مرة.


حتى طار النوم من عيون قادة اسرائيل في فجر يوم 6 أكتوبر فرق كاملة من المدرعات المصرية والسورية تتقدم ناحية خطوط وقف اطلاق النار والحركة لا تهدأ في المطارات المصرية السورية العسكرية ، تم استدعاء جميع اعضاء الوزارة الإسرائيلية للاجتماع فورا مع جولدا مائير التي وصلت من رحلتها من النمسا ، وعن طريق الراديو أطلقت كلمة الشفرة لاستدعاء جنود قوات الاحتياط في أسرع وقت ممكن كانت الشفرة تقول :« حلة من اللحم المسلوق » كرر المذيع هذه الجملة عشرات المرات فاليوم هو عيد التكفير وفي هذا اليوم لا يستمع الناس الى الراديو. 

اقرأ أيضا| بعد حرب أكتوبر.. كيسنجر يخاطب ود المصريين: اللي فات مات 


كان الاسرائيليون في معابدهم يعترفون بذنوب العام الماضي ويطلبون من السماء ان تغفر لهم على أمل الغفران في العام التالي . وشيئا فشيئا بدأ الناس ينتبهون الى « حلة اللحم المسلوق » أنها دعوة للتعبئة العامة لجميع القوات العاملة والاحتياط معا وبدأ الرجال يغادرون المعابد والمنازل للتوجه فورا الى مراكز تجمعهم ووحداتهم المسلحة .


 لم يعرف أحد سبب هذه التعبئة العامة في هذا الوقت ولكنهم كانوا يجمعون على أن الأمر على جانب كبير من الخطورة . عند خط بارليف في الجبهة المصرية وعند مرتفعات الجولان السورية كانت حالة الطوارئ القصوى قد أعلنت للقوات الاسرائيلية منذ ساعات الفجر الاولى ولكن هذه القوات لم تتخذ القرار بالجدية المطلوبة فالجبهة أمامهم هادئة جدا وظنوا ان سبب التعبئة هو اجراء تدريبات في هذا اليوم الذي شلت فيه الحياة في اسرائيل بسبب العيد وربما أراد قواد الجيش اختبار درجة استعداد قواتهم عند جبهتي القتال في مثل هذا اليوم .


المصدر : مركز معلومات أخبار اليوم