اشتروا منى

الجمهورية الجديدة هنجت الـ Gps

هناء عبدالفتاح
هناء عبدالفتاح

هناء عبدالفتاح

لا أتعلم.. أفشل بالثلث فى كل مرة أقرر فيها الاستعانة بالـ Gps أملاً فى إرشادى لتتبع طريق أسرع وأقل كثافة مرورية أو حتى توصيلى لمكان لا أعرف كيف أصله، كل مرة أفتحه فيها تتعطل وجهتى مرة واثنتين وثلاث، كل مرة أجد نفسى أضرب أخماس فى أسداس وأضطر لإغلاقه أو الاعتماد على اجتهادى الشخصى والتنجيم حتى يفرجها الله وأمسك طريق اعمله، والحقيقة أنى بقدر ما أختنق من هذا التوهان وفشل محاولات الاستعانة بالـ Gps بقدر ما أكون سعيدة لأن تلك اللخبطة تحدث بسبب التحول المهول الذى يحدث فى طول البلاد وعرضها، ما فى طريق أمشى فيه إلا وفيه إصلاحات أو إنشاءات أو محاور يتم بناؤها أو كبارى يتم رفع كفاءتها أو تأسيس لبنية تحتية أو إصلاح بنية تحتية أو رصف أو تشجير، حرفيا وبدون أى مبالغة الدولة هزمت نظام تحديد المواقع العالمى وضربته على رأسه، أرض مصر أصبحت عصية على ذكائه الاصطناعى والتطوير المستمر والعمل الذى يجرى فيها على قدم وساق حجب عنه مساحة مواكبة التحديث، وإذا كانت مهمة هذا السيستم عالمياً هو النجاح فى توصيلك لوجهتك باختيار الطريق الأسهل والأسرع فعلى أرض مصر أصبحت مهمته هى النجاح فى توصيلك من الأساس، شيء يدعو لتذمر عقول المحدودين وفرحة قلوب المتجردين، يدعو لتأفف أفواه الكارهين وجريان جملة «تحيا مصر» على أفواه العاشقين، أبى الرجل البسيط الذى لم ولن يهتم يوماً بالسياسة قال لى مرة أثناء صعودنا بالسيارة محور روض الفرج «ايه ده .. السيسى بنى مصر فوق مصر»، وأنا اعتبرت كلمة أبى العفوية كلمة تعادل شرحا كافيا ووافيا لمفهوم الجمهورية الجديدة، فعلاً توجد جمهورية جديدة، وفعلاً مصر اختلفت جذرياً وفعلاً تغير وجهها كلياً، تغير لدرجة أكبر من الكلمات وأعلى من شهادة الشهود، لدرجة جعلت الـ Gbs بجلالة قدره هنج!


لا أقول إن الحياة بقى لونها بمبى، ولا أجزم بأن كله تمام وزى الفل، مؤكد وطبيعى أن المشوار طويل، وأن الصورة النموذجية لم تكتمل بعد، لكنى أجزم أنه الخط الذى لو مديناه على استقامته سينتظر أولادنا مستقبل أروع من حاضرنا بكثير، وستفرد لهم مساحات أكبر من مساحاتنا بكثير، أنا سعيدة بتوهانى فى الطرق، وأفتخر طول الوقت بلافتات «نأسف للإزعاج» و»صيانة طريق» و»عملية إنشاء»، كلها جمل تطرب العقل والقلب ولا تمكث فى مكانها طويلاً، إذ ترفع فى وقت قياسى لتوضع فى أماكن أخرى والعمل لا يتوقف.. إنه ميلاد الجمهورية الجديدة وما أعظمه ميلاد على الإطلاق.