خلال حوارها مع «بوابة أخبار اليوم»

حوار | الأديبة «ريم بسيونى» صاحبة «الثلاثية الجديدة»: «الحرافيش» أعظم نص أدبى

د. ريم بسيونى: أكتب عن الماضى لأفهم الحاضر!
د. ريم بسيونى: أكتب عن الماضى لأفهم الحاضر!

دكتورة ريم بسيونى: أحدث رواياتى بالإنجليزية بقلم مترجم محفوظ

تنتظر الأديبة المرموقة دكتورة ريم بسيونى، فى سعادة بالغة بصدور الترجمة الإنجليزية لأحدث روايتين لها: أولاد الناس، وسبيل الغارق، حيث تصدر الترجمة الأولى فى نوفمبر المقبل، بينما تظهر الأخرى فى مطلع 2022، ومما يسعد الروائية الشابة كثيرًا، أن الترجمتين أنجزهما قلم المترجم الشهير «روجر آلان»، الذى نقل إلى قراء الإنجليزية فى كل مكان روائع أديب مصر العالمى نجيب محفوظ بحرفية عالية وبراعة ملحوظة، وترى ريم أن ترجمة أحدث روايتين لها بقلم مترجم محفوظ، هو وسام على صدرها، يضاهى فوزها بجائزة عميد الرواية العربية.

صاحبة الثلاثية الجديدة: وقعت فى غرام العصر المملوكى

وفى منطقة الانتظار، وترقب صدور الترجمتين كحدث مشرف للأدب العربى كله، انطلق حوارنا بالأديبة المرموقة التى لفتت الأنظار منذ أول كتاب لها، وتأكد بعد ذلك تميز موهبتها، وسطوع حضورها عبر إبداعاتها المتتالية التى لاقت صدى رائعاً، واحتفاءً نقدياً تستحقه، وجاءت ثلاثيتها حول عصر المماليك كذروة هذه الإبداعات اللافتة التى فازت بالجائزة الكبرى التى تحمل اسم أديبنا العالمى نجيب محفوظ، وتحظى باهتمام عربى ودولى عبر ترجمتها وصدورها، فى مطلع العام المقبل، إلى جانب ترجمة روايتها «سبيل الغارق» لتظهر فى نوفمبر، وقد جاء السؤال الأول حول هذه الثلاثية اللافتة التى رفعت اسم صاحبتها عالياً سواء على مستوى القراء أو على صعيد النقاد.

- فى ظل تعقد إشكاليات الواقع وشراسة همومه وضراوة تحدياته يبدو لجوء الأدب إلى التاريخ نوعاً من الهروب والارتداد إلى الوراء فما رأيك؟


اللجوء إلى التاريخ ليس نوعاً من الهروب بل هو يساعد على فهم أفضل للواقع، أعتقد أن هناك الكثير من الفترات المهمة فى تاريخ مصر والعالم التى لم يتعامل معها الأدب بعد، وتستحق أن نكتب عنها وأن نلقى عليها الضوء، لأن الهوية المصرية مرتبطة بالتاريخ والكتابة، عن التاريخ تعد بمثابة فهم أفضل للواقع ومعطياته فى ظل عالم متغير منذ الأزل وفهم التغير لا يصبح ممكناً إلا إذا فهمنا الماضى بكل تفاصيله، كما أن الأديب لابد ألا يكون مقيدًا بنوع معين من الكتابة، أو فترة معينة من التاريخ بل يكتب ما يروق له وما يريد، لأن الكتابة فعل إبداعى يحتاج إلى وقفة مع النفس قبل أى شىء.

- يردد البعض أنه فى عصور الحريات قد يبدو اللواذ بالتاريخ ترفاً بلا معنى وأمرًا بلا مبرر.. فكيف ترين المسألة؟

أنا شخصياً لا أكتب الرواية التاريخية من أجل أى إسقاط سياسى أو لنقد مواقف بعينها، بل أكتب ما أشعر بصدقه وأهميته فقط، وفى اعتقادى أن واجب الأديب هو إلقاء الضوء على البشر، وليس دوماً انتقاد الواقع، هذا لا يعنى أن التاريخ فى الماضى لم يكن يستعمل من قبل الأدباء من أجل إلقاء الضوء على الحاضر، هذا حدث فعلاً ولا عيب فيه، ولكننى ألقى الضوء على فترات فى التاريخ تستهوينى، وتسيطر على أيامى فى الكثير من الأحيان، لذا الكتابة بالنسبة إلى أهم شىء فى الوجود، وعمل لابد من احترامه وإعطائه الوقت والبحث والمجهود الذى يستحقه.

- ألا تظنين أن إيقاع العصر لم يعد يحتمل فكرة الثلاثية؟ وكيف واتتك شجاعة الإطالة والإسهاب عبر ثلاثية روائية فى مواجهة قارئ ملول وإيقاع لاهث؟ وكيف تغلبتِ على هذا التحدى؟

فى الحقيقة أنا لم أتوقع نجاح هذه الثلاثية الصادرة عن دار نهضة مصر إلى هذا الحد، كنت فعلاً أتصور أن طول الثلاثية ربما يكون عائقاً عند بعض القراء، ولكننى كان لابد أن أكتبها لأن الفكرة ألحت علىَّ، والعصر نادانى لأكتب عنه حتى شعرت أن من واجبى أن أوضح طبيعة عصر المماليك وأهميته، وكان هناك فضل لمديرة النشر؛ لأنها قررت أن الرواية تصدر بأجزائها الثلاثة فى كتاب واحد، وهذا قرار صائب؛ لأن الثلاثة أجزاء متصلة، ولابد من قراءتها معًا.

- هل كانت ثلاثية محفوظ تتراءى لك أثناء كتابتك لثلاثيتك وتلوح لك فى الخلفية؟
ثلاثية نجيب محفوظ عمل مهم سيعيش أعوامًا، ولكن العمل الذى يبقى دومًا فى عقلى عند الكتابة هو رواية الحرافيش، فهى بالنسبة إلى أعظم نص أدبى على الإطلاق، وعمل لا يترك مخيلتى أبدًا لأنه يلمس قلبى وروحى.

- قد تعكس اختيارات الإنسان نحوًا من التعاطف والاتساق والانسجام مع ما يختار، كيف يبدو الأمر مع اختيارك لعصر المماليك ليكون مسرحًا لأحداث ثلاثيتك؟


اختيارى لعصر المماليك تم بالصدفة البحتة بسبب زيارتى لمسجد السلطان حسن، وتعلقى بالمكان ورغبتى فى معرفة تاريخ وأسباب مقتل السلطان حسن، وعندما بدأت البحث فى التاريخ وقعت فى غرام العمارة المملوكية والعصر بأكمله، لأنه من أغنى العصور من حيث العلم والعمارة والصناعة والتجارة وللأسف هو عصر لم يأخذ حقه فى الكتابات فى مصر.

- أيهما يسعد المبدع أكثر ترجمة أحد أعماله إلى لغة أخرى ذائعة أم حصوله على جائزة مرموقة تتوج هامته، والأمران حدثا معك وكيف ترين تأثير حصولك على جائزة تحمل اسم محفوظ هل فتحت لك الأبواب وصعدت بك إلى الشرفات العالية؟


حصولى على جائزة تحمل اسم الأديب الكبير نجيب محفوظ شرف كبير لأى مبدع يبقى معه العمر بأكمله، خاصة لأننى كما ذكرت لك أرى فى أعمال محفوظ نصوصًا إنسانية تلمس القلب والعقل، ولا تترك الذاكرة، أما بالنسبة للترجمة فهى مهمة لأى عمل أدبى؛ لأنها تعطى الفرصة للأديب أن يكسب قارئًا مختلفًا، وينشر فكرة أفضل عن الإنسانية والحضارة، فالكتابة لابد أن تبقى نقطة التقاء بين الشعوب وجسرًا للعبور بين الحضارات، ولو فقدت الكتابة هذا الهدف، فلا أهمية لها، الكتاب لابد أن يلمس بعضًا من البشر فى كل مكان.

- هل أنتِ راضية عن الترجمة التى جرى إنجازها لنصين من حصادك الإبداعى؟


من حسن حظى أن من ترجم أعمالى هو مترجم نجيب محفوظ أيضًا، فبالطبع راضية جدًا عن ترجمته بل وأتشرف بها.

- ولماذا تتكتمين ملامح مشروعك الروائى الجديد؟ وهل تخافين سرقة الأفكار؟ هل مررت بهذه المحنة من قبل؟


الحقيقة بالنسبة لمشروعى الجديد، فأنا أترك التوقيت والإعلان لدار النشر؛ لأنها أدرى بالمواعيد المناسبة والطريقة المثلى للإعلان عن العمل، وأنا أشغل نفسى بالكتابة فقط والبحث والاجتهاد وأثق فى أن دار النشر ستقوم ببقية المهام.

- ما هو الموضوع الذى يداعب مخيلتك كثيرًا ولكنك تهابين خوض غماره حتى الآن؟

يُداعبنى كثيرًا تاريخ قدماء المصريين، ولكن لا أملك الشجاعة حتى الآن للخوض فيه لأنى لا أخوض فى أية حقبة إلا إذا درستها بكل تفاصيلها، وحتى أستطيع أن أدرس فترة المصريين القدماء بالتفصيل لسنوات عديدة سأخاف من الكتابة عنها.