إنچى ماجد
فيلم«Free guy»، أو «جاي الحر»، هو ثاني أعمال نجم هوليوود ريان رينولدز هذا الصيف، بعد فيلمه «The Hitman’s Wife’s Bodyguard»، وهو الفيلم الذي قد لا يتذكره الكثيرون بسبب ضعف مستواه الفني بشكل كبير، أما «Free guy»، فهو من الأفلام التي لن تنسى في سينما 2021، فهو عمل أفضل بشكل ملحوظ، أكثر حيوية وأكثر ذكاء وأكثر جاذبية.
وإلى جانب كونه عملا ثانيا لرينولدز هذا العام، فقصة «Free guy» أيضا بمثابة رؤية مكررة شاهدناها عدة مرات من قبل، فهو يتشابه في خطه الدرامي مع أفلام «Groundhog day» الذي عرض عام 1993، و«Truman show The» الذي عرض عام 1998، وأخيرا «Ready player one» الذي عرض قبل 3 أعوام، والثلاثة أفلام السابق ذكرهم جميعهم أعمالا قوية لا خلاف عليها؛ وفي«Free Guy» نجد أن كاتب السيناريو والقصة هو زاك بن، الذي كتب كذلك فيلم «Ready player one»، بينما تولى إخراج الفيلم شون ليفي صاحب سلسلة« Night at the museum» .
في موسم سينمائي غير ملهم كالذي نعيشه عام 2021، مسألة تشابه الأفلام مع أعمال سابقة لم تعد أزمة كما كان في الماضي، ومع حرص صناع العمل بن وليفي على تقديم فيلم ذي جودة فنية، فالجمهور لن يتردد في الذهاب لمتابعة فيلم قادر على أن ينسيه عبء الحياة وسط وباء لا أحد يعلم متى سينتهي.
في البداية تشير الأحداث إلى أن مكانها هو مدينة بوسطن الأمريكية، لكننا نعلم فيما بعد أن الأحداث تدور في «Free city»، وهو بالمناسبة موقع لعبة إليكترونية ضخمة متعددة اللاعبين على الإنترنت تحمل الاسم نفسه، ويلعب رينولدز دور «جاي»، دور أحد شخصيات تلك اللعبة، وهو موظف صاحب شخصية مرحة يعمل بأحد البنوك، ويرتدي كل يوم نفس القميص الأزرق، ويقوم كل يوم بطلب نفس القهوة، وكل يوم يقول لعملائه «لا أتمنى لكم يوم جيد فحسب، لكن يوما عظيما»، واللافت للنظر أن «جاي» غافل عن حالة التكرار التي يعيش فيها.
أما «فري سيتي» فهي دوامة من العنف والموت والدمار في العالم الإليكتروني الواسع، يتم ارتكابها بسعادة من قبل لاعبي اللعبة، والتي بداخلها ترتدي الشخصيات الرمزية للاعبين نظارات شمسية، مما يميزهم عن الشخصيات الهامشية غير القابلة للعب، مثل شخصية «جاي»، وهنا يأتي التأثر بفيلم «The Truman Show»، حيث لا يدرك «جاي» أنه يقود حياته - إذا كان بإمكانك تسمية هذه الحياة - لصالح ملايين الأشخاص الذين يشاهدونه ويلعبون اللعبة.
كل هذا مصمم للاستمرار إلى الأبد، أو على الأقل حتى تصدر «Soonami» - وهي الشركة التي تملك ملكية اللعبة - الإصدار الثاني منها، لكن مجموعة من الأخطاء الغير مقصودة تحدث لتربك الموقف، وبما أن «جاي» شخصية هامشية في اللعبة يقول لصديقه حارس البنك: «ربما سأحصل على بعض النظارات الشمسية الخاصة بي».. وهنا يأتي التشابه مع سلسلة «Men in black».. ونجد أن «جاي» على وشك أن يأكل من ثمرة شجرة المعرفة الرقمية، ليصبح أول شخصية مؤكدة في عالم الذكاء الاصطناعي، كما قال مبرمج شركة «سونامي».
الخطأ الثاني والذي يجعل من «جاي» شخصية رئيسية في اللعبة، هو وقوعه في حب إحدى الشخصيات الرمزية، حيث يلتقي بالفتاة التي يحلم بها، وهي من الشخصيات اللاعبة الهامة في اللعبة، فمهمتها تقوم على القتل والطيران وحماية نفسها من الموت، ويكون لهذا اللقاء أثر حاسم على شخصية «جاي»، الذي يختطف نظارة أحد الشخصيات اللاعبة ويتحول إلى بطل خارق مثلهم، لكنه دخيل ليس له اسم أو دور في اللعبة، وهو ما يتسبب في ارتباك هائل لمستخدمي اللعبة ومصمميها.
الفيلم في مجمله يطرح فكرة جديدة لم يطرحها أي عمل من قبله - رغم اقتباسه العديد من التفاصيل من الأفلام السابق ذكرها - وهو ما يفسر الإيرادات الكبيرة التي حققها من العرض التجاري، لكن السيناريو لم يتمكن من التماشي مع ملامح الذكاء الإصطناعي التي تسيطر على الأحداث، لدرجة أن الفيلم لا يبدو فقط مهينا في بعض الأحيان، لكن كذلك صار يمكن توقع الأحداث التالية، لكن جاذبية رينولدز نجحت في الحفاظ على زمام الأمور، وعدم سقوط الفيلم في بئر السطحية، ويجدر الإشارة كذلك إلى أن الفيلم جاء قصيرا، على الرغم من قصته الواعدة.
خلال مسيرته المميزة في هوليوود، أصبحت صورة ريان رينولدز لدى جمهوره في إطار الرجل المستقيم الحكيم والمرح، وكان من الممكن أن يأتي «Free Guy» بشكل أفضل، إذا ركز المخرج شون ليفي بشكل أكبر على نقاط قوة رينولدز التمثيلية، أيضا بطلة الفيلم الإنجليزية جودي كومر لديها سيرة تلفزيونية قوية، وقد أثبتت قوتها في ذلك الدور المختلف، وأعلنت عن نفسها كنجمة واعدة في سينما هوليوود.
في النهاية استطاع شون ليفي صناعة فيلم جماهيري لطيف على شاكلة ثلاثيته «ليلة في المتحف»، ومع شعبية وسحر رينولدز استطاع «جاي الحر»، أن يأتي كأحد أفضل أفلام موسم صيف 2021.