MASTER SCENE

معركة العيون والوجوه فى « الهروب »

فيلم الهروب
فيلم الهروب

أحمد‭ ‬سيد

مشهد‭ ‬‮«‬الماستر‭ ‬سين‭ - ‬master scene‮»‬،‭ ‬هو‭ ‬المشهد‭ ‬السينمائي‭ ‬الأهم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الموضوع،‭ ‬والأكثر‭ ‬إتقانا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الأداء،‭ ‬حيث‭ ‬تتصاعد‭ ‬الأحداث‭ ‬نحو‭ ‬الذروة،‭ ‬ثم‭ ‬تبدأ‭ ‬المواجهة‭ ‬التمثيلية‭ ‬المتقنة‭ ‬قبل‭ ‬الحل،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬صنعه‭ ‬المخرج‭ ‬الراحل‭ ‬عاطف‭ ‬الطيب‭ ‬في‭ ‬رائعته‭ ‬السينمائية‭ ‬‮«‬الهروب‮»‬‭ ‬مع‭ ‬العملاق‭ ‬الراحل‭ ‬أحمد‭ ‬زكي،‭ ‬واستطاع‭ ‬أن‭ ‬يرسمه‭ ‬ببراعة‭ ‬المؤلف‭ ‬مصطفى‭ ‬محرم،‭ ‬والعمل‭ ‬ككل‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬استطاع‭ ‬الطيب‭ ‬أن‭ ‬يتناول‭ ‬فيها‭ ‬عادات‭ ‬وتقاليد‭ ‬الصعيد‭ ‬بشكل‭ ‬عميق‭ ‬وتناول‭ ‬بصري‭ ‬يظهر‭ ‬جماله‭ ‬ومدى‭ ‬نبله‭ ‬وأخلاقه‭. ‬

لكن‭ ‬يظل‭ ‬مشهد‭ ‬نهاية‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬الهروب‮»‬‭ ‬هو‭ ‬‮«‬ماستر‭ ‬سين‮»‬‭ ‬العمل،‭ ‬والذي‭ ‬يتم‭ ‬فيه‭ ‬قتل‭ ‬‮«‬منتصر‮»‬‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الشرطة،‭ ‬فقد‭ ‬أدار‭ ‬الطيب‭ ‬المشهد‭ ‬بشكل‭ ‬صادق،‭ ‬حيث‭ ‬تأثر‭ ‬به‭ ‬المشاهد،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التصوير‭ ‬واستخدام‭ ‬الإضاءة‭ ‬الخافته‭ ‬مستعينا‭ ‬فقط‭ ‬بإضاءة‭ ‬سيارات‭ ‬الشرطة،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأداء‭ ‬المميز‭ ‬للممثلين‭ ‬الأربعة‭ ‬الذين‭ ‬شاركوا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬أحمد‭ ‬زكي‭ ‬وعبد‭ ‬العزيز‭ ‬مخيون‭ ‬ومحمد‭ ‬وفيق‭ ‬وهالة‭ ‬صدقي‭. ‬

اهتم‭ ‬الطيب‭ ‬بكل‭ ‬تفصيلة‭ ‬في‭ ‬المشهد،‭ ‬ليخرج‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬يتمناه،‭ ‬وحتى‭ ‬يحقق‭ ‬الغاية‭ ‬منه،‭ ‬وهي‭ ‬المزج‭ ‬بين‭ ‬مشاعر‭ ‬النبل‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬شخصية‭ ‬‮«‬الضابط‭ ‬سالم‭ ‬–‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬مخيون‮»‬،‭ ‬الصعيدي‭ ‬الذي‭ ‬يتمسك‭ ‬بعادات‭ ‬وتقاليد‭ ‬أهله،‭ ‬والغدر‭ ‬والخيانة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬‮«‬الضابط‭ ‬فؤاد‭ ‬الشرنوبي‭ ‬–‭ ‬محمد‭ ‬وفيق‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬ينتظر‭ ‬خروج‭ ‬‮«‬سالم‮»‬‭ ‬من‭ ‬جحره‭ ‬بواسطة‭ ‬‮«‬سالم‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬وعده‭ ‬بالأمان،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الشرنوبي‮»‬‭ ‬حطم‭ ‬هذا‭ ‬الوعد‭ ‬بغدره‭ ‬لـ«سالم‮»‬‭ ‬إرضاءً‭ ‬لغروره‭ ‬وسلطته‭. ‬

في‭ ‬المشهد‭ ‬يظهر‭ ‬‮«‬منتصر‮»‬‭ ‬أمام‭ ‬مدخل‭ ‬المنزل‭ ‬محاصرا،‭ ‬بين‭ ‬‮«‬سالم‮»‬‭ ‬من‭ ‬الخلف،‭ ‬و«الشرنوبي‮»‬‭ ‬من‭ ‬الأمام،‭ ‬محاصرا‭ ‬بين‭ ‬وجهين‭ ‬مختلفين‭ ‬لمؤسسة‭ ‬واحدة،‭ ‬يتجه‭ ‬للخلف‭ ‬بظهره‭ ‬صارخا‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬‮«‬الشرنوبي‮»‬‭: ‬‮«‬أنتو‭ ‬عايزين‭ ‬مني‭ ‬إيه‮»‬،‭ ‬وبرع‭ ‬الطيب‭ ‬بتوجيه‭ ‬الممثلين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المشهد،‭ ‬والذي‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬نبرة‭ ‬صوت‭ ‬كل‭ ‬ممثل،‭ ‬حيث‭ ‬حافظ‭ ‬‮«‬سالم‮»‬‭ ‬على‭ ‬هدوءه،‭ ‬بينما‭ ‬كانت‭ ‬نبرة‭ ‬صوت‭ ‬‮«‬الشرنوبي‮»‬‭ ‬بها‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الاستعلاء‭ ‬والتشفي،‭ ‬وتلمس‭ ‬في‭ ‬صوت‭ ‬‮«‬منتصر‮»‬‭ ‬ونظرات‭ ‬عينيه‭ ‬الحصار‭ ‬وفقدان‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬الهروب‭. ‬

لم‭ ‬يستعن‭ ‬المخرج‭ ‬الطيب‭ ‬بموسيقى‭ ‬مودي‭ ‬الإمام‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المشهد،‭ ‬وفضل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬شبه‭ ‬صامت،‭ ‬أو‭ ‬خالي‭ ‬من‭ ‬الموسيقى‭ ‬التصويرية،‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬أكثر‭ ‬صدقا‭ ‬وتعبيرا،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الموسيقى‭ ‬ربما‭ ‬كانت‭ ‬لتزيد‭ ‬من‭ ‬صخب‭ ‬المشهد،‭ ‬ويكفي‭ ‬نظرة‭ ‬الذهول‭ ‬والدهشة‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬هالة‭ ‬صدقي‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تنظر‭ ‬لـ«سالم‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬ضحى‭ ‬بنفسه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬‮«‬منتصر‮»‬،‭ ‬وأيضا‭ ‬‮«‬منتصر‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬استقبل‭ ‬طلقات‭ ‬الرصاص‭ ‬ليحمي‭ ‬‮«‬سالم‮»‬‭ ‬والذي‭ ‬ورطه‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬قضيته‭.     ‬

فيلم‭ ‬‮«‬الهروب‮»‬‭ ‬بطولة‭ ‬أحمد‭ ‬زكي،‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬مخيون،‭ ‬محمد‭ ‬وفيق،‭ ‬حسن‭ ‬حسني،‭ ‬أبو‭ ‬بكر‭ ‬عزت،‭ ‬وهالة‭ ‬صدقي،‭ ‬وتأليف‭ ‬مصطفى‭ ‬محرم،‭ ‬وإخراج‭ ‬عاطف‭ ‬الطيب،‭ ‬وتدور‭ ‬أحداثه‭ ‬حول‭ ‬3‭ ‬شخصيات‭ ‬إجرامية‭ ‬تحاصر‭ ‬الشاب‭ ‬الصعيدي‭ ‬‮«‬منتصر‮»‬‭ ‬لتحوله‭ ‬إلى‭ ‬سفاح‭: ‬الأول‭ ‬‮«‬مدحت‮»‬‭ ‬مدير‭ ‬مكتب‭ ‬تسفير‭ ‬العمال‭ ‬للخليج‭ ‬بتأشيرات‭ ‬مزورة‭ ‬حيث‭ ‬يلحق‭ ‬‮«‬منتصر‮»‬‭ ‬بالعمل‭ ‬عنده‭ ‬ويدفعه‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬أموال‭ ‬من‭ ‬العمال‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الصعيد،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬يقوم‭ ‬‮«‬مدحت‮»‬‭ ‬بدس‭ ‬قطعة‭ ‬من‭ ‬مخدر‭ ‬‮«‬الحشيش‮»‬‭ ‬لـ«منتصر‮»‬‭ ‬ويبلغ‭ ‬عنه‭ ‬الشرطة‭ ‬ليدخل‭ ‬السجن،‭ ‬والثانية‭ ‬‮«‬رجوات‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أغوت‭ ‬زوجة‭ ‬‮«‬منتصر‮»‬‭ ‬لتلحقها‭ ‬بالعمل‭ ‬في‭ ‬الدعارة‭ ‬بتركيا‭ ‬لحسابها،‭ ‬والثالث‭ ‬صديقه‭ ‬القديم‭ ‬‮«‬سعيد‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬خانه‭ ‬وسرق‭ ‬ماله‭ ‬وأبلغ‭ ‬عنه‭ ‬الشرطة‭.‬