الإعلام الرياضي في ميزان الخبراء: يزيد التعصب.. وعودة الروح مسئولية الأندية

صورة موضوعية
صورة موضوعية

شهد الإعلام الرياضى خلال الفترة الأخيرة - سواء من خلال القنوات الفئوية التابعة للأندية أوالبرامج المحسوبة على هذه الأندية من خلال هوية وانتماء مقدميها- حالة من الصراع والسخونة التى تتجاوز الحد إلى التلميحات والتراشق والسباب الذى وصل الأمر إلى مرحلة حرجة قد تساهم فى بث الفرقة وزيادة التعصب وربما يصل الأمر إلى حد الكارثة وتشهد السطور التالية رصدا لهذه الظاهرة ورأى الخبراء فى الواقع المفروض ومقترحاتهم لتصحيح الوضع للإعلام الفئوى مستقبلا. 

حوار مجتمعى


أكد د.سامى عبد العزيز عميد كلية إعلام القاهرة الأسبق أن السبب الرئيسى فى تفشى هذه الظاهرة ان هذه القنوات لم تؤهل مقدمى برامجها على فهم معايير القيم الإعلامية ولا ميثاق الشرف الاعلامى، فهم لم يتعلموا الالتزام الأخلاقى فى العمل الإعلامى، ثانيا إذا خرج العمل عن المعايير الإعلامية لا يتم النظر إلى هذا الأمر واتخاذ موقف ضده،

والعيب هنا على الأندية الرياضية نفسها، المسئولية الكاملة تقع على الأندية ورؤسائها وليست على الشركات المالكة للقنوات، لأن الأندية هى من يجب ان تؤهل نفسها أولاً على نبذ التعصب والعنف والخطاب الحاد، كما يجب ان يكون هناك دور قوى للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فى مواجهة هذا الأمر وليس شرطا ان يكون من خلال العقاب او اغلاق البرامج،

بل يمكن علاج الأمر من خلال ندوات وحوار مجتمعى شامل، يعمل على نبذ هذه السلبيات من البرامج الرياضية. فالرياضة هى «بهارات الشعوب» إذا جعلناها «مشطشطة» ومتعصبة،

سينتقل هذا التعصب إلى المشاهدين، ولقد شاهدت مؤخراً مباراة بايرن ميونخ وبرشلونة ووجدت روحا رياضية كبيرة بين الفريقين،

وأيضا قنواتهم لوجود قوانين وقرارات صارمة تعمل على إيقاف البرنامج مباشرة إذا خرج عن الخطاب الإعلامى الجيد ويتم اتهام هذه القنوات بالعنصرية وهو الأمر الذى يعلمه جيداً رؤساء القنوات، بأن القنوات الرياضية هى واجهة للأندية التى تعمل على إبراز قيم النادى ومبادئه للجمهور.


تأهيل الإعلاميين


وقال د.حسن مكاوى عميد كلية إعلام القاهرة الأسبق: أرى أن هناك قصوراً فى الأداء الإعلامى الرياضى الذى فقد المهنية الرياضية، وامتلأت هذه القنوات بأشخاص غير مدربين وغير مؤهلين على العمل الاعلامى بل تصدروا المنصات الإعلامية أمام الملايين من المشاهدين وهو مشهد مخز وسيئ ولابد من وقفة للتصدى له، فقد وضع المجلس الأعلى للإعلام ضوابط ضد هذه الظاهرة، ولكن للأسف هى ظواهر لا يتم تطبيقها على أرض الواقع، ولا يوجد متابعة كافية لما يتم نشره أو بثه لرصد هذه التجاوزات والأخطاء الاعلامية.

وتابع: فى الماضى فى ماسبيرو كان هناك لجان لتعليم وتدريب المذيعين قبل خروجهم على الشاشات للمشاهدين وكل الاعلاميين كانوا يعلمون جيداً اخلاقيات المهنة لكن للأسف الآن العديد من الأشخاص يعتقدون ان التقديم التليفزيونى عملية سهلة جداً وأن أى شخص يمكن أن يعمل بها.


التريند المتهم 


وأضاف عبد الفتاح حسن رئيس قطاع القنوات المتخصصة الأسبق: من المفترض أن تصبح المنابر الإعلامية الخاصة بالأندية واجهة للأندية وتعمل على نبذ الصراعات مع الاندية الأخرى ايا كانت أسماء المذيعين التى تفعل ذلك، لابد أن يكون للإعلام الرياضى ضوابط تحكمه، وأن يكون هناك آراء وحقائق منضبطة قبل أن يتم نقل هذا التعصب للمشاهدين، وأرى ان المشكلة الأساسية تكمن فى المجتمع، الذى ينساق وراء «الخناقات» فعندما يرى مجموعة من الناس «خناقة فى الشارع» يقف الجميع أمامها ويحبون متابعتها، وهى ظاهرة غير جيدة، بينما إذا كان هناك شخص يعلم الأشخاص اشياء أخلاقية فلن يقف أى من المارة لمشاهدته، وهو الأمر الذى يحدث مع القنوات الاعلامية. إضافة إلى ذلك «التريند» على السوشيال الذى جعل الجميع يتصارع على تحقيق المشاهدات العالية دون معايير العمل الاعلامى، ولذلك لابد ان يتدرب المذيعون كثيراً قبل الظهور على الشاشات مثلهم مثل الصحفيين، فالصحفى يتدرب جيداً فى الجريدة ويعرف الصواب من الخطأ حتى يصبح بعدها صحفيًا متميزاً فى الكتابة، والإعلام فقد هذا الأمر، وهو ما يجعل المجتمع يخسر فى النهاية، بسبب هذه  المشاجرات وانعدام الأخلاقيات ومنذ عام 1934 التليفزيون والصحافة والاذاعة كان لديهم معايير قوية فقدناها مؤخراً، ولابد من وقفة على كل المستويات للتصدى لهذا الأمر لضبط المشهد الإعلامى واستكمال الجمهورية الجديدة.

تجريم الظاهرة

وأوضحت د.هبة العيسوى أستاذ الطب النفسى فى جامعة عين شمس أنها رصدت مؤخرا هذه الظاهرة خاصة فى قنوات الإعلام الرياضى، ولعل السبب فى تواجد هذه الظاهرة هو العمل على مبدأ أن الشخص الذى لا يقف معى فهو عدوى، ويؤدى هذا الأمر فيما بعد إلى العنف والإيذاء للغير بمبدأ الدفاع عن النفس بشكل سلبى، بدلاً من أن يتحدث الأشخاص أو الكيانات عن النجاحات التى قدمها، يبدأ فى الإساءة للطرف الآخر والعمل على التقليل من شأنه حتى يظهر انه مميز عنه، مما يؤدى إلى حالة من التطرف والعنف الشديد وتكبر هذه النزاعات وينتقل الخطاب اللغوى الحاد بين الناس فيما بعد، وهذا السلوك له مردود سيئ على الطرفين «الشاتم والمشتوم».. والعلاج يكمن فى عودة الروح الرياضية من جديد خاصة بين رؤساء الأندية ومذيعى الاعلام الرياضى، والعمل على إحياء القيم التى فقدناها، كما يجب أن تجرم هذه الظاهرة قانونيا حتى لا يتم التصعيد فيما بعد ويؤدى إلى عمل فتنة وإيذاء الآخرين. 


تطبيق القانون


وأكد د.حسن على عميد إعلام بنى سويف الأسبق أن إصلاح كل الأمر متواجد فى تطبيق القانون، وأنه يجب على الجهات المسئولة التصدى لهذه الظاهرة بشكل أكثر مما يحدث حاليا لمواجهة عدم الالتزام بالمعايير الإعلامية وميثاق الإعلام الرياضى وأنا أحد الذين شاركوا فى كتابة هذا الميثاق، والحل ببساطة يتلخص فى تنفيذ جهات المحاسبة سواء المجلس الأعلى للإعلام ونقابة الإعلاميين هذا الميثاق على أرض الواقع، لأن هذا التراشق سيظل موجودا طالما هناك عدم تطبيق لهذه النصوص المتواجدة فى الميثاق الذى تتواجد فيه طرق العقاب بدءًا من التهديد والعقاب البسيط وصولاً إلى إرسال الملف إلى النيابة العامة لأنه يقع تحت دائرة السب والقذف بالإضافة إلى سحب التراخيص من البرامج فى النهاية، وجميع الاعلاميين على علم تام بالأكواد الأخلاقية لممارسة المهنة الإعلامية ولكن الأزمة الحقيقية تكمن فى «تطبيق القانون».