قلعة شيتور.. عاصمة مملكة ميوار أطول السلالات الحاكمة عبر التاريخ

قلعة شيتور
قلعة شيتور

القلعة هي الحصن المنيع وعنصر الدفاع الأول والأخير لأي مملكة فالهزيمة تعني سقوط القلعة في يد العدو وغالبا ما يتم بناء القلعة في أماكن ذات اهمية استراتيجية على قمة جبل أو موقع مشرف على البحر وعبر التاريخ القديم تم بناء مئات القلاع والحصون ولكل قلعة قصة شاهدة عليها وحرب صمدت أمامها وحكايات بين جدرانها

ومن بين هذه القلاع التاريخية والتي تم ادراجها على لائحة اليونسكو قلعة " شيتور " أو " شيتورغاره Chittorgarh " عاصمة مملكة " ميوار " أطول السلالات الحاكمة عبر التاريخ والتي امتد حكمها من القرن السابع حتى القرن السادس عشر والتي بقيت صامدة بالرغم من كل ما شهدته من حروب ترويها كل زاوية من زواياها وتختزن الكثير من الاسرار وحكايات الحب والشجاعة والتضحية.  

تلك القلعة الضخمة والتي تقع على مساحة 690 فدان ويبلغ ارتفاعها اكثر من 180 متر كما يصل ارتفاع أعلى مبانيها 1075 متر تقع على قمة تل على ضفاف نهر "بيراش Berach " في مدينة شيتورغاره بولاية راجستان الواقعة بين مدينتي مومباي ودلهي بالهند تم بناءها في القرن الثامن لتكون عاصمة مملكة ميوار.

تعرضت هذه القلعة على مدار تاريخها الطويل إلى الحصار 3 مرات وحسب الاساطير الهندية كانت المرة الأولى عام 1303 على يد علاء الدين خيلجي سلطان دلهي والذي أحب جمال الملكة بادمافاتي زوجة الملك راتان سينغ واتخذ رغبته في التوسع زريعة للسيطرة على القلعة ذات الموقع الاستراتيجي والوصول إلى الملكة الجميلة.

وبعد معركة دامية راح ضحيتها 30 ألف رجل وسيدة أحرقن أنفسهن وفاء لأزواجهن الذين قتلوا في المعركة أستولى علاء الدين على القلعة لفترة قبل أن يستردها حكام مملكة ميوار وفي عام 1535 وقع الحصار الثاني للقلعة من قبل بهادور شاه سلطان ولاية غوجارات الذي حرص على توسيع منطقة نفوذه وراح ضحية المعركة 13 الف امرأة مضحية بأنفسهن بشكل جماعي في تفضيل الموت على الاستسلام.

وبعد نصر ليس بطويل لمملكة ميوار وخاصة في عام 1568 أستولى المغول بقيادة الامبراطور أكبر على القلعة بعد حصار دام طويلا وخطة اعتمدت على حفر الانفاق للوصول إلى أبواب القلعة العظيمة ووضع الغام لتفجيرها لدخول المدافع وظلت تحت سيطرة المغول حتى سقوط الإمبراطورية المغولية وأصبحت مكان سياحي هام بعد أن تم تجديدها عام 1905.

ولتجربة سياحية فريدة أدخل معنا عالم قلعة "شيتور" والذي يبدأ بالمرور عبر 7 بوابات حجرية ضخمة محصنة لتجد عشرات الأبنية التاريخية فتضم القلعة 130 معبد و 84 مسطح مائي مختلف ما بين بحيرات وآبار ولهذا كان يطلق عليها قلعة الماء فتشكل المسطحات المائية 40% من مساحة القلعة وتبلغ كمية الماء 4 مليار لتر مكعب أي تكفي جيش مكون من 50 ألف جندي لمدة أربع سنوات.

ومن أهم القصور التي تم بنائها داخل القلعة على مدار تاريخها الطويل قصر" بادميني Padmini " فهو الأكثر جذبا بلونه الأبيض والذي يتكون من ثلاثة طوابق ويقع في الجزء الجنوبي من القلعة ويحيط به خندق لحمايته ويعتبر نسخة طبق الأصل من قصر الملكة " بادمافاتي" المهدم وكذلك قصر "رانا كومبا Rana Kumbha" أقدم وأكبر قصور القلعة والذي يعود تاريخه إلى القرن الخامس عشر ويحتوي داخله على معبد وإسطبلات للخيول والفيلة ويقع بجانب بحيرة على الجانب الشمالي من القلعة.

ومن القصر الهامة أيضا قصر " فاتح براكاش" والذي تميز بهندسته المعمارية وتحول إلى متحف تاريخي لاحتوائه على مجموعة واسعة من الأسلحة واللوحات الملكية ومنحوتات من العصور الوسطى ونماذج للتصاميم القديمة العائدة لملوك ميوار كما تميزت القلعة بأبراجها ومن أبرزهم "برج النصر Vijay Stambha " الذي أقامه رانا كومبا بمناسبة انتصاره على محمد خلجي سنة 1440م وله 157 سلمة للصعود لأعلى نقطة فيه ومن هناك تستطيع رؤية المدينة بأكملها.

و"برج الشهرة Kirti Stambh " الذي بناه جاين في القرن الثاني عشر ويبلغ ارتفاعه 22 متر ومكون من 54 سلمة وتحيط به أعداد كبيرة من الخزانات التي كانت تستخدم لتخزين المياه أشهرها خزان "Gaumukh" الواقع على الجانب الغربي من القلعة والذي يعتبره السكان المحليون مكان مقدس حيث تعيش أنواع مختلفة من الأسماك فيه.

كما تضم القلعة العديد من المعابد الرائعة والمنحوتة بشكل معقد ومن أشهرها معبد "ميرا" وهي شاعرة مشهورة في الهند كانت زوجة الأمير "بهوجراج سينج Bhojraj Singh" في أوائل القرن السادس عشر وبعد أن قتل في الحرب رفضت ارتكاب الـ "ساتي" وهو الإلقاء بنفسها في محرقة جنازته وفاء له كما يحدث مع نساء الملوك وانتقلت إلى فريندافان لإثبات إخلاصها للورد كريشنا

ومن أكثر الأماكن المثيرة في القلعة موقع "مها ساتي" وهو المكان الذي حدثت فيه عمليات حرق الجثث الملكية حيث قامت نساء راجبوت بحرق أنفسهن وفاء لأزواجهن مع كل حصار وهزيمة للقلعة.