استئناف المباحثات حول التسوية السياسية في كتالونيا.. وآمال ضئيلة لحل الأزمة

بيري أراجونيس وبيدرو سانشيز
بيري أراجونيس وبيدرو سانشيز

التقى رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، بزعيم إقليم كتالونيا بيري أراجونيس، لاستئناف المفاوضات على أمل التوصل إلى حل الأزمة السياسية، التي سببها الحراك الانفصالي للإقليم، وذلك نقلًا عن موقع "روسيا اليوم".

وبحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، فإن التوقعات ليست كبيرة لإحراز أي تقدم ملموس بعد الاجتماع الذي سبب انقسامًا في المعسكر الانفصالي.

ومع ذلك، فإن أراجونيس وحزبه "اليسار الجمهوري لكتالونيا" وصفا المباحثات بأنها "فرصة تاريخية".

لا تطور

لكن على أرض الواقع، لا تبدو الأمور هكذا في مخيلة قادة الائتلاف الحاكم في برشلونة، فقد أعرب قادة الحزب الشريك في حكومة أراجونيس علنًا عن شكوكهم من فرص إحراز أي مكاسب حقيقية للانفصاليين.

ومسألة الانفصال وإجراء استفتاء تقرير المصير حجر الزاوية في أي مباحثات بين الطرفين، وهي نقطة تعارض 

وقبيل اجتماع برشلونة، قال رئيس الوزراء الإسباني إنه سيصر على إيجاد سبل لتحسين الرفاه الاقتصادي والاجتماعي لسكان كتالونيا، فيما رفض بقوة المطالب الانفصالية للإقليم.

وفي المقابل، أصرّ أراجونيس على أن القضايا الوحيدة المطروحة هي إمكانية سماح إسبانيا بإجراء استفتاء على الاستقلال، وإصدار عفو عام عن كل أولئك الانفصاليين الذين يعانون مشكلات قانونية.

تجدد مطلب الانفصال

وقبل أيامٍ، نزل آلاف الكتالونيين إلى شوارع برشلونة، عاصمة الإقليم، في ذكرى اليوم الوطني لكتالونيا، الذي يصادف 11 سبتمبر من كل عامٍ، للمطالبة مجددًا بالانفصال عن إسبانيا.

وبلغت الأزمة السياسية بين مدريد وبرشلونة أوجها في عام 2017، حينما نظّم إقليم كتالونيا، بزعامة كارلوس بوجديمون آنذاك، استفتاءً شعبيًا، لم تجزه المحكمة الدستورية في مدريد، لتقرير مصير الإقليم.

وصوّت أكثر من 90% من الناخبين في كتالونيا لصالح الانفصال عن إسبانيا، في وقتٍ تجاوزت نسبة التصويت الـ46%، بينما قاطع غالبية المؤيدين للبقاء ضمن إسبانيا الاستفتاء، في يومٍ شهد أحداثًا داميةً ومحاولة الشرطة الحكومية عرقلة الاستفتاء، بوسائل وصلت إلى حد القمع.

وعلى ضوء تلك النتائج، عقد برلمان إقليم كتالونيا جلسةً استثنائيةً في السادس والعشرين من شهر أكتوبر من ذاك العام، وقرروا بصورةٍ أحاديةٍ الاستقلال عن إسبانيا، بناءً على نتيجة استفتاء الأول من أكتوبر من ذلك العام.

لكن كتالونيا لم تنعم بالاستقلال إلا ليومٍ واحدٍ، ففي اليوم التالي سلطت الحكومة الإسبانية قبضتها الفولاذية على الإقليم الكتالوني، وفعّلت المادة 155 من الدستور الإسباني، والقاضية بفرض الحكم المباشر على الإقليم، وإلغاء تمتعه بالحكم الذاتي.

وعلى أساس ذلك، أقالت حكومة رئيس الوزراء آنذاك ماريانو راخوي حكومة الإقليم بزعامة كارلس بوجديمون، وطاردت وزراء حكومته، وألقت القبض على تسعة منهم من بينهم نائب رئيس الإقليم أورويل جونكرانيس، في حين لاذ بوجديمون بالفرار إلى بلجيكا.

وتم تنظيم انتخابات مبكرة في الإقليم في 21 ديسمبر، بعد أقل من شهرين، بيد أن نتائج الانتخابات لم تأتِ كما تريد مدريد، فعاد معسكر الانفصاليين لصدارة المشهد مجددًا، وتولي كيم تورا، وهو مؤيدٌ للانفصال زعامة الإقليم، وذلك بعد رفض المحكمة العليا الإسبانية تولي بوجديمون، الزعيم السابق، رئاسة الإقليم من الخارج.

وعلى مدار أربع سنوات مضت تقريبًا على الأحداث العاصفة في سبتمبر وأكتوبر عام 2017، لا تزال المياه راكدةً في مستقبل الأوضاع بين مدريد وبرشلونة، مع استمرار جنح نسبة كبيرة من سكان إقليم كتالونيا نحو الانفصال.

وفي وقتٍ سابقٍ من هذا العام، أجرت كتالونيا انتخابات إقليمية جديدة في فبراير الماضي، أفرزت نجاح المعسكر الانفصالي مجددًا في الفوز بالأغلبية البرلمانية، بعدما حظيت الأحزاب الثلاثة المؤيدة للانفصال على 74 مقعدًا من أصل 135 مقعدًا في برلمان الإقليم.

هذا الأمر يؤشر على أن نوايا سكان الإقليم نحو الانفصال لا تزال أكبر من هؤلاء الراغبين في مواصلة الطريق جنبًا إلى جنبٍ مع مدريد، وهو أمر يعقد المعادلة السياسية بالنسبة للإقليم والمملكة الإسبانية.