اسأل مجرب ولا تسأل طبيب..

«الولادة القيصرية».. أمان ولا بيزنس!؟

«الولادة القيصرية» .. أمان ولا بيزنس !؟
«الولادة القيصرية» .. أمان ولا بيزنس !؟

لم تعد الولادة الطبيعية هى المفضلة لدى الأمهات المصريات، حيث قفزت «القيصرية» إلى الواجهة فى السنوات الأخيرة، لعدة أسباب من بينها رغبة السيدات أنفسهن فى تحديد يوم ميلاد الطفل، وتجنب آلام الطلق، ودراما الولادة الطبيعية التى يتم تصويرها فى الأفلام والمسلسلات على أنها «خروج الروح»، إلا أن وجع الولادة الطبيعية الذى يستمر ساعات قليلة، يمتد لشهور طويلة وربما إلى سنوات فى الولادة القيصرية التى تترك جرحا من الصعب أن يندمل، وتشكل تهديدا على حياة الأم والطفل.


وإذا كان هناك بعض الأطباء يلجأون إلى الولادة القيصرية باعتبارها الحل الوحيد لإنقاذ الجنين والحفاظ على صحة الأم، فإن البعض الآخر استغل إقبال النساء على «القيصرية» لإنعاش حساباته البنكية ، حتى لو أدى الأمر إلى إزهاق أرواح الأمهات، وتشوه المواليد، فى الحالات التى لا تحتاج - أصلا-إلى الجراحة، ما وضع مصر على رأس قائمة الدول الأعلى إجراء للعمليات القيصرية التى تصنف بأنها الأكثر خطورة.

 

فى البداية تمنت أفنان محمد ( 26 عاما) أن يسير حملها بشكل طبيعى، لا تلجأ للولادة القيصرية طوال حياتها، ما جعلها تتبع تعليمات الطبيب بشكل دقيق، وتقول: فى الشهر التاسع أثار الطبيب مخاوفى حول ضعف الطلق، ما سيتسبب فى ألم مبرح أثناء الولادة، وأخبرنى باحتمال ولادتى قيصريا.


طلب الطبيب من زوجى دفع ثمن حقنة الولادة الطبيعية 1000 جنيه، وحقنة الولادة القيصرية 1500 جنيه، ولم يملك سوى الموافقة، وقالت: ما زلت أعانى من الآثار النفسية للولادة القيصرية رغم مرور عدة أشهر، لأن الطبيب أعطانى بنج نصفى أثناء الولادة بسبب ضعف الضغط، ما جعلنى مستيقظة اثناء الولادة وشاهدت الطبيب أثناء فتح بطنى، وهو المشهد المرعب فى القصة وغير قادرة على نسيانه مطلقًا.


آلام الظهر


أما أبرار محمد فحكت أنها أنجبت ابنتها تولين قيصريا وهى فى الشهر الثامن، بعد أن أخبرها الطبيب أنه يشك فى التفاف الحبل السرى حول عنق الطفلة، ما يعرض حياتها للخطر فى حال ولادتها بشكل طبيعى.


وأضافت أنها وبعد مرور 7 شهور على الولادة القيصرية إلا أنها لا زالت تعانى من الآثار الجانبية، ومن أهمها آلام شديدة فى الظهر لدرجة أنها غير قادرة على التقاط شيء من الأرض.
أما شروق بوجا فقد تابعت حملها مع طبيب منذ الشهر الأول، وكان يبشرها انها سوف تلد بشكل طبيعى لأن حالتها مستقرة، وفوجئت فى المستشفى بالطبيب يخبرها أنها سوف تلد قيصريا.
وقالت: قرار صعب جدا، بكيت بشدة، لأننى أعرف أضرار هذه الولادة جيدًا، وألم بعد الولادة الذى لا يمكن تخيله أو وصفه، يفوق تعب الولادة الطبيعى بمراحل كثيرة، يكفى أن أظل عدة أيام غير قادرة على الحركة، وفى احتياج دائم إلى شخص يساعدنى، وبسبب الضغط العالى والخوف من تسمم الحمل.


تجربة سهلة


ومن جانبها، اختلفت هند محمد، فى رأيها حول الولادة القيصرية، وقالت: أنها استمعت إلى نصائح صديقاتها بالولادة الطبيعية، باعتبارها أفضل بكثير من نظيرتها القيصرية، إلا أنها وجدت الامر فى النهاية خارج سيطرتها، تفاجأت بأن مياه الرحم انفجرت وهى فى المنزل ولم يحدث لها طلق نهائيا، ما شكل خطورة على الجنين ولم يكن أمامها سوى الولادة القيصرية التى أنقذتها هى وطفلتها.. وأضافت: اكتشفت أن الولادة القيصرية أسهل مما توقعت فأنا لم أشعر بالتعب سوى أيام قليلة بعد إجراء العملية وبعدها عاد كل شيء إلى طبيعته وندمت اننى لم أتخذ القرار بإجراء الولادة القيصرية منذ البداية حتى لا أتعرض لهذه التجربة السيئة.
أما رشا عبد الرحمن-أم لثلاثة أطفال-فتقول انها من البداية اتخذت القرار بأنها لن تعرض نفسها للأوجاع الشديدة التى تحدث نتيجة للطلق أثناء الولادة الطبيعية، وتؤكد ان قرارها كان صائبا وبعد 3 عمليات ولادة قيصرية لم تندم أبدا وإذا عاد بها الزمن مرة أخرى ستختار نفس الأمر ولن تلجأ للولادة الطبيعية مطلقا.

أطباء: تدمر رئة الطفل.. والوضع فى مصر كارثى

اعترف د. محمد أمين استشارى أمراض النساء والتوليد والعقم وجراحة المناظير، أن الولادة القيصرية تصنف من ضمن العمليات الأكثر خطورة، فى الوقت الذى يوضح فيه أنها فى الكثير من الأحيان تصبح الحل الوحيد، من أجل إنقاذ حياة الطفل.


وأضاف: هناك تشخيص فى طب النساء والولادة نطلق عليه الطفل العزيز preshos baby وهو الحمل بعد فترة من العلاج بسبب بعض المشكلات لدى السيدة أو الحمل بعد إجراء عملية حقن مجهرى، ولا يكون أمامنا سوى الولادة القيصرية لأننا لا نريد وقتها أن نعرض الطفل لخطورة الطلق وانقباضات الرحم الشديدة التى قد تصل به إلى لوفاة.


فيما قال د. عمرو حسن، أستاذ مساعد النساء والتوليد بالقصر العينى، ومقرر المجلس القومى للسكان السابق، أن نسبة الولادة قيصرية زادت فى مختلف دول العالم، فيما وصف الوضع فى مصر بالكارثى، وأضاف: آخر مسح سكانى عن الولادة القيصرى تم نشره فى 2015 وأظهر أن نسبتها فى مصر 52 % يعنى أكثر من نصف نساء مصر، وكنا نحتل المرتبة الثالثة عالميًا آنذاك.


وأضاف أن أعلى محافظة فى نسبة الولادة القيصرية بورسعيد ٧٧ ٪، وبلغت نسبة الولادة القيصرية فى المستشفيات الحكومية 45 %، وفى المستشفيات الخاصة 66 % بما يعنى أنه من ضمن كل ٣ ولادات، هناك حالتان قيصرى.


ومن جانبه أشار د. حسام الشينوفى، أستاذ النساء والتوليد بالقصر العينى، أن بيزنيس الولادة القيصرية منتشر بشدة فى القرى، لأن الأطباء يستغلون الأهالى ويقومون بهذه الولادات فى عيادات بير السلم بسعر يصل إلى 3 آلاف جنيه وبالطبع هذا سعر قليل للغاية مقارنة بالولادة فى المستشفيات والعيادات الكبرى.


وأكد أن الأسباب الحقيقية التى تحتاج فيها المرأة إلى ولادة قيصرى تتمثل فى وجود مشاكل فى الجنين، سواء نقص فى النمو، أو فى حالة تغيير وضع الجنين سواء قادم بالمقعدة او بالعرض.
أما عن خطورة الولادات القيصرية على الطفل، فقالت الدكتورة عبلة الألفى، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، وأستاذ طب الأطفال، أن الطفل فى باطن الأم يكون حوله كمية كبيرة من المياه داخل الرئة، وقبل ولادة الطفل بأسبوعين تقل كمية المياه، وبالتالى يتحضر الطفل للولادة التى تتم بعد 40 أسبوعا زائد أو ناقص أسبوعين.


وتشرح: عند الولادة الطبيعية يحدث ضغط على رئة الطفل فيخرج جزء كبير من تلك المياه، وبالتالى يكون الطفل فى كامل صحته، ويتنفس بشكل طبيعى، أما فى حالة الولادة القيصرية غير الضرورية فيولد الطفل ورئتاه ممتلئتان بالمياه ما يترتب عليه الكثير من الآثار السلبية أبرزها نقص الأكسجين عند الطفل، ودخوله الحضانة حتى يتم التخلص من تلك المياه بشكل كامل.


ومن أكبر الآثار السلبية الناتجة عن دخول الطفل الحضانة، افتقاده لحنان الأم فى لحظاته الأولى فى الحياة، والذى يسانده فى أيامه الأولى، إضافة إلى أن التنفس الصناعى فى هذه السن يدمر رئة الطفل، أو يصيبه بميكروب وقد يتوفى فى أيامه الأولى، وأضافت: الأطفال الذين يولدون فى الفترة من 32 حتى 36 أسبوعا يكون لديهم مشكلة كبيرة فى التنفس، بالإضافة إلى أن معظمهم يتعرض للإعاقة، كما أن نصف وفيات الأطفال تكون من بين حديثى الولادة.
وأضافت أن من أهم أسباب الظاهرة فساد ضمير بعض الأطباء الذين يستسهلون الولادة القيصرية كونها تتم فى وقت أقل وبالتالى يكون لديه إمكانية إجراء عدد اكبر من الولادات على مدار اليوم الواحد، وأكدت على أن 47% من الحوامل يعانون من الأنيميا، وعند الولادة القيصرية تزداد، وعند تكرار فتحة الرحم فى حالات القيصرية المتكررة يتكون لدى الام ما يسمى بـ»المشيمة المتوغلة» قد تتسبب فى نزيف قاسى للأم قد يؤدى إلى وفاتها أو دخولها العناية المركزة، وأشارت إلى أن الولادة القيصرية تكلف الدولة ما يقرب من مليار جنيه سنويًا.

«أوقفوها».. مبادرة لتقليل الألم على النساء

انطلقت العديد من الحملات والفعاليات التى تندد بخطورة الولادة القيصرية، أبرزها حملة أطلقتها مى الشامى تحت شعار «أوقفوا العمليات القيصرية غير الضرورية».


وحكت مى عن تجربة قاسية مرت بها كانت سبب وراء اطلاقها هذه الحملة، وقالت: بشكل شخصى تعرضت لكم كبير من الضغوط رغم أن طبيبى أكد لى أن الأمر بسيط، إلا أنه أثناء الحمل ولأسباب عديدة لم يكن طبيبى متواجدا وقالت لى دكتورة أخرى أن الأفضل هو الولادة القيصرية، وبعد الرفض أتى طبيبى وأصر فى المحاولة على الولادة الطبيعية بعد بذل مجهود خرافى وقد كان.


وأكدت أن ليس كل الأطباء يحاولون بذل هذا المجهود والأغلب أصبح يستسهل القيصرية، وأصبح غرضى الأول والأخير من المبادرة هو تقليل الألم على النساء، وتقليل العمليات القيصرية غير الضرورية، فلا يوجد طبيب تحدثت معه وفضل الولادة القيصرية الموضوع أصبح تجاريا بشكل كبير، خاصة أن أسعار الولادة القيصرية متفاوتة ولا تقف عند حد الولادة وإنما كل مشتملاتها من إقامة وفتح عمليات وغيرها.