أصوات من الهامش

فى ذكرى الحكاء العظيم

حسن حافظ
حسن حافظ

مرت الذكرى العاشرة لرحيل المبدع الكبير والحكاء العظيم، خيرى شلبى (1938-2011)، لكن ميراث الرجل لا يزال فى القلوب والعقول، فهو صاحب منجز إبداعى ضخم قد لا يتكرر، فعبر أكثر من 70 عملا، ترك شلبى بصمات لا تمحى فى مسيرة الأدب المصرى والعربى المعاصر، وسجل اسمه كأحد أكبر وأهم الأسماء الروائية فى جيل الستينيات وفى تاريخ الرواية المصرية عموما، فضلا عن وصوله الذروة بفن البورتريه، وقدرته اللا نهائية على الحكي.
تميز خيرى شلبى بالغوص فى أعماق المجتمع المصري، فالفتى القادم من الريف والمتشبع بقيمه وسحره وتقاليده، ترك نفسه لتيارات المدينة، فعرف طبقات المجتمع كله، واستكشف عوالم المهمشين، فحصد فهما نادرا لطبيعة المجتمع، وقدرة فذة على التعبير عن الأصوات المهمشة فى المجتمع، ودعم ذلك بثقافة واسعة عريضة لا تكتفى بقراءة متون الثقافة الرسمية، بل زاد عليها بالموروث الشعبي.
من تلك المنابع صاغ شلبى تجربة إنسانية عريضة وشديدة الخصوبة، تغرق فى المحلية لكى تصل إلى المشترك الإنسانى العالمى الذى لا يعرف حدود الزمان والمكان، فنحت شخصيات من قلب الواقع ومنحها القدرة على التعبير عن نفسها بكل ثقة ووضوح، لأنه لم يكن يتحدث عن شخصيات مرسومة على الورق، بل تميزت شخصيات أعماله على الدوام بأنها مصنوعة من لحم ودم.
عندما نقف أمام التراث الضخم الذى تركه خيرى شلبي، سيشدنا هذا التنوع الخلاق، ففى الرواية نجد روائع مثل: «وكالة عطية»، و«صالح هيصة»، و«ثلاثية الأمالي»، كما ترك عدة مجموعات قصصية منها: «سارق الفرح»، و«عدل المسامير»، كما قدم تجربة رائدة فى الفانتازيا التاريخية عبر عمله الممتع «رحلات الطرشجى الحلوجي»، فضلا عن دراسات فى الأدب والمسرح، ليقف هذا التنوع شاهدا على ضخامة موهبة أحد كبار مبدعينا.