يحدث فى مصر الآن

الهروب الكبير.. بطولة فلسطينية

يوسف القعيد
يوسف القعيد

العملية التى قام بها 6 من المسجونين الفلسطينيين من سجن جلبوع شديد الحراسة، والذى كان يُضرب به المثل فى أن استحكاماته التى لا يمر منها الهواء. فما بالك بالبشر؟ نال 6 من الأشقاء الفلسطينيين حريتهم من خلال عمل بطولى نادر.
صحيح أننا شاهدنا فى أفلام سينمائية عمليات مشابهة. ولكنا كنا نقول إنه الخيال الإنسانى فى أبرز تجلياته. ولكن هذه المرة اختلف الأمر. فلا أحد يُظلم يومياً مثل الشعب الفلسطينى البطل بفلسطين المحتلة من الممارسات الإسرائيلية البشعة. ولا يوجد شعب فى التاريخ ظل يقاوم كل هذه السنوات منذ 1948 وحتى الآن. وفى المستقبل القريب والبعيد فهم أصحاب حق ولهم قضية وأهالى وطن. ويدافعون عن أرضٍ تم اغتصابها علناً وعلى رؤوس الأشهاد.
وكما قالت وكالات الأنباء العالمية والعربية وحتى الصهيونية أن من الذين نجحوا فى الفرار ببطولة، القيادى السابق فى كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح: زكريا الزبيدى، 46 عاماً وينحدر من مدينة جنين القريبة من السجن، معتقل منذ 2019. حاصل على ماجستير فى الدراسات العليا بجامعة بيرزيت عنوانها: الصياد والتنين، وتناولت 50 عاماً من ملاحقة إسرائيل للمطلوبين الفلسطينيين.
والآخرون: محمود عبد الله عارضة، 46 عاماً، من جنين، معتقل منذ 1996، مؤبد. ومحمد قاسم عارضة، 39 عاماً، معتقل منذ 2002، مؤبد. ويعقوب محمود قادرى، 49 عاماً، معتقل منذ 2003، مؤبد. وأيهم نايف كممجى، 35 عاماً، معتقل منذ 2006، مؤبد.
وهكذا سجل السجناء أسماءهم فى ديوان البطولة العربية الفلسطينية النادرة. وبصرف النظر عن الخواتيم والمفاجآت التى يمكن أن تحدث. فإن مجرد خروجهم ونجاتهم من السجن الإسرائيلى الظالم والذى لم يتم بناء على أى إجراءات قانونية رغم ادعاء إسرائيل التحضر والتقدم. ولكنها كلها حالات تعسفية لمصادرة حرية كل من يرفع رأسه من الفلسطينيين. ويتحدث عن قضيته المشروعة. والتى تعاطفت الدنيا معها.
أصداء الهروب غير المسبوق والذى لم يحدث من قبل خلقت حالة من الفرح والأهازيج. وقد رأيت فى التليفزيونات نقلاً عن وكالات الأنباء شباناً فى عمر الزهور يوزعون الحلوى على ركاب السيارات التى تمشى فى الطرق العامة. وكانوا يتوقفون لأخذ الحلوى فرحين ويبدأون فى تناولها فوراً. فهو طعام النصر على العدو فى زمن عزت فيه الانتصارات. بل كثرت فيه الانكسارات.
إسرائيل تلعق جراحها بعد العمل البطولى الفلسطينى النادر. وتعلن أنها ستقوم بعمل تحقيقات موسعة وعميقة. بل ونقلت مساجين فلسطينيين من نفس السجن الحصين الذى كان يُضرب به المثل باعتباره أعجوبة تمكنت إسرائيل من صنعها. وشمل البحث كل المناطق المحيطة بالسجن وجميع الطرق المؤدية منه وإليه. أما قُراهم ومدنهم وعناوينهم فقد شملها البحث الدقيق الذى لم يفض إلى شىء.
بعض الروايات الأولى عن نجاح عملية الهروب النادرة تقول إنه كانت هناك سيارة فى انتظارهم. وقد تم العثور على تليفون محمول فى المكان الذى خرجوا فيه إلى الحرية. ويتم تتبع جميع الطرق المؤدية إلى السجن ومنه إلى العالم الخارجى.
إنها بطولة فلسطينية نادرة الحدوث. من يدرى قد تتكرر. فالظلم يولد المقاومة. تفوَّق ما قام به الأبطال على الخيال