قريبا من السياسة

رغم خطاب المرونة!

محمد الشماع
محمد الشماع

 اثبتت عودة طالبان إلى السلطة أنه لا يمكن حرق مراحل التاريخ، وأن التطور لا يحدث عنوة، ودرجة التطور التاريخى للشعب الأفغانى جعلته يحترف القتال والهدم ولا يمتلك أى خبرة فى البناء والتنمية، وذلك تحديدا ما يميز حركة طالبان التى حولت أفغانستان إلى إمارة إسلامية، وهى حركة ككل الحركات التى ترفع شعارات دينية تحسن المعارضة ولكنها تعجز حينما تصل إلى السلطة. ذلك هو التحدى الأهم الذى يواجه طالبان التى ورثت عتاداً عسكرياً ضخما كانت أمريكا تضخه للجيش الأفغانى المزعوم وهو عتاد متنوع يمتد من طائرات الهيلوكوبتر إلى المدرعات وناقلات الجنود وأجهزة الاتصالات، وذلك يضع فى يد طالبان قوة نيران لم تكن تحلم بها وهنا مكمن الخطورة، أو هنا المأزق الذى صنعته أمريكا بسبب سوء تقديرها للأمور لأن طالبان ترفع شعارات ايديولوجية، وهى ككل الأحزاب الدعوية سوف تصبح عوناً وملاذاً لكل التنويعات السياسية المماثلة لها والتى تمتد بطول البلاد الإسلامية وعرضها. ذلك خطر علينا أن نتحسب له وأن نضعه فى الاعتبار لأن التوقعات - بعد الوزارة التى شكلتها الحركة - تقول إن طالبان ليست مؤهلة لقيادة تنمية اقتصادية فى أفغانستان، فهى لا تملك الخبرة ولا تملك الإرادة وغالب الظن أنها سوف تهتم بحصار المرأة ومحاربة الفن وجلد المدخنين وأنها سوف تظل ترفع رايات التشدد الصحراوى وسوف تبحث لنفسها عن نفوذ بين الدول وعن مكانة بين الأمم عبر دعم وتمويل حركات الإرهاب وسوف تقدم لهم ملاذاً آمناً ومحطة يمارسون فيها الكر والفر، حدث ذلك سابقا وليس هناك حتى الآن ما يمنع أن يحدث ذلك لاحقاً ورغم خطاب المرونة الذى تصدره طالبان فإنها لا تزال ترفض الديمقراطية أو تداول السلطة وهى تعلم أن أى انتخابات شعبية لن تأتى بها ولا تزال تفرض نطاقاً من الحصار على المرأة، وككل التنظيمات الايديولوجية فإن الولاء سوف يتفوق على الكفاءة ذلك خطر يهدد العالم كله ويهدد العالم الإسلامى أكثر وأكثر ولا توجد وسيلة لمقاومة هذا الخطر القادم إلا بالاصرار على اتباع المنهج العقلى هو منهجنا الذى سوف نقف  به صامدين أمام رياح الإرهاب.