خاص| قراءة في تقرير ستاندرد أن بورز..

هل مصر في سباق دولي للفوز بتحقيق أعلى سعر فائدة حقيقي؟

 محمد عبد العال الخبير المصرفي
محمد عبد العال الخبير المصرفي

حذرت مؤسسة "ستاندرد آند بورز"، من أن مصر يجب أن تجد طريقة لخفض تكلفة ديونها، حتى يمكن لها أن تواجه احتمالات الزيادات في أسعار الفائدة العالمية.

وتعليقا على ذلك قال محمد عبد العال الخبير المصرفي، إن وجهة نظر "ستاندرد آندبورز " قد تكون حكيمة في نصحها ، وهو ما يدعونا إلى الاهتمام بتحليل ودراسة نصائحها، ومحاولة تحديد وقياس أبعادها واحتمالات حدوثها ومن ثم التحكم في مخاطرها.

من ناحية اخرى، قد تكون أيضاً وجهه نظر مؤسسة التقيم الإئتمانى الدولية الأشهر صحيحة نسبياً من الناحية النظرية، لأنه بالطبع اذا ارتفعت أسعار الفائدة، وانخفض معدل التضخم فى نفس الوقت، وبالتالي يرتفع صافي العائد الحقيقي الذي يتحصل عليه المستثمر.

وأضاف محمد عبد العال، أنه إذا افترضنا أن البنوك المركزية في الخارج وخاصة البنك المركزي الأمريكي بدأت مستقبلاً في التنازل المتدرج عن سياستها التسييرية الحالية، وعادت إلى التوجه لرفع أسعار الفائدة، فإن ذلك قد يفتح الطريق لهجرة الأموال الساخنة والمستثمرة في أوراق الدين العام المصرية إلى حيث أسعار الفائدة الأعلى.

وتابع : "مع احترامنا لوجهة نظر "ستاندرد آند بورز " فإن الأمور على أرض الواقع تحكمها وتتفاعل معها عوامل مختلفة، قد تقلل نسبياً من حجم تلك المخاوف".

ولفت الخبير المصرفي، إلى وجود عدد من العوامل تحكم هذه العملية، وهى أن هيكل الاقتصاد المصري يختلف عن اقتصادات الدول الأخرى المتقدمه منها أو النامية، ومن ثم تختلف السياسات النقدية لدينا ولديهم، وليس من الحتمي أن تكون هناك انعكاسات مؤثرة على سياسة مصر النقدية من جراء التغيرات فى السياسات النقدية الأخري.

وأكد محمد عبد العال، أن هناك دول أسعار العائد الحقيقى فيها، تُقارب أو تعلو عن المعدل السائد حالياً في مصر، ولكن معدل المخاطر مختلف، خاصة المخاطر الجيوسياسية أو المالية المصاحبة للأزمات الاقتصادية الدولية في بعض تلك الدول عميقة وكبيرة.

وأشار إلى أنه ليس العائد الحقيقى هو العامل الأهم أو الأوحد، فالمستثمر الاجنبى يأخذ في اعتباره مجموعة كبيرة من العوامل علي رأسها مدى ومعدل نمو المؤشرات الكلية وأيضا إستراتيجية الدولة في السيطرة على الدين الخارجي، و نظرة مؤسسات التقيم الدولية للملائة الائتمانية للاقتصاد المصري، كمحدد مهم ومباشر في تحديد اختياراتهم وأولوياتهم الاستثمارية.

وأوضح أن استقرار سعر صرف الجنيه المصري، ونجاح البنك المركزي المصري، في السيطرة على التضخم وتوقع استمراره قابعاً رقما إحاديا بين حدى مستهدف البنك المركزى المصرى 7+- 2% حتى نهاية عام 2022 ، وهو الأمر الذى يتيح للمستثمر مدى استراتيجى طويل الأجل فى تحديد أهدافه الاستثمارية، ورسم خطط تغطية المخاطر المرتبطة بتغيرات أسعار العائد.

وأضاف أن من أهم عوامل الطمأنة لاستمرار جاذبية الاستثمار الأجنبى غير المباشر في مصر، هو صلابة الاحتياطي بالنقد الأجنبي واستمرار نموه شهريا وصولا إلى 40.6 مليار دولار فى نهاية يوليو الماضى مقترباً من الوصول مع نهايه العام الحالي أو مطلع الربع الاول من العام الجديد إلي المستوى الذى كان عليه قبل جائحة فيروس كورونا، خاصة بعد التوزيعات التى قام بها صندوق النقد الدولي، الشهر الماضي والتي كان من نصيب مصر حصولها على حصة من حقوق السحب الخاصة تعادل 2.8 مليار دولار ، يمكن وفقاً للرؤية المصرية أن تحتفظ بها لدعم الاحتياطي الخارجي من حقوق السحب الخاصة لدى صندوق النقد الدولي، أو التوجه لدعم الاحتياطي الداخلى لدى البنك المركزي المصري، وربما يكون هذا هو الاتجاه الأرجح.

وأكد محمد عبد العال، أنه بالإضافة إلى ذلك فإن السياسة النقدية الحكيمة التى يتبعها البنك المركزي في إدارة سياسة سعر الفائدة متمسكاً باتباع سياسة فائقة التيسير لدعم النمو الاقتصادي، وتنشيط الاقتصاد، ودعمه في مواجهه تداعيات صدمة كوفيد 19، ولكن يراعي البنك المركزي في ذات الوقت تطبيق سياسة نقدية مرنة، تحقق التوازن بين دفع النمو وتحقيق عائد حقيقى معقول للمدخر والمستثمر، ولايضا عدم المبالغة في تكاليف الاقتراض.

وأشار إلى وجود أنواع متعددة من أدوات الدين العام التي تقدمها وزارة المالية من خلال الجهاز المصرفي المصري، والتي تتنوع من حيث النوع والآجال، فهناك الأذون والسندات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، والسندات المصرية الدولية بآجال وعملات مختلفة، والسندات الخضراء، والصكوك السيادية التى صدر قانونها، والمزمع طرح إصدارات قريبا منها، و النوعين الأخيرين هما من أدوات الاستثمار الجديدة التى من المتوقع أن تكون تكاليفها أقل نسبيا.

وقال الخبير المصرفي، إن السياسة النقدية المصرية لا تستهدف بشكل أساسى أن يكون الجنيه المصري في سباق لتحقيق أعلى عائد حقيقى مقارن مع أكثر من 50 دولة أخرى، كما لا تستهدف رفع الفائدة لجذب أموال ساخنة مهما بلغت قيمتها، رغم أن تراكم مثل تلك الأموال لدينا سوف ينفع ولن يضر، ولكنه ليس هدفا فى حد ذاته، موضحا وجود أهداف اخري أهم، كالعمل على استقرار سعر الصرف، أو نمو صافي الاحتياطى بالنقد الأجنبي.

وأكد محمد عبد العال، أن الهدف الأكبر هو دفع النمو الاقتصادي ورفع معدلات التشغيل وتحسن بيئة الاستثمار الأجنبى المباشر، فكل ذلك يدخلنا في حلقة تبادلية تبدأ بتحسن مؤشرات الاقتصاد القومي، وبالتالي ارتفاع درجة تصنيف الملاءة الائتمانية المصرية، وارتفاع ثقة المستثمرين بنموذجنا الاقتصادي وبالتالي خفض أسعار الفائدة، خفض علاوة المخاطرة على أدوات الاستثمار بالجنيه المصري وأيضاً خفض معدل مدفوعات الفوائد كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، فكل تلك العوامل وغيرها تقلل من مخاوف مؤسسة ستاندرد آند بورز ولكننا لا يجب أن نقلل من قيمة نصائحها.

إقرأ أيضاً

 

وزيرة التخطيط تبحث تحفيز القطاع الخاص مع إحدى مؤسسات البنك الإسلامي