بظروفها

عالم «موازي»

أحمد إبراهيم
أحمد إبراهيم

كثيرا ما نتحسر على أحوال كنا فى الماضى نتمتع بها ولانحس بمعناها ولاقيمتها إلا بعد أن خسرناها وتبدلت الأحوال، خاصة الأحوال الاجتماعية والعلاقات بين الناس فى محيط الجيرة والأقارب وصولا الى محيط الأسرة الواحدة فى البيت، ولم ندر أن التكنولوجيا بوجهها المضىء فى الراحة والرفاهية تحمل وجها آخر مظلما فى العلاقات الاجتماعية.

لقد أصبح الفيس بوك وتويتر وغيرهما من مواقع التواصل الاجتماعى دولة مستقلة أو عالماً موازياً نعيش فيه كل تفاصيل حياتنا ضحكاتنا وابتساماتنا وأفراحنا وأتراحنا وتحولت مشاعرنا ومناسباتنا إلى كلام أبكم على صفحات المواقع فالأسرة الآن أصبحت تعيش فى عالم آخر عالم مواقع التواصل الاجتماعى فلم يعد للأحاديث الشيقة أى مكان بيننا.

فيما حل رنين رسائل الفيس والواتس وتويتر وغيرها على جلساتنا حتى فى أكثر الأوقات السعيدة والمبهجة فللأسف راحت منا لغة العيون ولذة الدهشة عند سماع الأخبار وتشابك الأيدى والتحام الأكف وجلجلة الضحكات غاب همس السر ونظرة المناجاة وفجأة اللقاء ذابت على حروف الكيبورد لهفة الحنين وحمرة الخجل وتلصص النظرة المشتاقة خلف حجاب التقاليد مات عبير الصوت وتلاشى حضن القلب وغاب هدير المعانى وما بقى إلا حروف ذابلة فوق جوال أو كيبورد أعمى وأصابع جفت فى عروقها تغاريد الحياة وعيون تحجرت صوب شاشة عرجاء.

حتى الأعياد التى كنا نشتاق فيها لسماع صوت من نحب أصبحت مجرد إشعارات صماء معلبة ليس لها طعم أو لون فلم تكن اتصالاتنا الصوتية ومقابلاتنا تنقطع وفجأة تحول كل شىء إلى رنات.

فلقد أصبحنا نعيش غربة داخلية عن طريق الأزرار الصماء ونضحك ضحكات صفراء تترنح فوق الكيبورد الصخرى الجلمد للأسف مواقع التواصل الاجتماعى طمست هويتنا ولغتنا العربية وطمست علاقاتنا وتقاليدنا التى تربينا عليها أتمنى ألا تستمر حالة الغربة التى نعيشها وألا تستمر هوجة التكنولوجيا التى افقدتنا لذة الحياة وحلاوتها ...أمل اتصبر به