الصيف موسم الرزق| «المياه المعبـأة».. صـناعـة صيفيـة بإمتياز

«المياه المعبـأة».. صـناعـة صيفيـة بإمتياز
«المياه المعبـأة».. صـناعـة صيفيـة بإمتياز

◄ 5 مليارات جنيه حجـــــــم استثماراتها

ياسين صبرى  ــ  إيمان طعيمة

 

رغم ارتفاع درجة حرارة الطقس خلال فصل الصيف، فإنه يعتبر موسماً مهماً بالنسبة للكثيرين لكسب الرزق، ففى الصيف يهرب الناس من حر البيوت إلى الشوارع والأماكن العامة، فتنشط محلات بيع العصائر، التى نلقى عليها الضوء فى هذا الملف باعتبارها الرابح الأكبر فى هذا الموسم، كما تروج صناعة الثلج الذى يعتبر الحر رأسمال أصحابها، ونتطرق أيضاً إلى صناعة الخزف وتحديداً "القلة" التى عادت من جديد إلى بيوت الكثير من المصريين ولكن فى شكل عصرى جديد لتفادى انتقال العدوى فى زمن كورونا.


مع ارتفاع درجات حرارة الطقس فى فصل الصيف يزيد حجم استهلاك المياه المعبأة بصورة كبيرة ليصبح لا غنى عنها فى معظم المنازل، لا سيما المناطق التى تفتقر إلى وجود المياه الصالحة للشرب بصورة دورية، فتكون زجاجات المياه المعبأة هى البديل الأمثل لسد احتياجات المواطنين، باعتبارها صناعة صيفية بامتياز.


ما لا يعلمه الكثيرون أن صناعة المياه المعبأة هى صناعة ضخمة وواعدة فى مصر، لاسيما مع تنامى الطلب المحلى عليها بصورة كبيرة مقارنة بالأعوام الماضية، حيث بلغ حجم الاستثمار بها حوالى 5 مليارات جنيه، أما حجم الإنتاج السنوى فيبلغ 4 مليارات متر مكعب من المياه، فيما يصل حجم مبيعات السوق إلى أكثر من 6 مليارات جنيه سنوياً، فى حين وصل عدد العمالة بالمنشآت الغذائية المعبئة للمياه إلى أكثر من 20 ألف عامل.


ومؤخراً أصبحت نسبة كبيرة من المواطنين تعتمد على استخدام المياه المعبأة بصورة كبيرة فى احتياجاتها اليومية، ومنهم صبرى الشعراوى، الذى أوضح أنه أصبح معتادا على شراء المياه المعبأة لقلة نسبة الأملاح الذائبة فيها ونقائها من أى ملوثات، خاصة  بعد إصابته بارتفاع ضغط الدم وإصابته بحصوات فى الكلى، لتقتصر استخداماته لمياه الصنبور على الاغتسال والاستحمام فقط.


يضيف: أشترى صندوقين من المياه المعبأة من إحدى العلامات التجارية الشهيرة، حيث إن أسرتى مكوَّنة من ثلاثة أفراد بتكلفة 100 جنيه أسبوعياً، ومؤخراً بدأت فى التفكير فى شراء مبرد كبير للمياه يستوعب الزجاجات كبيرة الحجم من أجل تقليل تكلفة شراء المياه المعبأة.


فى السياق ذاته، يلفت مصطفى محمد، صاحب سوبر ماركت بمنطقة الرحاب، أن استهلاك المياه المعبأة فى الصيف يزيد بنسبة 100% على ثلاث علامات تجارية بعينها، هى صاحبة نصيب الأسد بالسوق المصرية من حيث المبيعات. كما أوضح أن الإقبال يزيد أيضا على زجاجات المياه كبيرة الحجم الخاصة بالكولدير، فيتراوح حجم مبيعاتها اليومية لديه من 5 إلى 10 عبوات يومياً.


شروط ومواصفات
من جانبه، أوضح الدكتور محمد محمد كامل، أستاذ بحوث تلوث المياه بالمركز القومى للبحوث، عدم وجود مياه معدنية فى مصر، فهذه النوعية لها مواصفات محددة، مثل توافر عنصر الأملاح إلى جانب الكالسيوم والماغنسيوم، لكن المياه المعبأة فى مصر عبارة عن مياه طبيعية يتم استخراجها من باطن الأرض من الآبار الجوفية ثم يتم معالجتها لوجود نسبة مرتفعة من الحديد والمنجنيز بها، بعد ذلك يتم التأكد من عدم وجود أى ملوثات ميكروبيولجية ناجمة عن الكائنات الحية الدقيقة وهو عنصر هام يحدد مدى صلاحية استخراج المياه من البئر الجوفية.


يضيف: تتم إزالة الأملاح الزائدة فى المياه الجوفية لتكون ضمن النسب الطبيعية، وهو ما يتم توضيحه على الشريط الخارجى للعبوة البلاستيكية الخاصة بالمياه المعبأة، وهى تعتبر نسب قليلة للغاية لذلك ينصح الأطباء مرضى الكبد والكلى بشربها.


وتابع: من شروط جودة المياه المعبأة أن تكون البئر المستخرجة منها المياه مستوفية المواصفات الصحية التى وضعتها وزارة الصحة، كما أن العبوة ذاتها لا بد أن تكون مصنَّعة من مواد غير سامة.


كما لفت إلى أن المواد المصنوعة منها زجاجات المياه المعبأة مهيأة للتعامل مع مادة الأوزون وليس مادة الكلور، لذلك إذا تم وضع مياه الصنبور بزجاجات المياه المعبأ، تبدأ المادة البلاستيكية المصنوعة منها فى التفاعل معها لتنتج مواد مكلورة قد تسبب أمراضاً خطيرة.


تشريعات منظمة
ويوضح محمود البسيوني، المدير التنفيذى لغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية، أن عدد الشركات الحاصلة على موافقة اللجنة العليا للمياه من وزارة الصحة يقترب من 50 شركة، فى حين أن عدد شركات المياه المعبأ أعضاء غرفة الصناعات الغذائية هو 101 شركة، بينما عدد الشركات المستوفاة لاشتراطات هيئة سلامة الغذاء هو 17 شركة.


كما لفت إلى أن التشريعات المنظمة لصناعة وتعبئة المياه داخل مصر تتمثل فى عدة اشتراطات، أولها ترخيص البئر المستهدفة بعملية الاستخراج من اللجنة العليا للمياه بوزارة الصحة، وأن تكون المنشأة الصناعية التى تتولى التعبئة والتصنيع مسجلة فى الهيئة القومية لسلامة الغذاء، وتطبيق المواصفة القياسية المنظمة رقم 1589 لعام 2007.


ويتابع: دور غرفة الصناعات الغذائية فى تنظيم عمل الشركات هو العمل مع الجهات المختصة بالدولة بملف المياه على التنسيق فى صياغة التشريعات واللوائح والمواصفات الخاصة بالمياه، والعمل على تقريب وجهات النظر فيما يتعلق بتطبيق المعايير الفنية الخاصة بالرقابة على المنشآت الغذائية، إلى جانب تقديم الحلول والمقترحات لكافة الجهات الحكومية والوزارات لتذليل العقبات أمام تطوير صناعة الأغذية والمشروبات فى مصر وتعزيز القدرات التنافسية لأعضائها فى الأسواق الداخلية والخارجية.


تحذيرات
ومن جانبها، حذَّرت الدكتورة رشا مصطفى حسن، أستاذة الكيمياء الحيوية والتغذية بجامعة عين شمس، من إعادة استخدام الأوعية البلاستيكية المخصصة لبيع الماء المعبأ سواء كانت زجاجات أو قوارير، وذلك وفقا لما قررته منظمة الصحة العالمية، بأن أكبر مصادر بقايا البلاستيك التى توجد فى جسم الإنسان يكون مصدره زجاجات الماء البلاستيكية.


وتكمن مخاطر إعادة استخدام الزجاجات البلاستيكية فى احتوائها على مادة BPA، أو «ثنائى الفينول أ» وهى  مادة كيمائية توجد فى بعض أنواع البلاستيك، وعند امتصاص الجسم كمية كبيرة منها تجعله أكثر عرضة للإصابة بالعقم وأمراض القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم، كما أن مقاومة الإنسولين بالجسم ترتفع عند امتصاص هذه المادة، ما يزيد احتمالية الإصابة بمرض السكرى من النوع الثاني، فضلاً عن أن استخدام الأنواع الرديئة من البلاستيك تزيد من نمو البكتيريا الضارة فى الأمعاء.


وأشارت الدكتورة رشا إلى ضرورة معرفة أنواع البلاستيك المختلفة ومعرفة مدى تأثير كلٍ منها فى الصحة، وذلك عن طريق قلب الزجاجة رأساً على عقب والنظر للرقم المدوَّن فى مثلث التدوير.


حيث يشير رقم «1» إلى أن هذه العبوات تستخدم لمرة واحدة فقط ولا يُعاد استخدامها مرة ثانية، فقد يقوم هذا النوع بامتصاص جزء من المواد المعبأة به، كما أنه يعتبر مادة قابلة لنمو البكتيريا، أما رقم «2» فهو نوع البلاستيك الذى يُستخدم فى صناعة زجاجات اللبن، ويعتبر هذا النوع آمناً للاستخدام، حيث إنه لا ينقل أى مواد كيميائية إلى المواد الغذائية المعبأة بها فى درجة الحرارة العادية.


ويفضل التقليل من استخدام الزجاجات التى تحتوى على رقم «3» لوجود مواد تؤثر فى الهرمونات فى الجسم به، كما أن وجوده فى درجة حرارة عالية يؤدى لخروج مادة كيماوية مسرطنة، ورقم «4» فهو آمن ولا يسبب انتقال مواد كيماوية للأطعمة والمشروبات فى درجة الحرارة العادية.


أما رقم «5» فهو أكثر الأنواع أمانا ولا يسبب انتقال مواد كيماوية للأطعمة والمشروبات فى درجة الحرارة العادية، ويمكن إعادة استخدامه مرات عديدة، ورقم «6» يدخل فى صناعة الأكواب البلاستيكية والفوم التى تستخدم لشرب القهوة وخلافه، وهى مادة محتمل أن تنقل مواد مسرطنة من البلاستيك للأطعمة والمشروبات، فيفضل تجنبه.


أما الرقم «7» فهو الأخطر على الإطلاق، لأنه يرمز لعدة مواد منها «بولى كاربونات» التى تحتوى على مواد البيسفينول السامة التى تؤدى إلى خلل بعض الهرمونات فى الجسم وتسبب العديد من المشكلات منها أمراض سرطان الثدى والرحم بالسيدات، وكذلك له العديد من التأثيرات الخطيرة على صحة الأطفال.


وبعد معرفة الرقم الآمن على الصحة، يجب التأكد أيضا من صحة الزجاجات التى يتم شراؤها وعدم تعرضها للغش التجاري، وذلك من خلال التأكد من سلامة الزجاجة والغطاء المغلق آلياً وعدم وجود أى تغيرات باللون والطعم والرائحة، مع ملاحظة وجود فراغ فى الزجاجات، حيث إن المياه المعبأة لا يتم ملؤها حتى فوهة الزجاجة قبل غلقها، كما أن هذه المياه لا ينتج عن رجها أى فقاعات هوائية داخل الزجاجة، بعكس مياه الصنابير التى ينتج عن رجها فقاعات واضحة، وأخيرا يمكن تجنب كل ما سبق عن طريق استخدام فلتر منزلى يساعد على تنقية الماء من الشوائب بشرط تغيير الشمع المخصص كل ثلاثة أشهر على الأكثر واستخدام أوعية زجاجية لضمان سلامتها وأمانها على الصحة.