تداعيات الزلزال «الطالبانى».. مخاوف دولية وإقليمية من خطر الإرهاب وتدفق اللاجئين

تداعيات الزلزال «الطالبانى».. مخاوف دولية وإقليمية من خطر الإرهاب وتدفق اللاجئين

وزير الخارجية الصينى وانج يى والقيادى عبد الغنى برادر
وزير الخارجية الصينى وانج يى والقيادى عبد الغنى برادر

كتبت: آمال المغربي - مروي حسن حسين - سميحا شتا - مرام عماد

مع خروج القوات الأمريكية وشركائها فى حلف الناتو بشكل نهائى من الأراضى الأفغانية قبل 11 سبتمبر المقبل، وبعد إحكام حركة طالبان قبضتها على البلاد وعلى الحدود الصينية الأفغانية، أصبحنا أمام مقاربة صينية جديدة تجاه أفغانستان، تختلف تماماً عن المقاربة الأمريكية.

 تأمل الصين فى التزام طالبان  بشأن ضمان انتقال سلس للوضع فى أفغانستان، وكبح جميع أنواع الإرهاب والأعمال الإجرامية، وإبعاد الشعب الأفغانى عن الحروب، وإعادة بناء البلاد.. وروجت وسائل الإعلام الحكومية الصينية لفكرة أن انسحاب أمريكا المتسرع من أفغانستان يعبر عن بحثها لما هو ملائم بالنسبة لها ويعكس موقفها تجاه جميع حلفائها - بما فى ذلك تايوان التى تتحدى بكين وتسعى لتقوية موقفها من خلال الاستعانة بما تقدمه لها واشنطن من ضمانات أمنية.. تتركز المصالح الأمنية الأساسية للصين فى جنوب آسيا فى منع أسلمة وتطرف أقلية الإيجور فى إقليم شينجيانج الحدودى، خصوصاً مع رغبة مقاتلين ينتمون للإيجور فى العودة من سوريا.

وفى أفغانستان، يخشى المسئولون الصينيون من وحدات تابعة لمقاتلين سابقين فى حركة تركستان (أو شرق تركستان) الإسلامية ينتشرون بين صفوف حركة طالبان، منذ نجاح الحركة فى السيطرة على إقليم بادخشان وممر واخان الواقعين بالقرب من الحدود الصينية عام ٢٠١٩.. ويُشكِّل صعود تنظيم الدولة فى شرق أفغانستان، ضمن ولاية «خرسان»، أحد مصادر القلق الصينى أيضاً، إذ يُعَد التنظيم عامل جذب للمقاتلين الإيجور المنشقين عن صفوف حركة طالبان.

ورغم محاولة الحركة وضع تنظيم الدولة تحت السيطرة، يخشى مسئولون فى بكين عدم استمرار ذلك طويلاً بعد انسحاب القوات الأمريكية.. وفى كل الأحوال، من المستبعد أن تستخدم حركة طالبان مقاتلى الإيجور كسلاح ضد الصين، استناداً إلى الاتفاقات بين الجانبين، رغم الشكوك فى بكين من أن واشنطن قد تكون سهَّلت لطالبان، ومن ثم مقاتلى الإيجور، السيطرة على إقليم بادخشان.

وفيما يتعلق بالمصالح الاقتصادية، حاولت الصين دمج مصالحها الاقتصادية المباشرة بخلق حالة من الاستقرار فى أفغانستان عبر استخدام ثقلها الاقتصادى كورقة ضغط لتشجيع الحكومة وحركة طالبان على توقيع اتفاق نهائى من خلال مفاوضات السلام.  ومن الناحية السياسية، يبدو أن التقدم المتسارع الذى حققته حركة طالبان مؤخراً سيعقّد الوضع بالنسبة للصين كثيراً.

مصلحة الصين السياسية تعتمد على ألا يتم حكم أفغانستان بالكامل بواسطة حكومة مُوالية للغرب والهند، وأن تحافظ بكين على علاقات متوازية بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، وأن تبنى الصين شبكة علاقات مع مكونات أخرى قبلية وميليشيات مسلحة.. يجب أن يُنظر إلى وعود طالبان بعدم إيواء أى مسلحين قد يهددون الصين بنفس القدر من الشك. إن موجة الهجمات الأخيرة على الموظفين الصينيين والمشروعات فى باكستان هى علامة تحذير واضحة حول تأثير نظام طالبان فى أفغانستان بالنظر إلى سجل المجموعة على مصالح الصين فى المنطقة. حتى إذا أوفت طالبان بوعودها للصين - وهذا أمر غير مؤكد - فإن الانتصار السريع للجماعة الإسلامية المتشددة سيلهم بلا شك قوى مماثلة بعضها ليس ودودًا مع بكين.

وتدرك الصين بالطبع هذه المخاطر، لكن فى مواجهة عدم وجود خيارات جيدة، أجرت بكين الحسابات التى مفادها أن احتضان طالبان ومحاولة الضغط عليها للوفاء بوعودها هو أفضل رهان لها.