وجع قلب

حكاية قصر أندراوس

هبه عمر
هبه عمر

فى عام ١٩٢١ تحول قصر توفيق باشا أندراوس بمدينة الأقصر إلى مكان ممنوع الاقتراب منه، فقد كان صاحب القصر وهو أحد أقطاب الحركة الوطنية ضد الاحتلال يستعد لاستقبال زعيم الوفد العائد من المنفي، بعد أن منع مدير الأمن العام سفينة سعد زغلول من الرسو فى الأقصر فقام توفيق باشا بمد سلم خشبى كبير من السفينة إلى قصره المطل على النيل ليقوم باستقبال زعيم الأمة وتهتف الجماهير يحيا سعد ويهتف سعد زغلول يحيا توفيق اندرارس ،وظل نائبا عن الأقصر فى مجلس الأمة لعدة دورات حتى وفاته عام١٩٣٥،وكان مثل  والده الذى أوقف مائة فدان لخدمة مساجد وكنائس الأقصر مناصفة بينهم جميعا، وأوقف عشرة أفدنة لخدمة المدرسة الصناعية  ثم قام ببناء مدرسة الأقباط، التى مازالت قائمة وبنى مسجد المقشقش ومسجد المدامود وجمعية الشبان المسلمين والعديد من المشروعات الخيرية.
بعد مقتل ابنتيه عام ١٩١٣ بالقصر فى حادث غامض ظل لغزا حتى الآن، تحول إلى مكان مهجور رغم مايحويه من ثروات داخله، فهو يتميز بسمات معمارية مميزة، ترقى لأن يكون أثرًا مسجلًا على قائمة التراث، فطريقة بنائه بالطوب اللبن على الطراز الكلاسيكى هى سمة مميزة لمبانى أثرياء الأقصر فى أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ولا يوجد مثلها إلا أمثلة نادرة بالمدينة،كما يحتوى على لوحات فريسك فى الأسقف والحوائط لفنانين إيطاليين وبألوان زاهية ودقيقة من عصر الإنشاء، بخلاف العديد من التحف والمفروشات والأثاث، وكان يسمى «بيت الأقصر الكبير»، وكان يفترض أن يتم ترميمه وتحويله إلى متحف، ولكن ماحدث له يروى كيف نبرع فى البحث عن وسيلة مريحة لمحو جزء من تراثنا، فقد ظهرت الرغبة فى التخلص من القصر وإزالته وعقدت لجان عديدة من خبراء ومتخصصين فى عصر وزير الثقافة فاروق حسنى لاتخاذ قرار، ضم بعضها د.صابر عرب -وزير الثقافه الأسبق- ود.سهير حواس عن جهاز التنسيق الحضاري، ود.احمد شعيب أستاذ الترميم بجامعة القاهرة، والمهندس الاستشارى طارق المرى، وجميعهم رفضوا هدم القصر وأقروا إمكانية ترميمه،ورغم ذلك تم تشكيل لجان أخرى وافقت على الهدم المطلوب للقصر بحجة أنه يقع فى حرم معبد الأقصر على أرض تابعه لوزارة الآثار، ولا يمكن ترميمه!
قضى الأمر وتم هدم القصر خلال الأيام الماضيه بقرار من وزارة الآثار، مثل قصور أخرى هدمت قبله، ونرجو ألا يتكرر نفس السيناريو مع المزيد من تراثنا التاريخى والثقافى.