فى المليان

قـمـة الإنـقـاذ والـبـحـث عــن دور جهد جبار ومخلص للكاظمى وحكومته

حاتم زكريا
حاتم زكريا

تشهد بغداد غداً مؤتمر قمة دول الجوار الذى أخذ أبعاداً أكبر من كونه مؤتمراً إقليمياً.. وقد تكون بداية الفكرة للإعداد لهذا المؤتمر القمة الثلاثية التى شهدتها بغداد أيضًا فى شهر يونيو الماضى وجمعت الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس جمهورية مصر العربية، والملك عبد الله الثانى، عاهل الأردن، ومصطفى الكاظمى، رئيس الوزراء العراقي. 
وقد أكد الرئيس السيسى دعم مصر لكل جهد من شأنه أن يعزز من أمن واستقرار العراق، وجهود مصطفى الكاظمى، رئيس الوزراء، لتقوية دور مؤسسات الدولة العراقية وصون سيادة وعروبة العراق، وأشار الرئيس السيسى إلى أن مصر ستواصل العمل على تعزيز أطر التعاون مع الجانب العراقى الشقيق فى مختلف المجالات سواء على المستوى الثنائى أو فى إطار آلية التعاون الثلاثى بين مصر والعراق والأردن. جاء هذا خلال الاتصال الهاتفى الذى تلقاه الرئيس السيسى من مصطفى الكاظمى، رئيس الوزراء العراقى، يوم الخميس الماضى 19 أغسطس؛ للتأكيد على حضوره قمة دول الجوار ببغداد، وبحث أهم ما يمكن أن يشمله جدول أعمال هذا المؤتمر المهم. 
وأكدت العديد من الوكالات العالمية أن مؤتمر قمة الجوار ببغداد سيشهد حضور نخبة من زعماء العالم ومن بينهم الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون والرئيس التركى رجب طيب إردوغان والرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى والعاهل الأردنى الملك عبد الله الثاني، وأيضاً الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى وولى عهد الكويت مشعل الأحمد الجابر الصباح وأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط وأمين عام منظمة المؤتمر الإسلامى أكمل الدين إحسان أوغلو ووزير خارجية قطر محمد عبد الرحمن آل ثاني، وأن الولايات المتحدة سوف ترسل وفداً ممثلاً عن وزارة الخارجية، كما أن المملكة العربية السعودية لم تسم ممثلها لحضور القمة حتى قبل انطلاقها بساعات.. وهناك احتمالات لتغيير قرار الرئيس التركى بالمشاركة.. وفى تطور جيد أعلن وزير الخارجية اليابانى دعم بلاده لتطبيق الورقة البيضاء للإصلاح الاقتصادى فى العراق المقدمة من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمى بمشاركتها فى المؤتمر كمراقب. 
وإذا كان الرئيس السيسى والملك عبد الله الثانى لهما اتفاقات واستراتيجية خاصة مع العراق، فإن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون دخل فى الصورة من أوسع الأبواب.. فإذا كان ماكرون قد أثبت منذ انفجار مرفأ بيروت اهتمامه الخاص بلبنان الذى زاره مرتين ومنعته إصابته بــ COVID - 19  من أن يزوره مرة ثالثة، فإن له اهتمامات أخرى فى المنطقة أبرزها هذه الأيام مشاركته فى مؤتمر الجوار العراقى فى بغداد وإعادة تفعيل دور بلاده فى الملف النووى الإيراني.
وفى جميع المناسبات حرص الرئيس ماكرون على التأكيد على تمسك فرنسا باستقلال وسيادة وأمن العراق واستعدادها لمواكبته فى المجالات كافة بما فيها المجال العسكرى الأمنى والدفاعي، وتقيم باريس علاقات جيدة قديمة مع إقليم كردستان. ومن هنا فإن مشاركة ماكرون فى مؤتمر وإن كان تحت اسم إقليمى (مؤتمر الجوار العراقي) تبدو إلى حد كبير طبيعية وقد كان لافتا البيان الذى أصدره الاليزيه عقب الاتصال الهاتفى الذى جرى بين ماكرون والكاظمى وفيه أشار الى أن الكاظمى قدم عرضا للتحضيرات الخاصة بالمؤتمر الذى «ينظمه العراق بالتعاون والتنسيق مع فرنسا» ويعنى هذا أن ماكرون لن يكون مشاركاً «عادياً» بل إن له دورا يقوم به أبعد من المشاركة. 
ولا شك أن المؤتمر المخطط له جيداً سوف يعيد العراق -وفق تقديرات غربية- الى الحلبة الدبلوماسية الإقليمية والدولية وسيوفر دعماً سياسياً للكاظمى ومشروعاته فى مواجهة المعارضات المختلفة التى يلاقيها محلياً وإقليمياً. كما أن المؤتمر الذى ينعقد قبل شهر ونصف من موعد الانتخابات العامة سيكون بمثابة عامل دفع لها باعتبار أن المؤتمرين سيشددان على أهمية إجرائها. 
ومن الطبيعى أن يتم التركيز على دعم العراق فى كافة المجالات وتعزيز دور الدولة بما فى ذلك محاربة الفساد والإرهاب، ووجود عدد من قادة الدول المؤثرة والمعنية سيفتح الباب أمام التطرق للملفات التى تشغل منطقة الخليج والشرق الأوسط بشكل عام.. ويسعى العراق للعب دور الوسيط وأن يتمتع بمزيد من استقلالية القرار، وهو فى الواقع وسط منافسة الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، ومن هنا فإن الدعم الدبلوماسى والسياسى الفرنسى والأوروبى سيكون بالغ الفائدة له إذ سيقوى أوراقه ويفتح أمامه مجالات إضافية على مختلف الأصعدة الأمر الذى يحتاج إليه. 
ومن خلال مشاركته الفاعلة القوية فى المؤتمر سيثبت ماكرون حضور بلاده ودورها فى هذه المنطقة الاستراتيجية، وحتى اليوم يتواصل الحضور العسكرى الفرنسى فى العراق فى مجالين: التدريب من جهة، وملاحقة فلول داعش من جهة ثانية وهو ما تقوم به مجموعات كوماندوز فرنسية يتم التعتيم على أنشطتها وحضورها وأعدادها. ورغم محاولات الإفساد والتعتيم من بعض الجهات فإن مؤتمر الجوار العراقى سيخرج بنتائج متوازنة ستضيف الى محصلة الإنجازات للحكومة العراقية الحالية.