مجلة «حمارة منيتى».. أسرار وحكايات المصريين يرويها «المكارية»

صورة من المجلة
صورة من المجلة

- الخيلة الكدابة أشهر مجلة ساخرة ناقدة تستخدم لغة الحوارى 

- قيمة الاشتراكات فى حمارة المينات اربعين قرش صاغ وبلاش وجع دماغ.. خلونا كده حبايب

- تقديرا لدور الحمارة التى كانت تجمعه بحبيتبه فقد محمد تويق أطلق اسمها على المجلة

- اعتمدت على طائفة المكارية التي تقوم بتأجير الحمير وتعرف الكثير من الأسرار والحكايات عند توصيل بعض الشخصيات المهمة اثناء حالة السكر بعد سهرة فرفشة

- لم يدفع صاحبها أجر لمحرر ولكن دائما ماكان يدفع وجبه للحمار 
 

تمثل مجلة «أبونظارة» لصاحبها حالة خاصة باعتبارها أول مجلة ساخرة عرفتها الصحافة المصرية استخدم فيها  اللغة العامية والنقد السياسى الساخر وقد تعرض صاحبها لكثير من المتاعب حتى نفى إلى فرنسا وهناك أصدرها بأكثر من اثنى عشر اسما وكتبها مرة ثماني لغات.

ولعل النجاح الباهر قد أغرى الكثير بعمل مجلات ذات طابع نقدى ساخر وقد شهد بداية القرن التاسع عشر العديد من المجلات الفكاهية البعض توقف والآخر استمر لفترة طويلة واللافت للنظر هو غرابة الأسماء وطرافتها كوسيلة لجذب القارئ أم أن الأسماء تحمل دلالات تعبيرية معينة ولعل من اشد الأسماء غرابة الخايلة الكدابة سنه 1898 ومجلة بغل المعشر سنة 1898 والخلاعة سنة 1902 ومجلة الحافى سنة 1904 والكثير من الأسماء.


وقد يكون  لنا مقال آخر عن الأسماء ودلالتها ولكن من أشد الأسماء غرابة مجلة «حمارة منيتى» التى صدرت فى تواريخ مختلفة من عام 1898 إلى عام 1899 ثم من عام 1900 إلى عام 1902 ثم من عام 1904 إلى عام 1908 وهى مجلة سياسية  فكاهية أصدرها عدد من المحررين وهم محمد توفيق وكان ضابطا بالمعاش وصدر العدد الأول منها عام 1898 .

واعتمدت المجلة على الأسلوب النقدي الساخر من الأوضاع السياسية  والاجتماعية المتردية واتسمت المجلة بأسلوب السجع تارة وباللغة الفصحى بعض الشئ وقد تعرض صاحبها بالنقد اللاذع «لعباس الثانى» منتقدًا سياسة الإسراف والبذخ وللعديد من الشخصيات السياسية الكبرى بغمز لا يوارى  فيه ونرى دائما فى الصفحة الأولى أسفل اسم المجلة هذين البيتين.

يامحلى الجد لمايكون  فى قالب 
يغور الجد لو كنت أنت غايب
هزار يبقى الكلام موزون ورايق
ياعم الشيخ هزار وأنت اللى فايق

أما قيمة  اشتراكات المجلة فلم تسلم ايضا من السخرية   فنجد «قيمة الاشتراكات فى حمارة المينات اربعين قرش صاغ وبلاش وجع دماغ.. خلونا كده حبايب» واتبعت المجلة نفس الأسلوب الساخر حتى وهى تدعو للإعلانات فنجدها تكتب أعلى اسم المجلة طالبة اعلانات العبارة التالية «كل عبارة أو اشارة باسم الحمارة ومصحوبة باستمارة ونشر الإعلانات يكون بالممارسات وبموجب خد وهات».. ويقال إن هذه المجلة اعتمدت فى بعض الاخبار على طائفة المكارية التى تقوم بتأجير الحمير وهذه الطائفة كانت تعرف الكثير من الأسرار والحكايات عند توصيل بعض الشخصيات المهمة أثناء حالة السكر بعد سهرة فرفشة وفى المقابل كان صاحب المجلة يدفع تمن وجبه للحمار .. اما النقد السياسى فقد وصل إلى أكثر مدى وتناول محمد توفيق أفراد اسرة الخديوى بالنقد اللاذع وانتقد حالة الاسراف والبذخ بينما افراد الشعب يعانون من الجوع ومما جعل القراء يعتبرون المجلة صوتا لهم وقد وصل الاعجاب أن أرسل احد القراء المعجبين بها الابيات الاتية.

حمارة ليست لمن يركب
ترى بلادا باعها أهلها
تضرب بالنعل ولاتضرب
وتسكب الدماع الذى يسكب

أما عن سبب تسمية المجلة «بحمارة منيتى» فلها قصة طريفة على لسان حسين شفيق المصري حيث يقول: إن محمد توفيق صاحب المجلة وهو من أسرة ميسورة الحال كانت له صديقة وكانت توافيه فى مواعيدها الغرامية على حمارة تركبها وقد تزينت وكانت فى أجمل صورة فكان كثيرا ما يغازل الحمارة ويداعبها وتقديرا لدور الحمارة التى كانت تجمعه بحبيتبه فقد أطلق اسمها على المجلة باعتبارها تأتى بأغلى امنيته ولم يكن محمد توفيق فقط من يقوم بتحرير المجلة فقد اصدرها عدد من المحررين وهم محمد حلمى عزيز وعبدالرحمن الهندى والدرينى وكان تقديم المجلة تحت شعار «الحمد لله الذى زين الدنيا بمصابيح والقلوب بالسرور والتفاريح وجعل الضحك عنوانا للانشراح ومثالا للمسرة والنجاح» وعند صدور المجلة مرة أخرى استخدمت فى الترويسة الرئيسة اللغة الانجليزية لكتابة اسم المجلة وصورة «حمارة» صغيرة فى دائرة متوسطة اقرب إلى طابع البوسطة أو الختم وظل هذا الشعار ثابتا فى الاعداد التالية للمجلة.

وقد صدرت المجلة بشكل أسبوعى وأن كانت قد تعرضت بعد ذلك للعديد من المشاكل المادية شأنها شأن العديد من المجلات الفكاهية ولكنها تظل حالة مهمة عند استعراض تاريخ الفكاهة فى مصر لما تمثله الكتابات بها من طرييقة غاية فى الاتقان والروعة عند النقد والسخرية حتى وإن استخدمت الأسلوب «العامى» طبيعة المجلات الفكاهية فى ذلك الوقت ولكن استخدام مجلة «حمارة ميتى» لأسلوب الطلقات السريعة فى الباب الثابت تحت اسم «تلغرافات» وفيه يوجه المحرر العديد من النقد لكل السلبيات والشخصيات القائمة على الحكم فى ذلك الوقت.. ونسجل هنا أنها رغم بساطة الطباعة واستخدام الصور الكاريكاتيرية مثل سابقتها أبونظارة إلا أنها تفوقت فى الأسلوب والاستمرار لمدة لا بأس بها وكانت علامة بارزة فى المجلات الساخرة والفكاهية فى مصر.