الرئيس التنفيذى للمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة يكتب:

برنامج «جسور».. مستقبل نمو أفريقيا وسلاح مواجهة الآثار السلبية لفيروس «كورونا»

 هانى سنبل - الرئيس التنفيذى للمؤسسة  الدولية الإسلامية لتمويل التجارة
هانى سنبل - الرئيس التنفيذى للمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة

التاريخ يسطر وجود روابط تاريخية وثقافية عريقة امتدت لقرون جمعت الدول العربية ونظيراتها من الدول الافريقية الواقعة جنوب الصحراء، فالمنطقة العربية هى الأقرب جغرافيا واجتماعيا من هذه القارة التى تذخر بامكانات وموارد طبيعية كبيرة تشكل فرصاً لا حدود لها للمستثمرين الراغبين فى الاستفادة منها.


ومن هنا جاء إطلاقنا لبرنامج جسور التجارة العربية الافريقية منذ عام 2017 ليضحى المنصة الأولى للنهوض بالتجارة والاستثمار بين المنطقتين العربية والأفريقية، وليقدّم مبادرات مهمة تعزز النمو والازدهار فى الدول العربية والافريقية، ويسهل الدعم المالى والفنى للأنشطة المتعلقة بالتجارة والاستثمار ومشاريع البنية التحتية، هذا إلى جانب تعزيز القدرة التنافسية من خلال التركيز على بناء قدرات مؤسسات دعم التجارة والاستثمار والقطاع الخاص والشركات الصغيرة والمتوسطة، ورفع الوعى بفرص التصدير الى السوق الأفريقية، وتعريف الشركات المصدرة بآليات النفاذ إلى الأسواق الأفريقية، فحجم التبادل التجارى وتدفق الاستثمارات بين المنطقتين العربية والافريقية لا يرقى إلى مستوى طموحات وتطلعات بلدان الاقليمين على الرغم من وجود إمكانيات تجارية كبيرة فى المنطقتين العربية والافريقية، والتى من شأنها أن تسهم فى تحقيق مزيد من التكامل الاقتصادى الإقليمي.
إن تعزيز الاهتمام بإحياء الروابط الاقتصادية التاريخية الوثيقة بين المنطقة العربية وافريقيا يستلزم تعزيز التعاون بين الطرفين، ويتطلب ايضاً وجود بنية تحتية كاملة فى القارة الافريقية، وهو المجال الذى تلعب فيه المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة وشركائها فى البرنامج دورا رائدا من خلال توفير منصات ونوافذ متعددة، لتوفير التمويل وبرامج المساعدة الفنية وربط رجال الاعمال فى المنطقتين، وتهيئة بيئة التعاون من خلال التركيز على سلاسل القيمة فى الكثير من الصناعات المرتبطة بالزراعة على وجه الخصوص، بجانب القطاعات الصيدلانية والطبية، وقطاعات التأمين والتخزين واللوجستيات والتكنولوجيا الرقمية وتنمية القدرات البشرية والمؤسسية.

خطة دعم الدول الإفريقية والعربية لمواجهة «كورونا»

بمجرد انتشار جائحة «كورونا» فى العالم والدول الأعضاء فى 2020 وافقت المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة مع شركائها ومن ضمنهم المصرف العربى للتنمية الاقتصادية فى أفريقيا (BADEA)، والمؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات (ICIEC) وكذلك كل من بنك الاستيراد والتصدير الافريقى Afreximbank ـ، والبنك الإسلامى للتنمية (IsDB) على خطة استجابة طارئة وضعت من قبل برنامج جسور التجارة العربية والإفريقية، لدعم الدول الأفريقية والعربية لتعزيز قدراتها من حيث درء المخاطر الاجتماعية والاقتصادية التى تواجهها فى ظل جائحة (كوفيد -19) من خلال اتخاذ خطوات عاجلة لإعادة ترتيب الأولويات، وتوجيه الدعم نحو الدول الأفريقية والعربية الأكثر عرضة لمخاطر التأثير الاجتماعى والاقتصادى الوشيك الناتج عن هذه الجائحة.

وباعتبار أن أنظمة الرعاية الصحية فى العديد من الدول الأفريقية تنقصها تدابير الحماية والسلامة فإن برنامج جسور التجارة العربية والإفريقية بالشراكة مع المؤسسات الإفريقية ذات الصلة سيركّز على توافق معايير الصناعات الدوائية فى افريقيا، وتحسين فرص تواجد منتجات الصناعات الدوائية فى السوق، وتم مؤخراً بإبرام شراكة مع البنك الأفريقى للاستيراد والتصدير « والمنظمة الأفريقية للتوحيد القياسى (ARSO) تحت مظلة برنامج جسور التجارة العربية والإفريقية، لدعم قطاع الصحة فى أفريقيا، وتحفيز التجارة بين الدول الأفريقية فى مجال الأدوية والأجهزة الطبية، وذلك عبر إطلاق برنامج على 3 سنوات يهدف لمواءمة المعايير الأفريقية لقطاع الأدوية والأجهزة الطبية، من أجل تحسين جودة وسلامة الأدوية والأجهزة الطبية المستوردة أو المنتجة فى القارة الإفريقية، والتى تعد خطوة أولى وحاسمة فى تيسير الإنتاج والتجارة المحليين، وتضمن الحصول على الأدوية واللقاحات وغيرها من الخدمات الصحية فى الوقت المناسب لمن هم فى أمس الحاجة إليها، وستعمل مواءمة المعايير على تحسين التجارة والاستثمار فى قطاع الرعاية الصحية فى إفريقيا من خلال التشجيع على تصنيع منتجات وخدمات محلية عالية الجودة، وهى من ضمن الأهداف المخطط لها فى منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.

إن مصر احدى الدول الأعضاء الفاعلين فى برنامج جسور التجارة العربية الافريقية منذ انضمامها فى العام 2019، حيث تم منذ اليوم الأول من تفشى جائحة كوفيد-19 التضامن والتنسيق مع الوزارات والمؤسسات المعنية فى مصر، تحت مظلة برنامج جسور التجارة العربية الافريقية، لوضع برنامج «التأهب والاستجابة» لتقديم المساعدة لاحتواء الجائحة والتخفيف من آثارها السلبية، وقد أولى برنامج جسور التجارة اهتماما خاصا لمصر حول توفير كافة سبل الدعم الممكن لتعزيز حركة الصادرات المصرية بالأسواق الأفريقية، والوصول بالصادرات إلى 100 مليار دولار خلال الـخمس سنوات المقبلة، فى إطار خطة التنمية المستدامة، وتتزايد هذه الأهمية مع دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية، والتى تعد من أكبر مناطق التجارة الحرة فى العالم حيز التطبيق منذ 1 يناير 2021، من خلال تمكين ممثلين عن القطاع الخاص عبر ورش العمل المختلفة من اعداد وبناء خطة تصديرية واستراتيجية تسويق متكاملة للسوق الافريقية ، بالإضافة إلى دعم حاضنات التصدير بهدف خلق جيل جديد من المصدرين على درجة عالية من الاحترافية والدراية بالتعامل مع الأسواق.