وزير المالية: توقعات بزيادات ملحوظة فى الإنفاق على برامج الدعم والحماية الاجتماعية

د. محمد معيط وزير المالية
د. محمد معيط وزير المالية

سنوات وعقود عديدة ماضية، عانت فيها مصر من أوضاع اقتصادية ومعيشية حرجة، الأمر الذى دفع الرئيس عبدالفتاح السيسى لتبنى برنامج متكامل للإصلاح الاقتصادى مع وصوله إلى رئاسة الجمهورية فى منتصف ٢٠١٤.. ولأول مرة، اخترق برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تبناه الرئيس السيسى الملفات الشائكة التى ظلت مسكوتا عنها على مدى عقود عديدة، بما فيها ملف الدعم الذى وصلت فاتورته إلى أرقام خيالية، وفى كثير من الأحيان يذهب إلى غير مستحقيه، ومن ثم كان لابد من إعادة النظر فى هذا الملف الحرج وإدارته بشكل مختلف، حتى يذهب إلى مستحقيه، وتوفير بعض الموارد للقطاعات الأخرى كالتعليم والصحة والإسكان.. وبحسب ما ذكره الرئيس السيسى مؤخراً، فإن الدعم يكلف الدولة ٢٧٥ مليار جنيه سنويا أى ٣ تريليونات على مدى ١٠ سنوات.

علماً بأن مشروع تطوير الريف المصرى يحتاج فقط إلى ثلث قيمة الدعم خلال ١٠ سنوات.. اتجاه الدولة إلى ترشيد فاتورة الدعم لا يعنى أنها لم تعد تتحمل أموال الدعم، حيث مازال الدعم مستمراً فى قطاعات عديدة، ويكفى الإشارة إلى أن الدولة فى الموازنة العامة الجديدة (٢٠٢١-٢٠٢٢) خصصت ٥٠٫٦ مليار لدعم «رغيف العيش» و١٨ مليار جنيه لدعم المواد البترولية، و٧٨٫٦ مليار جنيه لدعم أسعار الكهرباء للمواطنين.

ارتفاع ملحوظ فى الإنفاق على دعم السلع التموينية خلال 5 سنوات

أكد د. محمد معيط وزير المالية أن نجاح الحكومة فى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى الشامل خلال السنوات السابقة أسهم فى بناء دعائم اقتصاد قوى قادر على التعامل مع التحديات والصدمات بشكل يسمح باكتساب ثقة دول العالم والمؤسسات الدولية والمستثمرين فى إمكاناته وقدراته، ويمهد القدرة على سرعة تحقيق التنمية الشاملة.

وقال إنه فى ضوء سعى الحكومة للتصدى لتفشى جائحة كورونا وتأثيرها السلبى على حياة ودخول الملايين من البشر. تحرص الحكومة باستمرار على توفير منظومة للحماية الاجتماعية متطورة وشاملة، تضمن كفاءة توجيه واستخدام موارد الاقتصاد، وتوفر قدرا من الحماية للطبقات المهمشة والاقل دخلا بشكل يضمن استقرار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، واستفادة الجميع من ثمار التنمية المحققة، فضلاً عن تقديم المساعدة والدعم الكافى للقطاعات والفئات الأكثر احتياجاً، لمجابهة الآثار السلبية لتفشى جائحة كورونا، وبشكل يمكن اقتصادنا وبلدنا من التعافى السريع لاستكمال مسيرة التنمية.

وأكد وزير المالية أن هناك تطورا كبيرا فى الإنفاق العام على برامج الدعم والحماية الاجتماعية خلال الفترة من العام المالى 2015/2016 وحتى العام المالى السابق 2020/2021 وذلك من واقع بيانات الموازنات العامة، مشيرا إلى أن الفترة من عام 2015/2016 وحتى عام 2018/2019 اتسمت بزيادة تدريجية فى إجمالى الإنفاق على برامج الدعم والحماية الاجتماعية، بينما شهد عام 2019/2020 انخفاضا فى اجمالى الإنفاق، ثم عاود الارتفاع مرة أخرى فى موازنة العام المالى السابق 2020/2021.. وقال د. معيط إنه من المتوقع أن يشهد الإنفاق على برامج الدعم والحماية الاجتماعية زيادات ملحوظة خلال الثلاث سنوات القادمة، بما يعكس رؤية الحكومة التى تتمثل فى العمل على إيجاد شبكة من برامج الحماية الاجتماعية الفعالة، والقادرة على حماية الطبقات الاقل دخلاً، والطبقات المتوسطة، وذلك وفقا لعدة محددات هى إعادة هيكلة الإنفاق العام، من خلال ترتيب الأولويات، بشكل يضمن خلق مساحة مالية (وفورات) تسمح باستمرار زيادة الانفاق على التنمية البشرية، ومشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لتتوافق مع الاستحقاقات الدستورية، وكذلك التعامل بجدية مع تداعيات الركود الاقتصادى المصاحب لانتشار وباء كورونا، وتوفير مخصصات تحسين الخدمات المقدمة، لضمان مستقبل أفضل للمواطنين وخلق مزيد من فرص العمل خاصة للشباب والمرأة.

دعم الطاقة

 تطور الإنفاق العام على دعم الطاقة

أوضح د. معيط أن الفترة من عام 2015/2016 حتى حلول عام 2016/2017 اتسمت بانخفاض فى دعم الطاقة، نظراً لإجراءات الإصلاح التى بدأت الدولة فى اتخاذها لترشيد هذا الدعم، التى تتمثل فى الاصلاح السعرى للمواد البترولية لترشيد الاستهلاك، بالإضافة إلى بناء قاعدة للمعلومات عن الاستهلاك والتوزيع، ثم شهد عام 2017/2018 ارتفاعا حادا فى الانفاق على دعم الطاقة نظراً لتداعيات سياسة تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016 وفى بداية من عام 2018/2019 وحتى عام 2020/2021 وكذلك من المتوقع خلال الثلاثة الأعوام المالية القادمة أن يستمر الانخفاض فى مخصصات دعم الطاقة، ويرجع ذلك بصفة أساسية إلى استمرار الالتزام بتنفيذ خطة ترشيد دعم الطاقة على المدى المتوسط، وتوجيهه لتمويل وتحسين جودة البرامج ذات المردود الاجتماعى التى تبنتها الحكومة، والتركيز على الاصلاحات الهيكلية والمالية فى قطاع الطاقة لإزالة التشوهات السعرية داخل الاقتصاد، ولضمان الاستدامة المالية للقطاع بما يعزز من قدرته على تلبية احتياجات التنمية فى المستقبل.

دعم صناديق المعاشات التأمينية

 تطور الإنفاق العام على المساهمات فى صناديق المعاشات التأمينية

قال د. معيط إن الفترة من العام المالى 2015/2016 وحتى العام المالى السابق 2020/2021 اتسمت بارتفاع مستمر فى الإنفاق العام فى مساهمات دعم صناديق المعاشات التأمينية، حيث بلغت نحو 52 مليار جنيه فى 2015/2016 و2016/2017، ففى 2016/2017 تمت زيادة المعاشات بـ10% فى يوليو 2016 بحد أدنى 125 جنيها فى الشهر وبحد أقصى 320 جنيها شهرياً، ويعتبر رفع الحد الأدنى للزيادة بهذا المستوى تعبيراً عن استهداف الحكومة للفئات الأقل دخلاً، وفى 2017/2018 تمت زيادة المعاشات بـ 15%، بينما شهدت موازنة 2019/2020 زيادة الحد الادنى للمعاشات ليصل الى 900 جنيه بزيادة قدرها 150 جنيها شهريا، كما تم فى موازنة 2020/2021 تخصيص 170 مليار جنيه للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، لسداد القسط السنوى الثانى من التزامات الخزانة العامة للدولة نحو الهيئة، متضمنة الفروق الناتجة عن إعادة تسوية معاش الأجر المتغير، وإضافة نسبة 80% من العلاوات الخاصة غير المنضمة (العلاوات الخمس) للأجر الأساسى لأصحاب المعاشات بتكلفة تبلغ بنحو 35 مليار جنيه فى العام المالى 2020/2021.

دعم السلع التموينية ورغيف الخبز

أكد وزير المالية أن الفترة من عام 2015/2016 إلى 2019/2020 اتسمت بارتفاع ملحوظ فى الإنفاق العام على دعم السلع التموينية، ففى العام المالى 2015/2016 وصل هذا الدعم إلى حوالى 38 مليار جنيه على الرغم من انخفاض عدد المستفيدين من منظومة دعم الخبز، ليصل إجمالى عدد المستفيدين من هذه المنظومة إلى نحو 67 مليون مواطن، وفى العام المالى 2016/2017 قامت الحكومة بزيادة مخصصات الفرد من دعم البطاقة التموينية بنسبة 20% من 15 إلى 18 جنيهاً للفرد شهرياً، وتقدر أعداد المستفيدين نحو 69 مليون مستفيد من منظومة دعم السلع الغذائية ونحو 82 مليون مستفيد من منظومة دعم الخبز والنقاط ودقيق المستودعات، كما تم فى العام المالى 2017/2018 زيادة الدعم النقدى الشهرى للفرد على بطاقات التموين من 21 جنيها فى نوفمبر 2016 إلى 50 جنيها فى يوليو 2017 بما يسمح بمضاعفة كمية السلع الممكن شراؤها بـ 140%. كما بلغ المخصص للإنفاق على دعم السلع التموينية فى موازنة عام 2020/2021 حوالى 84٫5 مليار جنيه، ويرجع الانخفاض الملحوظ إلى تحديث بيانات المستفيدين من الدعم عن طريق تنقية البطاقات، للوصول إلى مستحقى الدعم الحقيقيين، فضلاً عن انخفاض أسعار السلع الغذائية..

وأوضح د. معيط أن التقديرات تشير إلى أن عدد المستفيدين من دعم رغيف الخبز ودقيق المستودعات يبلغ نحو 69٬760 مليون فرد (65٬260 مليون فرد مستفيد من دعم رغيف الخبز بواقع 5 أرغفة للمواطن يومياً، و4٬5 مليون فرد مستفيد من دعم دقيق المستودعات بواقع 10 كيلو جرامات دقيق للمواطن شهرياً).. بينما تبلغ أعداد المستفيدين من دعم البطاقات التموينية نحو 63٬5 مليون مستفيد (50 جنيها شهرياً للمواطن لعدد أربعة أفراد مقيدين على البطاقة وما زاد على ذلك 25 جنيها للفرد شهريا).

تكافل وكرامة

 تطور الإنفاق العام على مساعدات الضمان الاجتماعى وبرنامجى تكافل وكرامة

قال وزير المالية إنه تم البدء فى تنفيذ برنامجى تكافل وكرامة فى يناير2015، واتسمت الفترة من عام 2015/2016 وحتى حلول عام 2017/2018 بارتفاع مستمر فى الإنفاق العام على تلك البرامج، ففى عام 2016/2017 عملت الحكومة على التوسع فى أعداد المستفيدين من برنامجى تكافل وكرامة ليصل الى نحو مليون مستفيد بالقرى الافقر بمحافظات الصعيد بدءا بمحافظات (اسوان- قنا- الاقصر) وتم بالفعل الانتهاء من تسجيل 800 ألف أسرة،وفى 2017/2018 تمت زيادة الدعم النقدى بنحو 100 جنيه شهرياً لكل من المستفيدين من الـ 1٫7 مليون أسرة،وفى موازنة 2020/2021 بلغت الاعتمادات المدرجة لمساعدات الضمان الاجتماعى وتكافل وكرامة نحو 19 مليار جنيه، مقابل 18٫5 مليار جنيه فى موازنة 2019/2020.

دعم الصحة

 تطور الإنفاق العام على دعم الصحة

أوضح د. معيط أن بنود دعم الصحة تتمثل فى العلاج على نفقة الدولة، والتأمين الصحى على المرأة المعيلة، والتأمين الصحى على الطلاب دون السن المدرسي، والتأمين الصحى على الطلاب، ودعم الأدوية والألبان، والتأمين الصحى على الفلاحين، والتأمين الصحى على غيرالقادرين (من أصحاب معاش الضمان الاجتماعى وكذلك التأمين الصحى الشامل) وغيرها من البنود ، واتسمت الفترة من عام 2015/2016وحتى حلول عام 2019/2020 ا بارتفاع مستمر فى الإنفاق العام على هذا الدعم، كما أنه بداية من العام المالى السابق 2020/2021 وكذلك من المتوقع خلال الثلاثة الأعوام المالية القادمة أن يستمر ارتفاع مخصصات دعم الصحة، مما يعد انعكاسا واضحا لرؤية الحكومة فى الفترة القادمة، المتمثلة فى زيادة مخصصات الصحة.

موازنة 2020/2021 تعيد ترتيب خريطة الدعم

رفع كفاءة الإنفاق العام لصالح الفئات الأقل دخلا والمناطق المهمشة واتباع سياسات أكثر عدالة

شهدت موازنة العام المالى السابق 2020/2021 إعادة ترتيب خريطة الدعم والحماية الاجتماعية، حيث تم العمل على رفع كفاءة وإعادة ترتيب اولويات الإنفاق العام لصالح الفئات والمناطق المهمشة، والاقل دخلا واتباع سياسات توزيعية أكثر كفاءة وعدالة، من خلال استمرار برنامج ترشيد دعم الطاقة، واستخدام الوفر المحقق للتوسع فى الإنفاق على المساهمات فى صناديق المعاشات، وبرامج الدعم النقدى، ودعم إسكان محدودى الدخل، ودعم تنشيط الصادرات، ودعم الصحة، حيث شهدت موازنة العام المالى 2020/2021 زيادة فى إجمالى الإنفاق العام على برامج الدعم، والحماية الاجتماعية لنحو بلغ 387٫6 مليار جنيه مقابل 329٫5 مليار جنيه فى عام 2019/202.

وتمثل الاجراءات التى اتخذتها الحكومة استكمالاً لمسيرة الاصلاح الاقتصادي، التى تبنتها الحكومة خلال الأعوام الماضية فى إصلاح منظومة الدعم، وذلك بهدف توفير المخصصات المالية اللازمة للتوسع فى تمويل برامج الحماية الاجتماعية الأكثر فاعلية من حيث الكفاءة والتأثير والاستدامة، التى تستهدف بالأساس الفئات الأولى بالرعاية، والتى من بينها برامج الدعم النقدي، ودعم التأمين الصحى الشامل لغير القادرين والعلاج على نفقة الدولة، فضلاً عن توفير المخصصات اللازمة لتمويل المبادرات مثل مبادرة حياة كريمة بالقرى الأكثر احتياجاً، خاصة القرى فى صعيد مصر، إسهاماً فى توفير فرص عمل جديدة، والمبادرة الرئاسية لصحة المرأة، ومبادرة اكتشاف وعلاج الفشل الكلوي، ومبادرة الكشف المبكر عن أمراض حديثى الولادة، ووقاية الأطفال من الأمراض المزمنة، والمبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن ضعف السمع لحديثى الولادة، والمبادرة الرئاسية للمستشفيات النموذجية.

وعملت الحكومة فى الموازنة العامة للعام المالى 2020/2021 على توفير المخصصات المالية الكافية لتمويل برامج مساندة النشاط الاقتصادي، خاصةً القطاعات والفئات المتضررة من الأزمة الحالية لتفشى جائحة كورونا. وتضمن إجراءات تخص المواطن مباشرة، وإجراءات تخص القطاعات الأكثر تضرراً بجائحة كورونا، حيث تم خفض اسعار الكهرباء للقطاع الصناعى لأول مرة منذ تعويم الجنيه، فقد تم خفض أسعار الكهرباء للصناعة للجهد الفائق والعالى والمتوسط بقيمة 10 قروش للكيلو وات، ليبلغ 1٫08 جنيه للكيلو وات، مع الإبقاء على أسعار الكهرباء للصناعات الأخرى عند مستوياتها الحالية وعلى مدار 3 إلى 5 أعوام، وتوحيد سعر الغاز الطبيعى للصناعة عند 4٫5 دولار لكل وحدة حرارية، وتوفير نحو 3 مليارات جنيه للمصدرين خلال الفترة من أبريل إلى يونيو 2020 لسداد مستحقات برنامج دعم الصادرات، وتشمل سداد 10% اضافية لكل المصدرين وبحد أدنى 5 ملايين جنيه لكل مصدر، وسداد الدفعة الاولى من البروتوكولات الموقعة والمستهدفة لأكثر من 110 شركات مصدرة.

أما بالنسبة للقطاع السياحى فقد تم إطلاق مبادرة العملاء المتعثرين من خلال إحلال وتجديد فنادق الإقامة والفنادق العائمة وأساطيل النقل السياحي، وتأجيل الالتزامات المالية على الشركات العاملة فى القطاع السياحي، والسماح للقطاعات الأكثر تأثراً بانتشار جائحة كورونا بسداد ضريبة الدخل المستحقة عن عام 2019 على أقساط حتى نهاية يونيو 2020 دون سداد اية غرامات تأخير أو فوائد.