أوراق شخصية

المهزلة العالمية.. والمحكمة الدولية!

آمال عثمان
آمال عثمان

أستكمل ما بدأته الأسبوع الماضى حول قضية الصراع على مياه نهر النيل، ذلك الخطر الذى يهدد حياة المصريين وأمنهم القومى والسياسى، وتداعياته الشائكة على أمننا المائى والغذائى والاقتصادى، والدور الصهيونى فى إزكاء نيران الفتنة والوقيعة بين دول حوض النيل، وما جناه الرؤساء السابقون من خطايا فى تلك القضية.
والحق أننى لم أصدم مثل غيرى من الموقف الدولى تجاه أزمة سد النهضة، فقد سبق وحذّرت فى مقالاتى قبل سنوات من تدويل القضية، وطرحها على مجلس الأمن، وأكدت أن ذلك التوجه لن يكون فى صالح مصر، لما تمارسه إسرائيل وغيرها ممن دعموا مشروع السد من ضغوط ومؤامرات دولية، إلى جانب طبيعة المصالح والاستثمارات القائمة حاليا فى حوض النيل، وتضارب الموازين مع بعض الدول التى لديها نزاعات وخلافات مشابهة، مثل روسيا فى نهرى سير داريا وآمو داريا. 
إن عدم الوصول إلى تسويات للخلافات والنزاعات فيما بين دول حوض نهر النيل بالوسائل وبالطرق المشروعة والسلمية، والاستناد للاتفاقيات والمعاهدات الدولية، لا يعنى أن يكون النزاع المسلح أحد خيارات حل قضية سد النهضة الأثيوبى، لأن أى خيار عسكرى سيكون له آثار كارثية على البيئة والسكان والاستقرار بالمنطقة، وإنما اللجوء لمحكمة العدل الدولية فى لاهاى، أضحى الطريق الوحيد للحفاظ على حقوق مصر المائية، حيث إن المفاوضات اتخذت طريقًا قانونيًا يمس الأمن القومى المصرى، ومصر من حقها اللجوء للتحكيم الدولى للحفاظ على نصيبها فى مياه النيل، حيث إن القانون الدولى ينظم علاقة الدول المرتبطة بحوض أى نهر، والاتفاقيات الدولية المعنية بمياه الأنهار الدولية الخاصة باستخدامات النهر دولياً، كما أن قوانين محكمة العدل الدولية تمنع إقامة السدود على الأنهار، حال تأثيرها على الدول والشعوب المجاورة.
وهناك سابقة حكم للمحكمة فى قضية نهر الدانوب، حيث نشبت أزمة بين المجر وسلوفاكيا فى تسعينيات القرن الماضى، بشأن إنشاء أحد السدود على نهر الدانوب يتسبب فى تعطيل تدفق المياه، وتصدت لها محكمة العدل الدولية فى لاهاى، وبناء على اتفاقيات موقعة بين المجر وسلوفاكيا، صدر حكم العدل الدولية فى سبتمبر عام ١٩٩٧ بمنع إقامة السد، وتتشابه أزمتا نهرى النيل والدانوب فى وجود اتفاقيات تاريخية بين الدول المشاطئة، وهى التى ترفضها إثيوبيا وتتمسك بها مصر.
وكان من المفترض أن تلجأ مصر لمحكمة العدل الدولية منذ عام ٢٠١٢، لكن الأمر تحول إل إحدى الفضائح التاريخية العلنية، والمهازل الدولية لفترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية، حيث اكتفوا بالمسرحية الهزلية الساخرة التى وضعت الدولة المصرية فى حرج، وجعلتنا أضحوكة أمام العالم أجمع!                               وللحديث بقية..