إنهــا مصـــــــر

جيش مصر

كــــــــــــرم جبــــــــــــر
كــــــــــــرم جبــــــــــــر

الجيش المصرى.. لا يولى وجهه إلا شطر مصر، ولا يدين بالولاء إلا لشعب مصر، هذه هى عقيدته.
سنة 1952 صعد الفريق محمد نجيب ومعه صلاح سالم إلى يخت المحروسة، لتوديع الملك فاروق بعد قيام الثورة.. وقال له نجيب: لقد وقف الجيش معك عندما حاصر الإنجليز القصر سنة 1942، لأن "الشعب كان يريد ذلك"، والآن نقول لك فلترحل عن البلاد لأن "الشعب يريد ذلك".
فى مظاهرات 18 و19 يناير 1977 التى اندلعت بسبب الغلاء، كان أداء الجيش رائعاً فى الحفاظ على الأمن والاستقرار، وإيقاف محاولات البعض حرق الأتوبيسات والممتلكات العامة والخاصة، وكان الأداء قمة فى الانضباط والحزم والقوة.
وفى أحداث الأمن المركزى سنة 1986 وحرق ملاهى شارع الهرم، ظهر الجيش فى المشهد، ليفرض هيبة الدولة، واستطاع أن يحمى البلاد من العبث والتدمير.
أما فى 25 يناير وما بعدها، فكان الأداء قمة فى المسئولية، واستطاع أن يحمى البلاد من مصير أسود كان يُدبر لها.. وتحتاج هذه الفترة توثيقاً أميناً ومحايداً لأخطر الأحداث التى مرت بها البلاد.
ما يحدث فى أفغانستان الآن يؤكد النعمة الكبرى التى منَّ الله بها على البلاد، بجيش وطنى عظيم يجسد أسطورة الخلود والعظمة، وإن لم يكن هذا الجيش لحدث لنا ما يحدث لهم.
كان مخططاً لمصر أن تكون الثمرة الكبرى للجحيم العربى، لأنهم يعلمون جيداً أنها القلب النابض، وإذا سقطت سقطوا جميعاً، وإذا بقيت فالأمل كبير فى استعادة المنطقة لنفسها.
يحتاج الأداء الرجولى للجيش فى أحداث يناير توثيقاً وأعمالاً فنية وثقافية، تحكى للأجيال أن المصريين كان يمكن أن يفروا بالملايين إلى الحدود هرباً من بطش الجماعة الإرهابية، ولن يجدوا غرباً إلا الإرهابيين فى ليبيا ولن يجدوا جنوباً إلا إخوان السودان، وشرقاً ميليشيات حماس، ولم يكن أمام المصريين سوى الموت غرقاً فى البحر المتوسط.
وأقسم الرجال أن يذودوا عن البلاد بأرواحهم وحافظوا على البلاد، وتمكنوا من عبور الأزمات بمهارة وقوة وصلابة، ولم يكن أشد المتفائلين يتوقع أن تقف مصر على قدميها إلا بعد ثلاثين سنة، وهكذا قال كولن باول وزير الدفاع الأمريكى الأسبق.
كان مخططاً لمصر أن تغرق فى بحور الأزمات، وأن يتسول شعبها لقمة العيش، ولكن جيش مصر حقق معجزات كبرى فى كل الأصعدة وعزف سيمفونية البقاء.
جيش مصر هو الممثل الأمين للشعب المصرى، وفيه أبناء العمال والفلاحين والموظفين والمدرسين والمهندسين وكل فئات الشعب، لا يعرف القسمة ولا المحاصصة، ويدين بالولاء لكل بيت مصرى كان له شرف أن يكون أحد أبنائه فى الجيش.
ما يحدث حولنا وفى أفغانستان يجعلنا نرفع أيدينا بالدعاء لجيش مصر أن يصونه الله ويرعاه ويحفظ رجاله الأبطال، الذين لا يولون وجوههم إلا شطر مصر.