قريبا من السياسة

تشابه عجيب!

محمد الشماع
محمد الشماع

مع فشل جبهة النهضة فى تقديم حلول عملية لمعاناة الشعب التونسى الذى يعانى من نسبة بطالة مرتفعة تفوق ١٨٪ وتفشى جائحة الكورونا ومع اختصار دور الأحزاب الإسلامية على سلوك نفس المنهج فى خداع الجماهير بشعارات براقة تحمل المن والسلوى قبل أن تصطدم الجماهير بالحقيقة المرة، وهى أن هؤلاء القوم جعجعة بلاطحين، وثرثرة بلا فعل، ورؤية قاصرة منعدمة أعجز من أن تدير دولة بكل تطورات تطورها التاريخى وأزماتها الاقتصادية.
تشابه عجيب بين الحالة التونسية والحالة المصرية إبان حكم الإخوان، فقد استهل راشد الغنوشى وجماعته دعواتهم السياسية بأنهم يحملون حلولاً لإزمات الواقع وزهداً فى السلطة، وحينما صعدوا إلى قمة المسئولية إذا بهم خواء من التجربة السياسية، لتقتصر دولتهم على ما يعرف فى الاقتصاد السياسى بدولة الراعية للسوق الحرة والتى يقتصر دورها على تحصيل الضرائب والجمارك وترك الأنشطة الاقتصادية لكى تتعامل مع احتياجات السوق، وذلك نظام لا يصلح إلا فى الدول الرأسمالية المتقدمة التى تمتلك كارتلات صناعية ضخمة تستوعب اليد العاملة، وتنتج انتاجا متقدما.
أما فى العالم الثالث فالقوى الرأسمالية ضعيفة ويقتصر دورها على إنتاج بعض البضائع الاستهلاكية الخفيفة أو القيام بدور الوكيل لتوزيع المنتج الأجنبى هى انشطة لاتستطيع أن تستوعب عمالة كثيفة ولا تحقق أرباحاً ذات شأن، تستطيع تمويل احتياجات دولة بالكامل، ولم تأت جماعة الإسلام السياسى بأى جديد للتعامل مع هذه الإشكالية بل لم يرد فى أدبياتهم أى توصيف لهذه الحالة، مما يعنى أنهم لايفهمون الأوضاع الاقتصادية ولا يملكون أى مقاربة لحلها بينما مع الصوت العالى يغطون على عجزهم النظرى.
وفى مصر على سبيل المثال حدث نفس المشهد مشروع يطرحه الإخوان المسلمون باسم مشروع النهضة، وحينما صعد الإخوان إلى السلطة اختفى تماماً شعار الإسلام هو الحل واختفى مشروع النهضة وقال زعيمهم خيرت الشاطر أن هذا المشروع لم يكن إلا أفكاراً عامة مطروحة للنقاش ولم يكن برنامجا سياسيا يلزم تطبيقه وهكذا لم نر من وعود الإخوان إلا الانقطاع المتكرر للكهرباء ونقصاً فى البنزين والسولار دون أى وعد بحل المشكلة من أى سلطة من سلطات الحكم فى زمن الإخوان.
ها هى نفس الأزمة تتكرر فى تونس شعارات ضخمة تتساقط وتتلاشى عند صعود جماعات الإسلام السياسى إلى السلطة، وذلك لأن الاقتصاد هو أنظمة إنتاج وأدوات إنتاج وقوى إنتاج ولا علاقة له بالعقائد الدينية والخلط بينها هو خداع وجرأة على الدين وجرأة على الاقتصاد واعتداء جسيم على حقوق المواطن فى المجتمع، ليس صدفة أذن أن يتضح خواء هذه الجماعات من العقل فى مصر والسودان وأخيرا فى تونس.
حفظ الله الوطن