وبذلك تتوقف نتائج التغيرات المناخية علي كمية الإشعاع الشمسي التي تتعرض لها الأرض حسب موضعها من الشمس، وتتجشه طبيعة الأرض الآن نحو دورة من البرودة

تختلف نتائج الأحداث الجغرافية باختلاف متابعة كوكب الأرض من خارج الغلاف الجوي أو من موطن الإنسان في المعيشة فوق الحيز المعمور، وهنالك كذلك نوعان من التغيرات المناخية التي تشكل حالة سطح الأرض، الأولي طبيعية من ذبذبات كونية والثانية بشرية من طفرات اقتصادية، وتنشأ الأولي من سرمدية الأرض في نظام المجموعة الشمسية وتغيرات حركة دوران كوكبها في محوره البيضاوي حول الشمس، حيث تتأثر طبيعة قشرة الأرض بمعامل الابتعاد أو الاقتراب النسبي عن الشمس فتسكنها عصور جليدية طويلة وأخري دافئة قصيرة، والتي تعكس بقسوة التغيرات البيئية الكبري بمختلف أشكالها في البحر وفوق اليابس.
وتبعد تغيرات تلك الدورات الطبيعية كل البعد عن كابوس هذه التغيرات المناخية المؤرقة لمعيشة الإنسان في الطبقة السفلي من الغلاف الجوي الملاصقة لسطح الأرض، والتي يختلف سمكها في القطبين عن خط الاستواء (ثلاثة عشر كيلومتراً في المتوسط)، وتحدث فيها كافة الظواهر الجوية المتباينة، وتتأثر بأحمال الملوثات الحرارية نتيجة ذلك النمو الأسي في النشاط الاقتصادي لشعوب الأرض. أي تحدث الثانية نتيجة لما يواجه الغلاف الجوي من تلوث حاد يؤثر بدوره في السلوك المناخي ونظامه، وفشل الطبيعة في هضم هذه الملوثات التي تفوق قدرتها علي تنقية ذاتها مما يلوثها، وذلك في ظل نمو اقتصادي همجي في الدول الصناعية الكبري الملوثة للبيئة.
وبذلك تتوقف نتائج التغيرات المناخية علي كمية الإشعاع الشمسي التي تتعرض لها الأرض حسب موضعها من الشمس، وتتجه طبيعة الأرض الآن نحو دورة من البرودة ولكن الاحتباس الحراري الذي يرهبون به الدول الفقيرة يقوم بالتخفيف من قسوتها وتأجيل طغيانها.
وقد تصدت وكالة الاستخبارات الأمريكية منذ السبعينيات من القرن العشرين لبعض القضايا العلمية بنظرة السياسة الخارجية ومقتضيات الأمن القومي، ومنها تقلبات المناخ العالمي، وتحليل مستقبلي للغذاء والآثار السياسية في ضوء النمو السكاني والتغيرات المناخية المتوقعة، وهكذا تبنت مدينة هوليود إنتاج أفلام كوارث الخيال العلمي، لتكريس مخاوف أمريكا من تغيرات المناخ ونشوب التوترات البيئية والترويج لاحتمالية تعرض أراضيها للهجوم العسكري. وبذلك نشرت التخويف من هذه الآثار المدمرة لظاهرة الاحتباس الحراري نتيجة طغيان الحضور البشري واستهلاكاته المروعة من الوقود العضوي، علي خلفية ذلك الأثر الواسع للتغير المناخي الحالي وتوقع حدوث موجات من الجفاف والفيضانات الكاسحة والعواصف الشديدة والصقيع وأنواء الثلج.
ولا شك في تفاقم الفجوة الاقتصادية بين الدول الغنية والأخري الفقيرة، وما تسببه الدول الكبري من آثار بيئية رهيبة في مشروعات صناعية عملاقة وتجارب نووية ومناورات أسلحة الدمار الشامل، وأبحاث عسكرية للتحكم في الظواهر الجوية والبيئة، علاوة علي الكوارث البشرية ومنها كارثة مفاعل فوكوشيما علي أثر زلزال مدمر في اليابان (2011)، وعدم قدرة التكنولوجيات العالمية المتاحة علي مواجهة أشكال غضب الطبيعة واسعة المساحة والانتشار الجغرافي.
وها هي قمة المؤتمر الحادي والعشرين للأطراف الموقعة علي اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ المنعقدة في باريس (2015)، في فنتازيا إسقاط مسئولية الدول الصناعية الكبري تجاه التغير المناخي، والتوحش في فرض القيود البيئية علي المشروعات التنموية في الدول الفقيرة، من باب تحقيق ذلك الخفض المنشود في الانبعاثات المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض، والالتفاف في عدم الوفاء بمليارات الدولارات المطلوبة من أجل دعم صندوق المناخ الأخضر الدائم حتي عام (2020)، ناهيك عن شبهة التواطؤ السياسي بما يخدم مصالح الدول الصناعية في خلال غسل أموال البيئة، وذلك في قمة صارخة تكرس العدالة البيئية أحادية البعد وتكشف عن زيف الرأسمالية وأحدث وسائلها البشعة باستخدام الإرهاب البيئي.