يموت الشخص وتظل صفحته على قيد الحياة.. أهلا بك فى عالم الخلود الإلكترونى!

أين تذهب حساباتنا على السوشيال ميديا بعد الموت؟
أين تذهب حساباتنا على السوشيال ميديا بعد الموت؟

خبير أمن معلومات: ثلاث حالات تدفع المنصات لغلق الحسابات

شغل الخلود الفراعنة منذ آلاف السنين، ما جعلهم يبتكرون فكرة الكتابة على الجدران (أول فيسبوك فى التاريخ)، يدونون عليها كل ما يحدث معهم، فى الوقت الذى كانت فيه المقابر بمثابة صفحات شخصية يترك عليها المصرى القديم ما يريد أن يخبر به الأجيال القادمة عن نفسه بتدوينات مصحوبة بصور عادية، وثلاثية الأبعاد، ليبقى حيا «إلى الأبد».


«إلى الأبد».. تلك العبارة (المصرية) الساحرة انتقلت من جيل إلى آخر، وعبرت حواجز الزمن، و توارثتها الحضارات، وأحبها العالم، حتى إذا جاء مارك زوكربيرج واخترع الفيسبوك، اهتم بتحصينه ضد الموت، وهو يدفع به إلى عالم الخلود، لببقى «إلى الأبد».
يموت الشخص ولكن صفحته تظل على قيد الحياة، شاهدة على وجوده، وتفاعلاته، وتأملاته، وضحكاته، وكأنها وثيقة بقاء متجددة الصلاحية فى الفضاء الإلكتروني، فى مقابل شهادة الوفاة التى يتم استخراجها فى الواقع!


«كلما اشتقت لأبي، أفتح صفحته وأقلب فى صوره وأقرأ «بوستاته»، وأشاهد مقاطع الفيديو التى تجمعه بنا وبأصدقائه»، إنها بسمة سمير (طالبة)، تحكى عن علاقتها بوالدها الذى مات وترك لها حسابه الشخصى لتلجأ إليه كلما داهمها الحنين، وتقول: البعض نصحنى بإغلاق الصفحة، ولكنى رفضت، أحببت أن تكون موجودة أمامى دائما، إنها جزء منه، من تاريخه الشخصي، فيها مشاهد من حياته، وتحتوى على صوره، وكلماته، وحواراته مع الأصدقاء.


ويحكى عادل عبد الحليم «محاسب» عن صديق فقده منذ عامين ، إلا أن صفحته الشخصية لا تزال موجودة، وكلما جاءت ذكرى عيد ميلاده ، فإن الأصدقاء يحتفلون به، وكأنه على قيد الحياة ؛وأضاف: «ندرك أنه مات، إلا أن رسائلنا لابد أنها تصله فى العالم الآخر، أكاد أحس بسعادته حين نتذكره، ونتعامل معه على أنه يعيش بيننا، إننى أشكر الفيسبوك الذى يحارب نسيان الأصدقاء، ويدعم قيمة الوفاء بينهم حتى بعد الموت.


وفى المقابل تقول راندا محمود «حاصلة على بكالوريوس هندسة» إنها قامت بحذف الصفحة الشخصية لشقيقتها بعد وفاتها بشهر واحد، حين وجدت تعليقات غير مناسبة على صورها، من غرباء لا تعرفهم، ما جعلها تشعر بالغضب الشديد، بعد أن تم تنشيط الصور، وانهالت التعليقات من جديد، فى الوقت الذى كانت الأسرة تعيش حالة من الحزن، ما جعلها تتقدم بطلب لغلق الحساب، وهو ما تم بالفعل.


ولكن كيف يتم إغلاق حساب الشخص بعد وفاته؟
يقول المهندس وليد حجاج خبير أمن المعلومات إن بعض الحسابات الشخصية مزودة بخاصية معينة، حيث يسألك الفيسبوك عن الشخص الذى تريد أن يرث حسابك ، وبالتالى فإنك تستطيع أن تتركه لمن تريد لإدارته بعد وفاتك، سواء كان من أقربائك أو من دائرة الأصدقاء.


وأردف: إن تلك الخاصية من إدارة الفيسبوك بمثابة توكيل منك لمن تثق فيه، وتأتمنه على أسرارك، ليدير حسابك بعد وفاتك، ولا سيما أن هناك حسابات للمشاهير وتدر عائدا ماديا كبيرا، وبالتالى فهناك من يقوم بعمل توكيل لشخص معين لإدارة حسابه بعد وفاته.
وأحصى حجاج ثلاثة أسباب تدفع المنصات الإجتماعية لغلق الحساب فورا، اولها تقديم شهادة وفاة صاحب الحساب، ويمكن لأى شخص أن يقدمها، وثانيا، أن تكون الصفحة لطفل لا يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، وتقديم شهادة ميلاده لإنهاء حسابه، حتى لا يتسبب فى ضرر لنفسه، وأخيرا المريض النفسى الذى وصل إلى حالة من الجنون، ويتم ذلك أيضا عن طريق شهادة تؤكد المرض، وتفيد بأنه فاقد الأهلية، وبالتالى فمن الممكن أن يتسبب فى كوارث مع الأصدقاء، ويتطاول عليهم، إذا استمر فى إدارة حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي.
عبد الصبور بدر