أحدث أعمال الفنان إسلام عبادة

منحوتات تستلهم حكاية «الثيران الثلاثة»

الفنان اسلام عبادة
الفنان اسلام عبادة

كتب: فاطمة على

حكايات "كليلة ودمنة" للفيلسوف الهندى "بيدبا" ترجمها ابن المقفع لنقرأ تلك الحكايات التى تحمل الحكمة على ألسنة الحيوان منذ مئات السنين، واليوم لا نقرأها بل نعيشها فى واقعنا.. واقع لا وعى الغافلين كما فى مدلول إحدى حكاياها الشهيرة "الثيران الثلاثة" المعروفة بدلالة مقولتها الشهيرة "أَكلت يوم أَكل الثور الأبيض"، والتى قُدمت فى أعمال فنية نحتية، آخرها عمل لنحات مصري.

العمل الجديد شارك به الفنان إسلام عبادة مؤخراً فى عرض دار «أرت فير» بالعاصمة الأردنية عمَّان، الذى شارك فيه 160 فناناً ومقتنيات 12 جاليري.


وقد سبق عبادة فنانون آخرون إلى تقديم حكاية «الثيران الثلاثة»، منهم الفنان الراحل باسم فاضل، الذى قدّم الحكاية بنحت الريليف البارز والغائر بدرامية المـــــواجهـــــة والافــــتراس وليـس مجرد تقديم ثيران كل منها قائم بنفسه على انفراد فى العرض، مثلما قدّم عبادة مشاركته.
أما المشاركة الحالية لإسلام عبادة بتماثيل نحتية صغيرة الحجم منفصلة لثيران ثلاثة فتمثل عناصر الحكاية الشهيرة للثيران كل على حدة، وليست فى حالة من الافتراس كما فى الحكاية القديمة.
حكمة متأخرة
فى «الثيران الثلاثة» عبارة شهيرة هى «أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض»، جاءت على لسان الثور «الأسود» فى نهاية الحكاية داخل غابة وعلى لسان الحيوان.
الثيران الثلاثة قوية بألوان الأحمر والأسود والأبيض، كانت تعيش فى غابة، وكان أيضاً بالغابة اثنان من حيوان ابن آوى والأسد، واشتهت نفس ابن آوى لافتراسها لكنه خشى مواجهتها فاهتدى إلى حيلة للتفريق بينها ليتمكن من الانفراد بكل ثور منها على حدة، فقال للثورين الأحمر والأسود إن الثور الأبيض لونه ناصع ويعرضهم لخطر هجوم الصيادين لسهولة رؤيته ليلاً، واقترح عليهما القضاء على الثور الأبيض، فاستحسن الثوران الأحمر والأسود هذا الاقتراح، وتركاه يفترس شقيقهما الأبيض.
وبعد فترة اتجه ابن آوى إلى الثور الأسود، وقال له إن الثور الأحمر يأكل كثيراً وأنه يخشى ألا يجدا ما يأكلانه بعد ذلك، واقترح عليه أن يقضى على الثور الأحمر، فوافقه فاستفرد ابن آوى بالثور الأحمر وافترسه.
ومضت الأيام بابن آوى والثور الأسود فى الغابة إلى أن انفرد  الأول بالثاني، وقد عضه الجوع، وقبل أن يفاتح الثور برغبته فى التهامه، قال الثور الأسود فى تأسٍ وحسرة، وقد أدرك عاقبة سوء خيانته لأشقائه: «لقد أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض».
الفنان إسلام عبادة قدَّم ثيرانه المصقولة فى معالجة تجريدية أصبحت هى المعالجة المعاصرة السائدة لكثير من الفنانين بالانسيابية الجمالية الأخاذة لجسد الثور مع تضخيم مناطق الظهر وحول الرقبة وتنحيف باقى الجسد لينتهى إلى أطرافه فى مناطق دقيقة رفيعة فى حسيّة بصرية ميّزت معالجات الفنان للعديد من الحيوانات التى أنجزها فى عرضه الأسبق بتجريدية، وأحيانا بتجريد يقترب من الرمزى متميزاً ومنفرداً برؤية خاصة تميزه عن كثير ممن يتناولون جسد الحيوان فى منحوتاتهم،  لأن عبادة يهتم فى معالجاته بالحذف والإضافة كى يؤكد شخصية الحيوان وليس فقط جسده، فأضفى بمعالجاته كثيراً من البراءة والفطرة والرهافة، أضفت جمالية روحية ودلالة جمالية راقية  لعناصره الحيوانية، كما فى ثيرانه الأخيرة التى تلاقت فى مفارقة التضاد مع المفهوم المعقد للحكاية. 
المصدر: مجلة آخر ساعه