كنت أتخيل أن السيد وزير الثقافة المحترم يدعو إلي تطبيق القانون باعتباره وزيرا للثقافة ومسئولا بالحكومة ويحمي المثقفين من عثرات ألسنتهم، ويدعو إلي الحفاظ علي قيم المجتمع والترابط الفكري الذي يجمع ولا يفرق ويحافظ علي الوحدة الوطنية بالحفاظ علي ثوابت الأديان وعدم التعرض للشعائر والرموز بفكر وألفاظ غير لائقة، ويعلّم هؤلاء الذين يدّعون حرية الفكر: أن الحرية لا تعني عدم الإلتزام بالمنهج العلمي في الطرح، ولا تعني عدم الإلتزام بثوابت الدين، ولكن ما نراه من الوزير من دفاع مستميت عن هؤلاء الذين حكم عليهم القضاء وتعليقاته علي ذلك ناسيا سيادته أنه هو الوزير في الحكومة، بالإضافة إلي ظهوره في الإعلام كضيف دائم يعلن نصرته لمن يدّعون أنهم رجال فكر حر، بل ويتقابل مع السيد وزير العدل ( كما نشرت إحدي الصحف بتاريخ 29-1- 2016م ليبشر المصريين قائلا: ( اتفقت مع وزير العدل بإلغاء قانون ازدراء الأديان لأنه مسئ للإسلام ). فإن هذا كله يؤكد علي أن الوزير يتعامل بإيديولوجية خاصة والتي عبر عنها كثيرا قبيل الوزارة، ويقدمها علي أنها أيديولوجية الوطن، ولا يتعامل في هذه المسائل باعتباره وزيرا مسئولا (وهو حر فيما يحمل من هوية فكرية ).. ولكن هذا لا يلتقي والمسئولية التي هي مناطة بالوزير - من وجهة نظري - إن سمح لنا بأن نعبر عن وجهتنا - فمصر ليست علمانية كما يظن البعض !، فهذا غير صحيح بنصوص الدستور، ثم إن سيادته والسيد وزير العدل لا يملكان تنفيذ الإتفاق علي تغيير القانون، أو حذفه فهذا من اختصاص المجلس التشريعي، فكيف يظهر ويقول (اتفقنا علي التغيير) !. ثم هل يضمن سيادته أن الفتنة لا تقع في البلاد إذا ألغي القانون، وأنه من حق كل إنسان أن يكتب ويعبر عن رأيه كما يشاء في أي شيء شاء وبأي طريقة يراها حتي وإن لم يرتضها المجتمع، لو أن السيد الوزير ضمن ذلك، وتعهد بأنه لا يمكن أن يتعدي أحد من الغلاة في أي مذهب أو دين علي القيم الثابتة في المجتمع، وعلي شعائر المسيحيين والمسلمين فنحن معه أول المصفقين والشاكرين ، لكن أن يُرفع القانون وتترك الثوابت يتسلق عليها كل من هب ودب باسم حرية الفكر والتعبير، ويخرج علينا أصحاب العاهات الفكرية، أو عبقري منهم : ليفكر في العقائد، ويدلي بآراء صادمة، وتعبيرات تثير النفوس: فهذا ما لا يليق أبدا في أي دولة تعرف قيمها، وثوابتها، ومشاعر أبنائها، بل إن هؤلاء الذين يصطّرخون من هذا القانون هذه الأيام ويدّعون أن مصر وحدها في العالم هي التي ابتدعت ازدراء الأديان، وأنها لا تتقدم إلا بإلغائه !.. هؤلاء لا يقولون الحقيقة، ويدلّسون علي المجتمع لكي يصدقهم، فالدول العربية بجوارنا فيها مثل هذا، ومنها : السعودية والأردن والسودان والإمارات وغيرها..... بل في بلاد غير عربية مثل: السويد والهند والصين وبلغاريا وإيطاليا وفرنسا وغيرها وهي دول ذات مذاهب وأديان وملل مختلفة، ومع ذلك لم نر وزيرا يلتقي بوزير في هذه الدول ليتفق معه علي إلغاء هذا التشريع !!، فلماذا في بلادنا فقط يلتقي وزراؤنا ليناقشوا أمورا ليست من اختصاصاتهم. ؟ ولماذا لم يهتم وزير الثقافة بمنتج وزارته من ثقافات يمكن أن تبني البلاد وتقوّم الفكر، وتدعو للحمة الوطنية، وتضرب علي يد المتطاولين فكريا علي رموزنا وثوابت أدياننا ويقول لهم : ( اختشوا - عيب ) فنحن في مصر بلد الإسلام والمسيحية واليهودية، وأكثرية أنبياء الله تعالي شربوا من نيلها وعاشوا علي أرضها، وعلموا القيم والأخلاقيات الراقية لأهلها، ووصي بأهلها خيرا : خاتم المرسلين - صلي الله عليه وسلم -.... لذا نُحمّل كل من يطالب ويقف وراء دعوة إلغاء القانون هذا المسئولية عن الفتن التي يمكن أن تظهر علي الساحة المصرية نتيجة هذا الإلغاء المطلوب من حفنة لا تراعي ذلك، ونقول للجميع - نصيحة من القلب : (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب ) اللهم هل بلغت اللهم فأشهد.