هيا فرج الله
بدأت الأحد الماضي، أولى ليالي العرض المسرحي “الكلاب - “Dogs، وهو مشروع تخرج الدفعة الثانية من دفعات “أبدأ حلمك”، تحت إشراف وزارة الثقافة، وبرعاية د. إيناس عبد الدايم، العرض صادم للجمهور، حيث لا يظهر الممثلين بوجوههم، بل يرتدون ملابس مصممة ليكونوا أشبه بالكلاب!.. كما يتحركون على المسرح مثل الكلاب – أي يتحركون سيرا بأيديهم وأرجلهم معا – هذا الأمر قد يفاجأ الجميع، كما فاجأ أعضاء الورشة في البداية، لكن في السطور التالية سنتعرف على أسباب تقديم ممثلين جدد لعرض لا يظهرون فيه بوجوههم، بل يتحركون فيه على طريقة الكلاب.
يبدأ كمال عطية – مخرج العرض – الحديث عن المسرحية قائلا: “في بداية التدريبات في ورشة (أبدأ حلمك)، وتحديدا قبل أزمة (كورونا)، أنتشر على مواقع التواصل الإجتماعي دعوات لحماية كلاب الشوارع، خاصة بعد حملات القتل والتعذيب لها، وأنتشرت مناشدات تطالب بالإهتمام بها هذه الكائنات المسكينة، بل الإهتمام بحقوق الحيوان بشكل عام، ومن هنا بدأت أفكر في تقديم عرض مسرحي يتحدث عن الكلاب، بل نعبر عنهم بطريقتهم، أي يجسد الممثلين دور كلاب للحديث بصوتهم، بعدها عرضت على الطلاب فكرة المسرحية، وفي البداية أستغربوا ولم يستوعبوا ما قلته، ولم يكونوا متحمسين، خاصة أنه عرضهم الأول وكل ممثل منهم يسعى لإثبات نفسه بوجوهه على المسرح، بينما المسرحية لا يظهر فيها وجوه الممثلين، لأنهم يرتدون ماسكات بوجوه كلاب، وملابس ضيقة تشبه أجساد الكلاب، لكن بعد أن شرحت لهم العرض بشكل أكثر عمقا بدأوا في التحمس للفكرة، بعدها تحدثت مع المؤلف محمود جمال الحديني، وطلبت منه كتابتها، وكانت فكرتنا هي تقديم عرض غنائي إستعراضي، خاصة أن مسارح (برودواي) تقدم عروض مشابهة، لكن لم يكن هدفنا التقليد، بل تقديم عرض مختلف خاصة أننا لدينا إمكانيات جيدة، كما لدينا فريق عمل متحمس ومدرب جيدا، لذلك طلبت من الحديني أن يكتب أغنيات العرض أيضا، حتى تكون الأغنيات جزء من العرض، وليس مجرد إستعراض دخيل، فمثلا مع بداية العرض نرى إستعراض وأغنية مدتها 7 دقائق تعرض حياة الكلاب دون حوار، ونفس الأمر يتكرر في النهاية، وقام بتلحين الأغنيات الأستاذ محمد حسني، وهو نفسه من درب الممثلين أثناء الورشة على الغناء، بينما قام بتصميم الإستعراضات ودربهم عليها، الأستاذ ضياء شفيق، وقامت أميرة صابر بتصميم الملابس، وتطلب منها الأمر معرفة البنية التشريحية للكلاب، وحركتها في كل موقف، وتصرفاتها، كل ذلك تطلب ميزانية كبيرة، وهو ما وفرته لنا الوزارة”.
دابل كاست
ويضيف كمال: “أثناء التحضيرات كنت سأقدم العرض إعتمادا على فكرة (دابل كاست)، أي أن يظهر كل يوم ممثلين خلاف من ظهروا في اليوم السابق، لكن هذا الأمر كان مكلف، لأنه كان لابد من تجهيز ملابس مختلفة لكل الممثلين، وعددهم أكثر من 50 ممثل، لذلك أستبدلت الفكرة بأن أثبت بعض الممثلين ليقدموا 3 أو 4 أدوار بالتبادل، وهذا أتاح الفرصة للتنوع والتناوب والتدريب بشكل أكبر، ورغم أن العمل توقف بسبب (كورونا) لكن هذا كان في صالح العمل وليس ضده، لأنه أتاح فرصة أكبر للتدريب وتطوير الأداء، وبعد العديد من التأجيلات، عرضنا لمدة 3 أيام على خشبة مسرح (الجمهورية)، أيام 13 و14 و15 من شهر يونية، وكانت ردود الأفعال أفضل من المتوقع، وكل هذا بمجهود الممثلين، لأنهم محبين للعمل، وأنا سعيد بهذه التجربة”.
للكبار فقط
أما مؤلف العرض، محمود جمال الحديني، فيقول: “أخبرني كمال عطية بفكرة العرض، ومن وقتها بدأت في كتابته، وتطلب مني الأمر متابعة الكلاب في الشوارع، ومراقبة تصرفاتهم، والتحليل الدقيق لكل تفاصيلهم، وصعوبة الأمر أنني سأقوم بالتعبير عن كل موقف في حدود طريقة تعامل الكلاب معها، لهذا كنت حريص على أن أفرق بين أنواع الكلاب وطريقة معيشتهم، فالكلب الذي تربى في البيت مختلف تماما عن الذي يعيش في الشارع، وبسبب تلك التفاصيل أستغرق كتابة النص شهرين، وبما أن الفكرة جاءت لعطية من خلال (بوستات) على مواقع التواصل الإجتماعي، للك فالسوشيال ميديا لها دور كبير في هذا العرض بالتحديد، ليس فقط لأن الفكرة مستوحاة من كتابات بها، لكن أيضا لأنها ساعدتنا في الدعاية للعمل، كما أنني أعرف منها رد فعل الجمهور وتعليقاته على العرض، لذلك فالعرض جزء من نجاحه هي السوشيال ميديا، بل كانت جزء من نجاح الكثير من العروض المسرحية مؤخرا، لكن يجب أن يفهم الجمهور أن العرض ليس للأطفال، فليس معنى أن الممثلين يرتدون ملابس كلاب أننا نقدم عروض تشبه عروض العرائس، ففكرة العرض عميقة وصعبة للأطفال، وبها أبعاد فلسفية”.
أجواء صعبة
معتز السبع - أحد أبطال العرض – يقول عن بداية مشاركته في العمل: “البداية كانت منذ عامين، عندما شاركت في ورشة (أبدأ حلمك)، بعدها تم عرض فكرة المسرحية علينا، وفي البداية لم يكن الأمر واضح، لكن تدربنا على كل شيء يخص التمثيل المسرحي، لم حينما عرفنا بفكرة العرض كان هناك بعض المشاركين غير متحمسين للمشاركة دون إظهار الوجوه، لكن بمجرد دخول أجواء البروفات والعرض بعد ذلك زاد حماسنا، لكن العرض مرهق بالفعل، خاصة أننا نقلد الكلاب، ونسير مثلهم، كما أن الملابس صعبة وضيقة للغاية، ونشعر فيها بالحر، لكننا مع مرور الوقت إعتادنا الأمر”.
بدون وجوه
يقول محمد موسى – أحد أبطال العرض -: “أعمل في مجال الإعلانات منذ 10 سنوات، وكان هدفي من المشاركة في الورشة هو التعلم أكثر من الحصول على فرص أكثر، لذلك عندما تم عرض فكرة العرض، وأننا كممثلين لن نظهر بوجوهنا، لم أغضب منها، بل رأيت الحماس في وجوه كل المشاركين، حتى كواليس العمل كانت مرحة، بالرغم من الإجهاد الذي تعرضنا له، وأنا سعيد بردود الأفعال عن الأيام الأولى من العرض على مسرح (الجمهورية)”.
مجهود مضاعف
في الختام يقول مينا منير – أحد أبطال العرض - أنه سعيد بردود الأفعال على العرض، خاصة اليوم الذي حضرت فيه وزيرة الثقافة د. إيناس عبد الدايم، حيث كان المجهود مضاعف في هذا اليوم لأنها فنانة.