100 ألف طن حجم الإنتاج بقيمة مليارى جنيه

«المانجو» تهز عرش تمــور أســـوان

فاكهة "المانجو"
فاكهة "المانجو"

أسوان: مصطفى وحيش

أصبحت فاكهة "المانجو" من المحاصيل الرئيسية التى يجرى زراعتها فى أسوان، حتى أنها بدأت تهدِّد عرش التمور التى تصدرت قائمة المحاصيل الاقتصادية فى المحافظة الجنوبية لعقود طويلة، بعد أن زاد حجم إنتاج المانجو إلى 100 ألف طن سنوياً، وتثمر أشجارها فى أسوان مبكراً وقبل أى محافظة أخرى بشهر ونصف الشهر بسبب ارتفاع حرارة الجو.

تنتشر زراعة المانجو فى جميع قرى محافظة أسوان، إلا أنها تزرع بشكل اقتصادى فى مركز إدفو بقرية "الرمادي"، التى تعدّ المركز الرئيسى لزراعة هذه الفاكهة، وتليها قرية "فارس" بمركز "كوم أمبو" وقرية "المنصورية" فى "دراو"، كما تُزرع فى مركز ومدينة أسوان بقرى "غرب أسوان" و"الكوبانية" و"بهاء الريف" و"الشلال" و"أبوالريش".

عمدة قرية "فارس"، محمد أبوالقاسم، قال لـ"آخرساعة"، إنه يتم زراعة أكثر من ثلاثة آلاف فدان بالمانجو فى القرية، معظمها من الأصناف القديمة مثل الزبدة والسكرى والتيمور والسنارة والعويسى وخد الجميل والجلك والصديقة، بالإضافة إلى أصناف جديدة يجرى تصديرها إلى الخارج، ولا تباع بالسوق المحلية لارتفاع سعرها مثل الأيتي، والياسمين، والتومي.

وأوضح أن إنتاجية الفدان من جميع الأصناف تتراوح بين 12 و20 طناً، طبقاً لمستوى خدمة ورعاية الأشجار وتسميدها، لافتاً إلى أن جنى الثمار يتم عادة فى بداية شهر يونيو، وأحيانا نظراً لارتفاع درجة حرارة الطقس يجرى قطف الثمار فى شهر مايو.

وقال إن زراعة أشجار المانجو تتم من خلال شتلات الأشجار، والشتلة الكبيرة على سبيل المثال تطرح ثمارها بعد عامين، وتكون كميات الثمار اقتصادية بدءاً من العام الثالث، موضحاً أن أشجار المانجو تعطى ثمارها مرة واحدة فى العام خلال شهرى مايو أو يونيو، إلا أن هناك سلالات جديدة من الأشجار تثمر مرتين سنوياً خلال فصل الشتاء.

ويناشد عمدة القرية، مديرية الزراعة والإرشاد الزراعي، لرعاية مزارعى المانجو وتوجيه النصح والإرشاد لهم، مؤكداً غيابهم تماما عن عملية الزراعة، لافتاً إلى أن المزارعين يضطرون للاستعانة بمهندسين مقابل أجر، ما يزيد من تكلفة الزراعة، بالتالى رفع سعر المحصول. وطالب بتخصيص جهاز لمتابعة ودعم زراعة المانجو فى أسوان بعد أن أصبحت المحصول الاستراتيجى الأول بالمحافظة، الذى أزاح التمور عن المركز الأول على مستوى المحاصيل الاستراتيجية فى أسوان، كما طالب بتوفير محطات رى ثابتة لزراعة أشجار المانجو.

ومع استشعار المزارعين الظلم لعدم القدرة على التسويق الجيد وبيع المحصول للتجار بأسعار تتراوح بين 5 و8 جنيهات للكيلو، طبقاً لأنواع المانجو، بينما يباع للمستهلك بأسعار مضاعفة، فقد لجأ كبار المزارعين فى عام 2019 إلى جمعية المستثمرين بأسوان، وقال محمد عبدربه، نائب رئيسها، إنه تم التواصل بين الجمعية والوكالة الألمانية للتعاون الدولى (GIZ) لدعم ومساعدة مزارعى المانجو بمركز إدفو، مشيراً إلى أنه تم تقديم الدعم الفنى والمعلوماتى عن طريق فرع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى بأسوان، وتدريب أصحاب مزارع المانجو بإجمالى 48 مزارعاً لمدة ثلاثة أسابيع على أساليب تسويق محصول المانجو والعناية بأشجاره، وأعقب ذلك إقامة أول مهرجان للمانجو بمدينة أسوان.

وأوضح نائب رئيس الجمعية، أن الهدف من تنظيم مهرجان المانجو هو تعريف السوق بأسبقية محافظة أسوان فى إنتاج محصول المانجو على مستوى الجمهورية، بهدف إنشاء منصة إلكترونية باسم "مانجو الجنوب" لمساعدة مزارعى المانجو على مستوى المحافظة للبيع مباشرة للعملاء المختلفين سواء داخل أسوان أو خارجها من دون احتكار أسعار المحصول من قبل تجَّار من خارج أسوان.

من جانبه، أوضح الدكتور حسن أمين الشقطي، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة فى جامعة أسوان، أن حجم المساحات المنزرعة بالمانجو فى أدفو يصل إلى 30 ألف فدان، موزعة على نواحى أدفو الأربعة، لكنها تتركز فى منطقة الرمادي، ونظراً لشعوره بحجم المشكلات التى يواجهها مزارعو المانجو فى تسويق المحصول، تم تنظيم زيارة لوفد من مزارعى المانجو لكل من مديرية الزراعة وجمعية المستثمرين والغرفة التجارية بأسوان، وبادرت جمعية المستثمرين بتنظيم لقاء مع هيئة التعاون الألماني، واللتان نظمتا معاً بالتعاون مع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا بأسوان، البرنامج التدريبى لمزارعى المانجو، لتأهيلهم للتعامل مع زراعة المانجو بشكل متخصص وتحسين قدراتهم التسويقية.. وتابع الشقطي: مهرجان المانجو هو تجربة جديدة الهدف منها عرض أصناف من المانجو غير معروفة محلياً ولا دوليا كجودة وكفاءة، ومن المعروف أن مانجو أسوان تروى بالماء العذب، كما أن المهرجان يعد رسالة للتأكيد على أن المزارع قادر على فرز وتعبئة المحصول وتصديره، مؤكداً أن محافظة أسوان تعتبر الأولى فى إنتاج محصول المانجو على مستوى الجمهورية، حيث تنتج ما يزيد على 100 ألف طن مانجو، وتصل قيمتها السوقية إلى نحو مليارى جنيه، ويمكنها أن توفر حوالى ألفى مشروع فردى للشباب ما بين التجميع والفرز والتوزيع والنقل والبيع. 

من جانبها، أكدت الدكتورة غادة أبوزيد، نائبة محافظ أسوان، أن مهرجان المانجو أسفر عن صفقات تجارية تمثل طلباً دائماً لتوريد كميات كبيرة من أنواع معينة من المانجو، أبرزها طلب من إحدى شركات الصناعات الغذائية، لافتة إلى أنه تم تنظيم حلقة نقاشية مع المزارعين للتعرف على الصعوبات والمعوقات التى تواجههم، وجرى طرح عدة اقتراحات، أهمها إنشاء رابطة لمنتجى المانجو، بجانب منصة تسويق إلكترونية دائمة تسهِّل عليهم التواصل مع المصنعين والمصدرين.

وكشفت أبوزيد أن الهدف الاقتصادى من المهرجان هو تبنى مشروع قومى لزيادة المساحة المنزرعة بالمانجو بأسوان لتصل إلى 70 ألف فدان، بحيث يصل حجم الإنتاج إلى 600 ألف طن سنوياً وبما يحقق الوصول إلى 50 مليون شجرة مانجو بأسوان من خلال طرح هذه المزارع المتخصصة بشتلات لأصناف خاصة مستهدفة بالتصدير، مؤكدة أهمية ربط هذا الهدف الاستراتيجى بإقامة مدينة لوجستية للمانجو تتولى خدمات الفرز والتعبئة والتغليف والتخزين والتبريد والتسخين، فضلاً عن إقامة وحدات لرفع القيمة المضافة من الأصناف الأقل جودة بحيث تخلق سلسلة متكاملة من الإنتاج إلى التصدير.. فيما أكد الدكتور عطا الله حشاد، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا - فرع جنوب الوادي، أن الأكاديمية نفّذت منصة إلكترونية بشكل علمى تحت اسم "مانجو الجنوب" وشعارها "خلى الأكل عليك والحلو علينا"، تهدف إلى تغيير طريقة تداول الحاصلات الزراعية فى مصر، حيث يلتقى فيها منتج المانجو والتاجر والمستهلك مع ضمان جودة المنتجات المقدمة بهدف مساعدة الجميع للوصول إلى أسعار عادلة لكل طرف، مشيراً إلى أن المنصة الإلكترونية تقدِّم خدمة التوصيل إلى المنازل مجاناً.