الأزهر للفتوى: فقه الزواج فى الإسلام متكامل ويراعى حقوق الجميع

جانب من أعمال مركز الأزهر العالمى للفتوى
جانب من أعمال مركز الأزهر العالمى للفتوى

صحح مركز الأزهر للفتوى بعض المفاهيم الخاطئة حول قول سيدِنا رسولِ الله : "إِذَا بَاتَتِ المَرْأَةُ، هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا المَلَائِكَةُ حتَّى تُصْبِحَ"، وفى رواية: "حتَّى تَرْجِعَ"، مؤكدا أنه لا دلالةَ فى الحديث الشريف على جواز إيذاءِ الزوجة؛ جسديًّا أو نفسيًّا، أو إغفال تضرُّرها من فُحشِ أخلاقِ الزوجِ أو سوء عِشرته. ويشدد على أن علاقةُ الزواج علاقةٌ روحيّةٌ وإنسانيّةٌ قوامُها الدين، والرحمةُ، والاحترامُ المتبادل، وحفظُ الأمانات، ومراعاةُ الخصوصية.

 حتى حين البحث عن حلول للمشكلات، والزواج الشرعى مُكتمِلُ الشروط والأركان لا تُناسبُه أوصافُ الجرائم والانحرافات ، وأن الحقوقُ الزوجيةُ مرتبطةٌ ومتشابكةٌ ومرتبةٌ على بعضها، وحديثُ سيدنا رسولِ الله  المذكور موجّهٌ للحياة الزوجية المستقرة التى لا يُفرّط فيها أحدُ الزوجين فى حقوق صاحبه ويشير إلى أن قصر فهمِ مسألةٍ متعددةِ الأوجهِ والأحوالِ على نصٍّ واحدٍ، وإسقاطه على جميع حالاتها غيرِ المتشابهة؛ منهجُ فهمٍ خاطئٌ مُخالفٌ لقواعدِ العلمِ الصحيحةِ، وأنه حين رغّب الحديثُ الشريفُ الزوجةَ فى رعاية حقِّ زوجِها عليها؛ أَمَرَتْ أدلةٌ أخرى الزوجَ بحسنِ عشرةِ زوجته، منها قولُه سبحانه: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ".

وقوله : "استوصُوا بالنِّساءِ خيرًا". ويؤكد أن يَنهى الشرعُ الشريفُ أن يُفرِّط أحدُ الزوجين فى الحقِّ الإنسانى لصاحبه أو فى علاقتهما الخاصة، والذى يحصلُ به مقصودُ الزواج من المودةِ والرحمةِ والإعفافِ وإعمارِ الأرض.

وشدد على أن الشرع ينهى عن إلحاقِ أحدِ الزوجين الضررَ بصاحبه، سواء أكان الضررُ حِسِّيًّا أم معنويًّا، لقوله : "لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ"،وأنه كما حرَّم الشرعُ امتناعَ الزوجة عن زوجها بغير عُذرٍ؛ حرَّم على الزوج الامتناعَ عن زوجته بغير عذرٍ كذلك، وأوجب عليه إعفافَها بقدر حاجتها واستطاعته، وإذا وصلت الحياة بين الزوجين لطريق مغلق، واستحالت العِشرة؛ لا ينبغى أن يُفرِّط أحدهما فى حقوق صاحبه، بل عليهما إعمال قول الله سبحانه: "فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا" وقوله سبحانه: "فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ"..

وأشار إلى أنه عند جمعِ النصوص والأحكام الشرعية المتعلقة بالزواج فى الإسلام؛ نرى صورةً كاملةً من تشريعات حكيمة، قرّرت حقوقَ كل طرف، وحقوقَ صاحبِه عليه، وواجباتِه، وواجباتِ صاحبِه تجاهَه، فى فقهٍ مَرنٍ ومُتكامل، يزيل الضَّرر، ويجعل لكلِّ حالةٍ حُكمًا يُناسبها، ولا يكون ذلك إلا بجمع الأدلة الواردة فى المسألة الواحدة، وباعتبار مُقرَّراتِ الدين وضوابطِه ومقاصدِه من قِبل أهل الفُتيا والاختصاص.