من باب العتب

فضيحة الهروب من الحياة..!

محمود عطية
محمود عطية

لا أحد يلتفت ولا أحد يهتم والأرقام مفجعة والمقارنات مخجلة..فنظرة متأنية لما صدر عن معدلات القراءة فى وطننا العربى من خلال تقرير أخير لمنظمة اليونسكو مشاع على الفضاء a..كفيل بإشاعة اليأس بانسداد المستقبل والحزن على الحاضر الثقافى وعلى وعى وتحضر الإنسان العربى واستمتاعه بالمعرفة والحياة كبقية خلق الله..!
التقرير يؤكد أن الفجوة عميقة بيننا وبين العالم المتقدم وحتى بينا وبين الكيان الإسرائيلى المتربص بنا.. فبينما يقرأ الفرد الإسرائيلى 40كتابا فى السنة نجد أن 80 فردا عربيا يقرأون كتابا واحدا فى السنة وان معدل قراءة العربى لايتجاوز ست دقائق فى السنة..ما يعنى تدنى القراءة فى عالمنا العربى وبالتالى تدنى مستوى الوعى بالعلم والثقافة أى الهروب من معرفة الحياة..!
وبحسب تقرير اليونسكو، يُترجَم سنوياً فى العالم العربى خُمس ما يُترجَم فى دولة اليونان الصغيرة والحصيلة الكلية لما تُرجم إلى العربية منذ عصر الخليفة العبّاسى المأمون إلى العصر الحالى تقارب الـ 10000 كتاب، وهذا العدد يساوى ما تترجمه إسبانيا فى سنة واحدة وفى النصف الأول من ثمانينيات القرن العشرين، كان متوسط الكتب المترجمة لكل مليون مواطن، على مدى خمس سنوات، هو 4.4 كتاب (أقل من كتاب لكل مليون عربى فى السنة) بينما فى هنغاريا كان الرقم 519 كتاباً لكل مليون، وفى إسبانيا 920 كتاباً لكل مليون..!
وفى تقرير آخر لمؤسسة الفكر العربى ان متوسط قراءة الأوربى نحو 200ساعة سنويا والعربى لايتعدى 6 دقائق..وحسب تقرير اليونسكو لايتجاوز متوسط القراءة الحرة للطفل العربى بضع دقائق فى السنة مقابل 12 الف دقيقة فى العالم الغربى..!
يحزننى كثيرا أننا أمة لاتقرأ..وربما كان هذا سببا وجيها لما نوصف به من فقر وتخلف وأمية. فهل يملك وزراء التربية والتعليم والثقافة والإعلام فى العالم العربى أفكارا يمحون بها هذا الوصمة وبحسن نية افترض أنهم يدركون ألا تقدم للأمم والشعوب التى لا تقرأ، ومحكوم عليها بالعيش فى فقر مادى ومعنوى وان رفلت فى المال الريعى.
والبائس اننا نقيم مهرجانات ومعارض للكتاب وملتقيات أدبية وثقافية..ونسمع عن جوائز مجزية طوال العام، وفى نفس الوقت تداهمنا بلا رحمة ارتفاع نسب الامية وتراجع مناسيب القراءة ونسب توزيع الكتب الجادة..فكل معارض الكتاب تعلن ارتفاعا فى نسب شراء كتب السحر وعذابات القبر وكتب الطبخ والكتب المدرسية..أما الكتب العملية والكتب الجادة فلا عزاء لها ولا قارىء لها..!
فهل مازلنا فى حاجة لبيان أهمية القراءة الجادة فى حياة الأفراد والدول.. أمازلنا لانعلم انه لا تقدم بلا قراءة ولا حياة حقيقة بلا قراءة.. الم نلحظ أن اكثر الدول تخلفا هى اقلها قراءة!..القراءة هى وسيلة العلم والتعلم وفهم الحياة واساس اى نهضة يمكن أن تحرزها الأمم..القراءة تخرجنا من بؤس قبليتنا ومن التعصب الأبله والنظرة المتعالية بلاسبب ولاحكمة..
القراءة مازالت هى الطريق للإبداع وتفريخ المبدعين والمخترعين والأدباء والمفكرين، والأمم القارئة هى الأمم القائدة..ومن يقرأون هم الأحرار لأنهم يملكون المعرفة؛ لأنها المعرفة التى تبخر مياه الجهل والخرافة والتخلف..كأننا نهرب من الحياة ونحيى التخلف والجهل والأمية..!