عاجل جدا

المراوغة الإثيوبية

غادة زين العابدين
غادة زين العابدين

ماذا بعد إصرار إثيوبيا على بدء المرحلة الثانية من ملء السد، بقرار منفرد دون التشاور مع شركائها فى النهر، ماذا بعد تضاؤل فرص الحل الدبلوماسى، واستمرار تصريحات التحدى الإثيوبية المستفزة، وآخرها ما أكده المسئولون الإثيوبيون أنه لا توجد قوة يمكنها تغيير موقف أديس أبابا.
الخيار العسكرى بالتأكيد ليس أفضل الحلول، فالحرب قد تجر المنطقة إلى كوارث لا يتمناها أحد، وقد ظهر للجميع أن واشنطن وأوروبا، ترفضان الحل العسكرى للأزمة، وتميلان إلى حل سياسى تتوافق عليه، كل من القاهرة، والخرطوم، وأديس أبابا، لكن الواضح أيضا أن الاستمرار فى المحادثات هو إهدار للوقت أو بالأصح فرصة لفرض سياسة الأمر الواقع ومنح إثيوبيا فرصة لإتمام عملية الملء، وهو ما قد يقضى على فرصة استخدام الحل العسكرى للأبد، فطبقا لآراء بعض الخبراء، فإن ضرب السد بعد ملئه سيؤدى لتدفق ملايين المترات المكعبة من المياه، عبر النيل الأزرق فى السودان، بما قد يؤدى لتدمير سد الرصيرص السودانى، وإحداث دمار هائل.
والحقيقة أن الجانب المصرى قدم حلولا عديدة توازن بين حقوق كافة الأطراف وتضمن لإثيوبيا توليد الكهرباء دون الإضرار بباقى الشركاء، لكن كل الحلول قوبلت بالرفض بما يعكس وجود نوايا سيئة تهدد حقوق مصر والسودان وتضر بمصالح شعبيهما، كل هذا يؤكد أن إصرار إثيوبيا على فكرة العودة للمفاوضات العقيمة فى قضية سد النهضة، هى مجرد مراوغة منها، هدفها فقط تخفيف الضغوط الإقليمية والدولية على حكومة آبى أحمد مؤقتا، حتى تنتهز الحكومة الإثيوبية الفرصة لتكمل ما بدأت، وترسخ سابقة أن لإثيوبيا الحق فى الملء الثانى بإرادتها المنفردة، وأن يكون لها مطلق الحرية بعد ذلك فى المشروعات المستقبلية، ومنها المائة سد التى أعلن عنها رئيس الوزراء الإثيوبى!!
استمرار المفاوضات بالصورة التى تريدها إثيوبيا هو عبث لا أمل فيه، ويجب على مصر والسودان إعلان رفض أى قدر من الملء إلا إذا تم بعد إبرام اتفاق ملزم بين الأطراف الثلاثة، إلى جانب التأكيد على عدم عودتهما للمفاوضات إلا إذا أوقفت إثيوبيا جميع أنشطتها فى السد.