الممر الملاحى «فيكتوريا - المتوسط» يحوّل مصر مركزاً عالمياً للتجارة

أرشيفية
أرشيفية

بدأ العد التنازلي لتنفيذ الممر الملاحي فيكتوريا - البحر المتوسط  كأكبر  مشروع  اقتصادي شامل تنموي سيعم على دول أفريقيا عامة ومصر بصفة خاصة بالخير ليفتح آفاقاً رحبة للاستثمار في ثروات دول القارة السمراء ويبسط التنمية الشاملة علي كل ربوع الدول الأفريقية الغنية بالثروات ويخرج الدول حبيسة النيل إلي قنوات التواصل مع العالم عبر هذا الممر الملاحي.

 

«الأخبار المسائي» استطلعت آراء الخبراء الاقتصاديين حول المشروع ومكاسبه الاقتصادية والذين أكدوا أن هذا المشروع سيكون إحدى ثمار استراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030 والتي رسخ لها الرئيس السيسي عبر إعداد البنية التحتية لموانئ مصر وممراتها الملاحية لتكون جاهزة لتكون مركزاً تجارياً اقتصادياً تتبادل من خلالها الحركة التجارية البينية بين دول أفريقيا وأوروبا وما يترتب عليه من مكاسب التشغيل للعمالة وتوفير العملات الصعبة وازدهار السياحة وازدهار النقل عبر السكك الحديد والتكنولوجيا وتصدير الكهرباء الفائضة وتوافر الحاصلات الزراعية الأفريقية بأسعار زهيدة للأسواق المصرية.

 

وأوضح الدكتور مدحت الشريف استشاري الاقتصاد السياسى وسياسات الأمن القومى أن ربط بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط لم يكن وليد اليوم إنما كان لجهد مصري كانت خطواته الأولي في العام 2013 حين طرح المشروع من خلال القمة الأفريقية آنذاك وسبقها بحث كبير من خلال مراكز بحثية عن المياه والري ليأتي بعد ذلك البنك الأفريقي للتنمية ليمنح مصر تكاليف عمل دراسات الجدوى لهذا المشروع والذي أثبتته مصر عبر بيوت الخبرة أمدى تحقيق أهداف هذا المشروع التنموي الضخم.

 

وشدد الشريف أن الهدف الحقيقي لهذا الممر الملاحي ليس فقط توفير المياه لدول المصب كمصر والسودان لكن الهدف الأساسي منه هو خلق مجتمع اقتصادي متكامل لدول حوض النيل, لافتاً إلى أن من بين هؤلاء الدول إثيوبيا وهي إحدى الدول حبيسة النيل والتي وقعت على الاتفاقية الأولى التي تنص على البدء في دراسة ما قبل الجدوى, منوهاً إلى أن الدول حبيسة النيل وهي الدول التي لا تملك منافذ أو ممرات ملاحية ومن بينها إثيوبيا ورواندا وجنوب السودان وأوغندا وبوروندي.

 

مشيراً إلى أن الدولتين الأساسيتين في هذا الممر الملاحي ستكون مصر وأوغندا؛ حيث يبدأ وينتهي منهما منوهاً إلى أن هذا المشروع كان في البداية مبادرة رئاسية لتنمية البنية التحتية ويقال عليها «النيباد» وهذا المشروع كان يعود في البداية علي الدول حبيسة النيل ليكون لها صالحاً للملاحة النهرية للاستفادة منها بكل الأوجه الاقتصادية والسياحية وغيرها ونحن في مصر قمنا بعمل مجموعة من المشروعات الملاحية في الفترة السابقة سواء سياحية أو غيرها مما أدى إلى ربط مصر شمالها بجنوبها.

 

وذلك عبر وسائل النقل النهري ولدينا  الكثير من المشروعات التي أنشئت في السنوات الماضية كالقناطر والأهاويس التي تم عملها في أسيوط قناطر أسيوط الجديدة التي كانت أولى خطوات إنشاء الممر الملاحي فيكتوريا - البحر المتوسط وعدد من أهاويسها ونجع حمادي وتم عمل هذه الأهاويس لتسهل عملية النقل النهري عبر الربط بين منسوب المياه المرتفع ومنسوب المياه المنخفض مما يسهل العبور لوسائل النقل النهرية وبشكل عام وتم عمل أيضاً الربط ما بين مصر والسودان من خلال عمل منفذ  نهري بين البلدين.

 

وأشار الشريف إلى أن هناك جدوى كبيرة للمشروع فهي إضافة إلى الربط النهري هناك سيكون لدينا التجارة البينية بيننا وبين دول أفريقيا وتحديدا شرق أفريقيا التي كانت تعد مشكلة التجارة البينية بيننا وبينهم بسبب النقل البحري الذي كان يمر عبر قناة السويس وكانت التكلفة باهظة ومكلفة مما يزيد أسعار البضائع فيكون مبالغاً في أسعارها وغالية.

 

أما الآن ومع هذا النقل النهري المنخفض التكاليف فسوف تكون البضائع أرخص لانخفاض تكلفة النقل النهري أقل كثيرا وفي مصر سوف نستفيد استفادة كبيرة من هذا النقل النهري لا سيما أن هناك منتجات زراعية كالفاكهة الاستوائية وغيرها موجودة في كثير من الدول الأفريقية التي لا تعرف طريقة تسويقها أو نقلها لا سيما أن التجارة البينية بين دول أفريقيا ستكون متبادلة ومكملة فيما بينها فمثلا مصر تمثل سوقاً كبيراً تتصارع دول العالم للتصدير إليها فهي تربو فوق 105 ملايين نسمة ولديها قوة شرائية كبيرة للمحاصيل المتنوعة كالمانجو والباباي وغيرها من المحاصيل الزراعية النادرة إضافة لذلك سيكون لمصر دور كبير في نقل وتخزين هذه السلع والمزروعات والمحاصيل الزراعية الأورجانك، التي لها رواج كبير في الأسواق الأوروبية والغربية لتتم إعادة تصديرها إليهم  عبر الموانئ المصرية  التي تم إعدادها بشكل جيد للتخزين والتصدير بشكل صحيح وهو ما يمثل تجارة كبيرة ستوفر لمصر وللمنطقة الأفريقية استثمارات كبيرة وتوفير العملات الأجنبية. 


وأضاف الشريف أن هذا المشروع التنموي لا يعني أن مصر ستتخلى عن حقوقها التاريخية في مياه نهر النيل التي تمثل 55 مليار متر مكعب لكنها فائدة لكل جميع الدول وزيادة  للموارد لأننا فعلياً لدينا 20 مليار متر مكعب عجز في احتياجاتنا المائية في الوضع الحالي بكل حصيلة المياه في مصر ومن بينها حصتنا في نهر النيل مشدداً على أن كمية المياه التي سيتم تحويلها في الممر الملاحي هي تلك المياه الفائضة من بحيرة فيكتوريا والتي تكونت منها مستنقعات تمثل 8300 كيلو متر مكعب وهي مياه للنيل الأبيض المهدرة بمليارات من المياه العذبة ليتم من خلالها التنمية الشاملة لدول أفريقيا حبيسة النهر وذلك بالتقاء النيلين الأبيض والأزرق بقيادة مصر التي كان لديها مشاريع كثيرة في الثمانينيات منعتها الحروب في المناطق الأفريقية المتاخمة لملتقي نهري النيل الأبيض والأزرق. 


ومن جانبها أشارت دكتورة هدى الملاح مدير المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى إلى أن القارة الأفريقية مليئة بالثروات وهو ما جعلها جاذبة للاستثمارات الأوروبية وهو ما يجعل مشروع عمل ممر ملاحي لبحيرة فيكتوريا لربطه بالبحر المتوسط فرصة كبيرة لمصر للاستثمار مع دول القارة السمراء بدءًاً من الدول الأكثر استقراراً مثل أوغندا وكينيا ورواندا وغينيا وتنزانيا.

 

إضافة لدول حبيسة النهر كجنوب السودان لتكون مصر هي المركز الاقتصادي الذي يربط بين دول القارة الأفريقية ودول أوروبا لتصدير كل منتجاتها الزراعية والمواد الخام وغيرها من مكملات الصناعة التي كانت تستوردها أوروبا من أفريقيا عبر قناة السويس رغم التكلفة العالية لها لافتة إلى أن خطة الممر الملاحي وخطوط السكة الحديد سيربط هذه الدول بالعالم الخارجي ويوفر لهم وسيلة اقتصادية في نقل منتجاتها وبالعكس إيجاد تبادل تجاري مع العالم الخارجي من جهة ومصر من جهة أخرى لافتة إلى أن بحيرة فيكتوريا كانت دائمة الفيضانات في مواسم الأمطار, مما كان يؤثر علي الكثير من الدول كالسودان أما بعد فتح ممر مائي إلي البحر الأبيض فإن هذه الفيضانات ستستوعبها التنمية وستستفيد منها العديد من الدول الحبيسة التي لا تملك ممراً مائياً تنفذ منه إلي العالم لتصدر منتجاتها ومن بينها جنوب السودان التي لديها ثروات نفطية كبيرة ومع وجود الممر الملاحي ستوفر لها منفذاً لتصدير ثرواتها النفطية إلي العالم عبر موانئ مصر التي أعدت لذلك كما أن يحقق هذا المشروع فوائد عديدة أهمها زيادة حصة نهر النيل نتيجة إنشاء قنوات ملاحية.  

اقرأ أيضا| «القومي للحوكمة»: ندوات وتدريبات لتطوير القوى البشرية مع الدول الأفريقية