فشر يا روحى.. إحنا شحاتين يمهل ولا يهمل

بريشة: د. محمود يوسف
بريشة: د. محمود يوسف

حسن سليم

بينما أجلس بجوار أمى أبغض ما تشاهده من فيلم أبيض وأسود وأزيد من «تكشيرتى ونفخى» لعلها تستجيب وتغير القناة التى لا أتذكرها الآن، التفت لما يعرض وكان لقاء كرة قدم ع البحر فانتبهت خاصة مع معلق يلعب دوره ممثل شاب يقول وسط حديثه: أما إذا كنت تشاهد التلفزيون «فمش هتشوف حاجة لأن الماتش مش مذاع» فضحكت وقالت لى أمى وسط ضحكها.. الآن تضحك ؟ّ!.

مرت شهور وربما سنوات لكنى مازلت صغيرا اجتمعت العائلة حول التلفاز فى ليلة جمعة كان بطلها مسعودي، وتعالت «قهقهتنا» حتى من أبى الذى كان يختم ضحكته طوال أكثر من 3 ساعات بقول: «يا جماعة ميصحش كدة فى ناس نايمة..

وأرد بطفولة وفى ناس صاحية»، وهنا أخبرتنى أمى أن مسعودى الذى يضحكنا هو نفسه معلق مباراة الزواج على الطريقة الحديثة.

وفى 2017 أثناء «عزومة رمضانية» وقتها نشب خلاف بين صديقى وزوجته أثناء مشاهدتنا مسلسل فى اللالالاند، احتد الحديث بينهما وجلست لا أدرى ماذا أفعل أتدخل للتهدئة أم سيكون الأمر محرجا للطرفين، أتجاهل وأنظر أمامي، أيهما أقل إحراجا لى ولهما، اخترت الحل الثانى وشاهدت التلفاز لعلهما ينتبهان أنه وقت غير مناسب للخلاف، أما أنا فوقعت فريسة للنجم الراحل سمير غانم، الذى راح يرمى بافيهاته المرتجلة لتنطلق منى ضحكة دون إرادة وسط جو مشحون فالتفتا لى وفى عينيهما كل عبارات الاستهجان كأنهما يقولا: «خلى عندك دم يا أخى».

وبعد اعلان هدنة مؤقتة لم تصمد أكثر من دقائق رسم الراحل البسمة على وجهيهما فكانت افيهاته طريقا سهلة لتجاوز الخلاف.

وهنا ربطت كل المواقف معا وأدركت أنى لم أنتبه أنى دوما كنت أمام صانع بهجة من طراز فريد، يحل العقد بالبسمة ويذيل الخلافات بالإيفيه، وأن ذلك الضوء المبهج الذى أسس ثلاثى أضواء المسرح كان نفسه مسعودى بجاكيتته التى حاول يلمها فضربت منه البنطلون، وملعقته الخشبية التى يتذوق بها ملوخية لينا ثم يسألها: «دى من كتاب أبلة نظيرة»!، فترد: «من صفحة الملوخية كلمة كلمة».. فيتابع دى مش صفحة الملوخية دى صفحة الوفيات يا لينا.

ذلك الرجل الكبير هو نفسه صاحب البذلة الخضراء والحذاء الأصفر الضخم محبوب الصغار «فطوطة».

فإذا كنت مٌقبلا على الزواج ستتذكره وهو يقول لجورج سيدهم: «وماله اتجوز أنا ليا واحد صاحبى اتجوز 3 سنين واستحمل.. 3 سنين.. متهزش.. بس جاله تخلف عقلى واتجنن».

وإذ كنت ترتدى ملابسك تلقائيا ستهبط على رأسك مقولة: «أظبط البنطلون الجاكته تضرب، وأما إن كنت تهادى ستتبعها لزاما بجملة هدية حبنا على وزن «قلة حبنا»، أو «فجل حبنا»، أما إذا كنت مفلس سيحضر أيضًا بحواره: وماله أنت عايز فلوس.. قولى متتكسفش.. مسعود أنا عايز فلوس.. وأنا كمان عايز ايه المشكلة يعنى.. نشوف حد يدينا إحنا الاتنين.

رحل النجم سميرغانم فطوطة وميزو ومسعودى تاركا تراث بهجة وضحكة غير تقليدية، ليثبت أن هناك إنسانا من الممكن أن يعيش 84 عاما دون أن يكون له مشكلة مع أحد، حتى خبر وفاته استقبله الكثيرون ببسمة رضا غريبة وإن كانت مثقلة بحزن دفين.

ختاما إن كانت الورود لغة الحب، والبسمة لغة السعادة، فسمير غانم لغة البهجة الحقيقية.. المبدع لا يموت.