أيقونة متلازمة داون.. «سما» من أفضل 50 شخصية مؤثرة وأول ملكة جمال تحلم بالدمج

سما رامي أحمد
سما رامي أحمد

«لن اكتفى بما حققته من تغير مسمى البلة المغولى فى مناهج وزارة التربية والتعليم ولكن أسعى لتحقيق أحلامى كلها ومنها  أغير  فى المجتمع ونظرته لذوى الإعاقة للأفضل والأحسن».


هذا ما بدأت به حديثها سما رامى أحمد 19 سنة أيقونة الأشخاص ذوى الإعاقة وخاصة أقرانها من  متلازمة داون فهى أول طالبة تلتحق بكلية النقل واللوجيستيات بالأكاديمية العربية لتكنولوجيا العلوم والنقل البحري وأول سفيرة للنوايا الحسنة من داون سيندروم ومن أهم 50 شخصية نسائية مؤثرة فى المجتمع وأحدثت به تغييراً وفازت بلقب ملكة الجمال عام 2018 بجانب أنها لاعبة سباحة وكرة سلة وأيروبكس.


أضافت أنها طالبة فى معهد البالية فى الفرقة الرابعة وتعمل الآن مع والدها المدير المالى فى أحد شركات الشحن وهو ما يثقلها خبرة كبيرة فى معترك الحياة ومجال الدراسة أيضاً وأنها سعت جاهدة لتغير الصورة السلبية والألفاظ المسيئة للأشخاص ذوى الإعاقة فى أحد كتب السنة النهائية لقسم علم النفس بإحدى الجامعات وقدمت شكوى لوزارة التعليم العالى ومجلس النواب قائلة: «إحنا بنتعامل وحش أوى فى الشارع وبيتم التهكم والتنمر علينا والإساءة لنا بسبب ما يقدم فى مناهج التربية والتعليم أو الجامعات عن الأشخاص ذوى الإعاقة وكل ده لازم يتغير».


 وأردفت بحماس وقوة تغلفها العزيمة والإصرار فى نبرات صوتها وكلماتها «لن يهدأ لى بال حتى أعمل على تغير كل ما يسيئ لنا بدءاً من المناهج وكما تفاعلت معى وزارة التربية والتعليم وغيرت لفظ البلة المغولى فى كتاب الاحياء بالصف الأول الثانوى، وقامت وزارة التعليم العالى بحذف ما تتضمنه كتاب علم النفس من التقليل من شأننا أو الاستهزاء بنا  وقد قمت بتقديم مبادرة لتغير مصطلح قانون ذوى الإعاقة وكلماته فى بنود مواده إلى قانون حقوق أصحاب الهمم مع تغيير الاسم فى كل الوزارات والمصالح ومروراً ببعض الكلمات والتعبيرات والألفاظ التى توحى بنظرة استهزاء وسخرية أو تنمر فى بعض الأماكن أو ما ينطقه ويتداوله العامة».


وقاطعتنى عندما ألمحت لها بقولى هذا مسمى عالمى ومصر موقعة على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة ببنودها ومنها المسمى قائلة: دول العالم تحترم المختلف فيها أما فى منطقتنا للأسف نعانى من الإساءة لنا وخاصة فى بعض الأعمال الدرامية وماذا يضير الآخرين من تغيير مسمى يخصنا ومستكملة بعزم ويقين سيقضى على أمور سلبية كثيرة فى مضمار حياتنا. 


وإذا بى ألمح نظرات فخر وإعجاب واعتزاز من سوزان طلعت والدة سما قائلة: كريمتى يكمن بداخلها إصرار عجيب على التطلع للأفضل لها ولأقرانها ومرت عليها وعلينا أحداث جسام وعصيبة ولكن تزداد سما  تحدياً على النجاح وعلى سبيل المثال ففى أحد الفاعليات التى سيتم تكريمها فيها كنا مدعوين وسط كوكبة من العلماء والأطباء وأساتذة الجامعة ونجلس بينهم على  نفس المائدة ولم يهتم بها من يجاورها الجلوس وهو عالم كبير وعندما حان دورها للتكريم وتم إعلان سيرتها الشخصية وجدت إقبال غير عادى وانبهار بها والكل يتسابق للحديث معها ودعوتها لفاعليات أخرى وكأنها سحبت البساط من تحت أقدام لجميع والسؤال المتكرر منهم «أنت وصلت لكده إزاى» ولذلك أصبح شغلها الشاغل هو حركة تغيير واسعة بين عقول الناس لتقبل الآخر وأن يكون دمج أولادنا فى المجتمع كعلاقة طردية وتبادلية بين المجتمع وذوى الإعاقة. 


وليس سعى طرف واحد فى المعادلة فقط وأن الدمج الحقيقى لابد وأن يشارك فيه الجميع بدءاً من أولياء الأمور عندما يوجهون أبنائهم بقبول الآخر والمختلف عن أنجالهم وأن تكون مؤسسات الدولة والمجتمع متقبلة وجود أبنائنا ومشاركتهم بصورة فعلية فى البناء والتقدم. 


هل لك أن تتخيل - والكلام ما زال على لسان والدة سما - أن كريمتى التحقت فى البداية بكلية الآداب جامعة القاهرة وحدث أكثر من موقف غير جيد لـ«سما» وإن كان أقل موقف فيهم أن إحدى الموظفات قالت للطلبة من ذوى الإعاقة (احمدوا ربنا إنكم هنا فى الجامعة) عندما هموا بالسؤال عن السبب فى تحويلهم من انتظام إلى انتساب وتقليص عدد أيام حضورهم للجامعة.

 
وقررت سما عدم الذهاب للجامعة مرة أخرى وتشاء الأقدار أن تحصل على منحة من الأكاديمية البحرية وفى أول يوم حضور لها وهى وسط زملائها الطلاب إذا بدكتور أثناء المحاضرة يقول لهم (لكم الفخر يا طلبة أن سما رامى بينكم) لا تتخيل مدى الحالة المعنوية الجيدة والطيبة التى كانت عليها والمعاونة والتعامل غير العادى والجيد معها من أول الطلاب ومروراً بالعاملين وهيئة التدريس والإدارة. 


وتضيف سوزان أن سما لها اهتمامات فنية وتحلم بدخول مجال التمثيل وكانت أول مغنية من متلازمة داون، وقامت بعمل أغنية مع زملائها خالد عمار وهديل عن حقوق ذوى الإعاقة فى فاعليات ملتقى أولادنا، وقامت اليونيسيف بأخذ الأغنية ونشرها بلغات عدة، كما أنها حصلت على شهادات تقدير لأعمالها العديدة فاشتركت مع بلاك تيما وتم ترشيحها للمشاركة مع المخرج الكبير خالد جلال وانضمامها لورشة الهناجر، كما أن إحدى المجلات التونسية أخذت سما صورة غلاف أحد إعدادها بجانب أنها تمت دعوتها لحضور فاعليات منتدى شباب العالم وهى أول داون سيندروم تحضر الفاعليات فى إحدى الدورات التى تم عقدها وأول سفيرة نوايا حسنة لذوى الإعاقة من أحد المنظمات الأمريكية. 


 ووجهت سوزان نداءً لأولياء أمور متلازمة داون وكل الإعاقات بقولها (افرحوا بشكل أولادكم ومش تخبوهم أو تخبوا وشوشهم أو تحبطوا من كلام حد أو معاملة سيئة من شخص يجهل قيمة أولادكم )، مضيفة أن هناك  بعض العقبات التى تصادف أبنائنا وأولها التعليم قائلة: "تخيل حينما تنتظر ست سنوات كاملة وتذهب مع نجلك لتقديم أوراقه للالتحاق بالمدرسة ومن قبل الدخول لباب المدرسة تجد الكل مترقبك ما بين نظرات شفقة وعطف واستهجان والأسوأ الكلمة المتفق عليها ابنك ليس له مكان عندنا علشان إعاقته والأولاد وأولياء أمورهم مش هيقبلوا بوجود ابنك وسطهم وفى تلك الحالة عليك أن تختار لابنك مدارس تأهيل مهنى أو مدارس دولية أو خاصة (وانت ونصيبك بقى) والكل لا يعى اننا ننحت فى  الصخر منذ مولد أبنائنا حتى نجعلهم  مؤهلين للالتحاق بالمدارس ونعمل حساب هذا اليوم من سنوات قبله هذا حالنا جميعاً ورسالتى علموا أولادكم قبول الآخر حتى نرتقى سوياً".


وأشارت إلى أن الحديث الشاغل الآن لسما وبحكم مرحلتها العمرية هى ما تراه بين العديد من المحيطين بها وحالة الارتباط بين من هم فى سنها وتسألنى هو أنا ليه مش مرتبطة زيهم وهى تقصد (اشمعنى هى اللى مش مرتبطة مثل غيرها، هل لإعاقتها أم آن الأوان لم يأت بعد) وهو سؤال من جملة أسئلة تبين أنها تنظر للمجتمع بمدى وجود ذوى الإعاقة فيه وقدرتهم على إحداث تغير به. 

اقرأ أيضا| بتكلفة 2.5 مليار وطاقة إنتاجية 1000 ماكينة بالعام.. تأسيس «أم المصانع» في مصر