الفقر وكثرة الإنجاب.. حكاية ضحيتها 5 أطفال وسيدة

المستشار سيد عبد العزيز تونى
المستشار سيد عبد العزيز تونى

رجل ريفى فى العقد الخامس من العمر استبدت به الفاقة والحاجة إلى هجر قريته ونزح إلى القاهرة يلتمس فيها سعة فى الرزق، وأخذ يتقلب فى أعمال يومية يدوية إلى أن التقى بمنى مصطفى محمد إبراهيم، وهى سيدة مطلقة ولديها طفل من زواجها السابق ولضيق العيش اتخذا لسنوات عدة من حجرة مهجورة بالنادي الثقافي المهجور بالحي السادس فى مدينة نصر مقرًا لإقامتهما رغم خلوها من ضرورات الحياة من مياه وكهرباء.

وفى خلال تلك السنوات أنجبا 4 أبناء – بنتين وولدين – أكبرهم عمرًا 7 سنوات وأصغرهم 8 أشهر، عانوا جميعهم من شظف العيش وشح الرزق لأبيهم عامل اليومية فأصابتهم الأمراض المزمنة وسوء التغذية بالإضافة لسوء معاملة والدهم الذى اعتاد التعدى عليهم لأتفه الأسباب واستغلالهم وسيلة لاستجداء المارة بالطرقات والحدائق، فكانوا يقضون بها جل نهارهم وحين يرخى الليل سدوله يأوون إلى كهفهم بتلك الحجرة المهجورة يتدثرون بأثمال بالية لا تحميهم من برد الشتاء القارس الطويل وهجير الصيف الملتهب، ومن حين لآخر كانت تمتد إليهم يد العطف من ذوى القلوب الرحيمة.

أقرأ أيضاالعثور على جثة مسن في حالة تعفن بالمحلة

وفى أحد الأيام قام الرجل بطرد زوجته وابنه الرضيع «نور» وابنه من زوجته «عمر» بالطريق العام واستبقى معه ابنتيه «هانم» ذات الست سنوات و«قمر» ذات الأربع سنوات وابنه «حسن» ذى السبع سنوات، لاستغلالهم فى استجداء المارة، وفى نهار ذلك اليوم استيقظ من نومه متأخرًا عند الظهيرة، فأخذ فى تعنيف أبنائه وأمسك بعصا خشبية وانهال بها ضربا بقسوة وعنف على ابنته المجنى عليها فأحدث بها إصابات بمواضع متعددة من جسدها، ولم يكتفى بذلك واصطحبها وشقيقها «حسن» لقطعة أرض مهجورة وتركهما لمصير مجهول دون طعام أو شراب معرضًا حياتهما للخطر.

تم القبض على الزوج وأحالته النيابة العامة بـ4 اتهامات لمحكمة جنايات القاهرة، بعدما اعترف بارتكابه جريمتى التعدى على طفلته بالضرب وتركها بمكان مهجور، وأمام هيئة المحكمة برئاسة المستشار سيد عبد العزيز تونى رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين بولس رفعت رمزى وأيمن عبد الرازق الرئيسين بمحكمة استئناف القاهرة، وبحضور محمود مصطفى الجيزاوى وكيل النيابة وأمانة سر ممدوح غريب، وقف الزوج مرتديًا ملابس الحبس الاحتياطى البيضاء مطأطأ الرأس معترفًا بجريمته، وأثبتت شهادات الشهود والتقارير الطبية فعلته، ونظرًا لأن الجرائم التى ارتكبها وقعت منه لغرض إجرامى واحد ومن ثم تأخذه المحكمة بالعقوبة المقررة لأشدها، ونظرًا لظروف الدعوى وملابساتها ولعل الأب يثوب إلى رشده قضت بمعاقبته بالحبس مع الشغل سنة واحدة.

وناشدت المحكمة في نص حكمها أجهزة الدولة المعنية وذوى القلوب الرحيمة وهم كثر فى هذا البلد الطيب – على حد وصف المحكمة –على توفير تلك الرعاية الدائمة لهذه الأسرة المنكوبة وأمثالها العديد من الأسر يعيشون بين ظهرانينا ونحن عنهم غافلون ويأبى الضمير الإنساني بطبيعته أن يرى مثل هذه الأسر تعانى شظف العيش ومحرومة من الحد الأدنى من الحياة الكريمة رغم ما بذله ويبذله رأس الدولة ومؤسساتها الرسمية والمدنية من جهود ملموسة لإعانتهم وتحسين ظروف معيشتهم ووضعهم على رأس أولوياتها حماية لهم وللمجتمع من أن يضلوا السبيل.